المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا لو شملت عقوبة الإعفاء من المهام كل المقصرين ؟


سعيد الكحل
05-07-2009, 10:13 PM
إن دولة القانون بقدر ما هي دولة الحقوق هي بالضرورة دولة الواجبات والمحاسبة القانونية وفق تشريعات واضحة ومضبوطة تسمو فوق جميع المواطنين وتعاملهم على قدم المساواة . وباعتبار المغرب دولة تريد أن تكون دولة الحق والقانون ، فإنها ملزمة باحترام الأسس والقيم كما هي متعارف عليها كونيا ، وفي مقدمتها إسناد المسئولية في إدارة الشأن العام لذوي الكفاءات والقطع مع أساليب الزبونية والمحسوبية التي تحول حتما دون المحاسبة ، ومن ثم تشل الفاعلية وتعطل القوانين ، فتضيع بالتالي حقوق المواطنين ومصالح الوطن . إن وضعية الامتيازات والتسامي على القانون والإفلات من المحاسبة ومن العقاب تخلق مناطق نفوذ عبارة عن محميات لا تسري عليها نظم الدولة وقوانينها . وتتناسل هذه المحميات لتشمل مختلف القطاعات الحكومية أساسا ومصالحها الخارجية والمؤسسات الخاضعة لها ضمن نفوذها الترابي . وهذه المحميات ومناطق النفوذ هي التي تشكل فعلا جيوب مقاومة التغيير والإصلاح . وبسبب ذلك طالت فترة ما يسمى بـ"الانتقال الديمقراطي" حتى باتت "أزمة بنيوية" بحاجة إلى مخطط هيكلي لوقف تمددها والتطبيع معها واستمرائها. ولعل الزيارات الملكية للمدن والقرى بمختلف الأقاليم تضع كل المسئولين من الوزير الأول وإلى أدنى موظف أمام سؤال المواطنة والواجب المهني . كل هؤلاء لا تسري في أوصالهم ديناميكية التحرك خارج مكاتبهم إلا حين الإعلان عن موعد مرتقب للزيارة الملكية لمناطق تواجدهم . إلا أن تحركاتهم هذه لا تعود عادة بالنفع على عموم المناطق المستهدفة ، بدليل أن الإصلاحات المرتجلة التي تشمل واجهة المدن والطرق المتوقع مرور الموكب الملكي عبرها ، سرعان ما يطالها التخريب والإهمال لهشاشتها ومغشوشيتها ، لأن الغاية من إنجازها لا تروم رفع المشقة عن المواطنين وتيسير ظروف العيش والتنقل ، بقدر ما تتوخى خداع الملك أولا والالتفاف على التعليمات والتملص من المسئوليات ثانيا . وهذا حال عامل إقليم خنيفرة، المهندس أحمد شويحات الذي لم يكلف نفسه التنسيق بين المصالح الخارجية للوزارات وحثها على وضع برامج تنموية تهم الإقليم وتخفف عن سكان القرى والمداشر النائية معاناتهم وتفك عنهم عزلتهم . وبسبب هذا التقصير أو الإخلال بالواجب المهني والمسئولية الأخلاقية تجاه الوطن والمواطنين الذين ينبغي أن تكون خدمتهم غاية كل مسئول مهما دنت أو علت رتبته الإدارية ، بسبب ذلك حدثت وتحدث فواجع وكوارث لا تهز ضمير كثير من هؤلاء المسئولين ، سواء كانوا أعضاء في الحكومة أو مسئولين مباشرين عن المصالح الخارجية للوزارات . ولنأخذ في هذا الإطار نموذجين . الأول يتعلق بزلزال الحسيمة وكيف اختار المسئولون الحكوميون ومن يمثلون المصالح الخارجية للوزارات الانزواء في مكاتبهم المكيفة دون أن يكلفوا أنفسهم "مشقة" السهر على عمليات الإنقاذ وتوزيع المؤن والأغطية والخيام على المنكوبين . ولولى التواجد الملكي بالقرب من الضحايا لكانت الكارثة أعظم ، ليس فقط بسبب تباطؤ عمليات الإنقاذ ، ولكن أيضا بسبب النهب الذي طال المساعدات . ولازال عدد من الضحايا يعانون الكارثة ولو بعد مرور أربع سنوات ونيف عنها . أما النموذج الثاني فيخص مأساة "أنافكو" ـ القرية النائية والمعزولة بالجماعة القروية أنمزي التابعة لإقليم خنيفرة ـ والتي أودت بحياة عشرات الأطفال بفعل قساوة الطقس وفاقة الأهل . إذ لم تتدخل الحكومة لرصد المساعدات الاستعجالية وحصر الحاجيات الضرورية . وكان الأجدر بعامل الإقليم أن يتحرك ، في إطار اختصاصاته باعتباره يمثل السلطة الوصية على المجالس المحلية المنتخبة ، بهدف رصد وإعادة ببرمجة الفائض المالي لهذه الجماعة والذي يقدر بثمانية ملايين درهم ، حسب ما صرح به كاتب فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالمنطقة لجريدة " أوجوردوي لو ماروك ، لفك العزلة عن القرية ودفع المصالح الخارجية للوزارات إلى التنسيق فيما بينها لوضع برامج استعجالية تهم المنطقة . ورغم المأساة التي حدثت والمخاطر الحقيقية التي تتهدد السكان ، لا زالت قرية أنافكو تعاني العزلة المطلقة . والمثال عينه يسري على مختلف المناطق بسبب غياب المحاسبة . ولطالما تذرع المسئولون الإداريون والمنتخبون بضعف الإمكانات المادية ومحدوديتها ، إلا أن هذا السبب ليس هو المعطل المباشر والوحيد لعملية التنمية ، وإن في حدودها الدنيا . ويكفي أن نجري عملية جمع بسيطة للمبالغ المالية التي يرصدها كل مجلس بلدي أو قروي للوقود وقطع الغيار والاحتفالات واستقبال الضيوف وتنقل الأعضاء ومحاربة الكلاب الضالة والحشرات والفئران ، لندرك حجم التبذير الذي ينخر ميزانيات المجالس المنتخبة دون أن تتحرك الجهات الوصية لوقف النزيف . أمام هذا الداء العضال الذي يصيب جسم المجتمع ومفاصل الدولة ، لا يمكن الاكتفاء بالإجراءات الإدارية ذات الأثر المحدود ، بل الأمر يستدعي إخضاع كل مسئول للمحاسبة الدقيقة ، ومن ثم المعاقبة على قدر التقصير أو الإفساد . فهل أعضاء الحكومة والبرلمان بغرفتيه على قناعة واستعداد لتعميم مسطرة المحاسبة وتفعيل العقاب على جميع المسئولين ؟ بالتأكيد لا وألف لا . ولا أدل على هذا المساطر والشروط التعجيزية التي وضعها البرلمان والمستشارون ووافقوا عليها فيما يتعلق بمحاكمة الوزراء . إننا أمام حصانة مطلقة لهذه العينة من السوبر مواطنين الذين ما تحملوا مسؤولية إدارة الشأن العام إلا لأهداف ليس من ضمنها تكريس المساواة أما القانون وتعميم مسطرة الحساب وقانون العقاب . وبذلك تكون الحكومة والبرلمان أول عقبة وأخطرها في مسلسل الانتقال الديمقراطي الذي لن تنتهي حلقاته ولن يصل نهايته ليدخل المغرب فعلا مرحل الديمقراطية ودولة الحق القانون . لهذا فإن أولى مداخل الديمقراطية وأوكدها هي المساواة في المواطنة والخضوع للقانون . وإذا ما تم هذا فعلا وواقعا فإن الانتهازيين والفاسدين والنخاسين سيتخلون عن "التنافس" الشرس على احتلال المناصب واحتكار إدارة الشأن العام محليا ، إقليما ووطنيا . فدولة الحق لا تقوم إلا على سلطة القانون التي لا مجال فيها للإفلات من المحاسبة والعقاب .

جـوهرة 99
05-08-2009, 01:49 AM
كما واعدت بالعودة للموضوع

واقعنا اخي عكس امنياتنا في جعل الديمقراطية تسود بلداننا ويكون العدل سواسية للكل لا يعرف محسوبية ولا رشوة ولا معرفة لمسؤول
ولكن ماذا نفعل عندنا نجد بعض القضاة والمسؤولين اكبر المرتشين بالله اخي كيف ستتحقق هذه الموازنة وسنطمع ونطمح لنكون دولة الحق والقانون والديموقراطية

شكرا سيدي على هذا العرض والواقع الامر الذي نلمسه في حياتنا خلال مجتمعاتنا العربية بكل اسى واسف

ننتظر منك المزيد من التواصل


اختكم جوهرة

محمد عصام
05-08-2009, 08:29 PM
اولا مرحبا بك اخي سعيد الكحل كقلم بارز بيننا

اخي الفاضل سعيد عشنا ونعيش هذه الامور منذ زمن وفي كل الاوطان اظن وفي جميع الدول توجد الرشاوي والزبونية في مختلف المجالات لكنها تختلف من الدول النامية التي تعترف بحقوق المواطن على عكسها عندنا لتعطي للحكومة المثمتلة في الوزراء والبرلمان وكل مسؤول حق الاستنفاع من لقبه ومرتبته بمختلف الطرق بدون محاسبة
نجد الكثير من القطاعات التي تعمل على الاصلاح تعمل بجهد وبمبادئ الخدمة والعمل ولكن امامها نجد من تعمل لكن بمقابل
سؤالي هو كيف سنستمر في هذه المعالملات وكيف يمكن توقيفها ورفضها والى من نلجأ ؟

ففي غياب عدم المساواة في الاحكام والقانون لن نصل الى شيء وسنبقى في هذا المسلسل من الضياع الاداري والحكمومي

شكرا اخي على هذا المقال السياسي القيم

في انتظار الجديد لك اغلى الاماني



محمد عصام

كوثر 56
05-08-2009, 10:43 PM
الكل يسعى الى مغرب تسوده الديموقراطية تسوده الحقوق والواجبات ومحاسبة النفس قبل محاسبة الغير ومن هذا الباب يجب الالتزام باحترام الاسس لكن مع الاسف اختراق هذه الاسس اصبح مختلطا مع دم كل مغربي يجري في عروقه جريان السيول بين المحسوبية والزبونية وحب التملك والسيطرة بدون ضمير . فكيف لا ومن يتولى المسؤولية يكون متعطشا الى الكسب وتكديس الاموال عبر البنوك الداخلية والخارجية مع استغلال السلطة في النهب والسيطرة على الممتلكات وكأن المغرب بما فيه ملكا له . ولا ننسى استغلال النفوذ في كل الخرقات معنوية كانت او مادية مما جعل المغرب يعرف تقسيمات متوازية طبقة عليا ودنيا دون غيرها . والعمل على المزيد من السحق والطحن والقمع لطبقات كانت ولا تزال وستبقى مهمشة او عديمة التواجد
سيدي اذا نظرنا الى التغيير فنجده يتراجع الف خطوات الى الوراء لما لهذه الطبقة المتسلطة بحكم المسؤولين من افكار رجعية انانية تملكية لا تعتبر الوطن جزء لا يتجزأ من تفكيرها ومعتقداتها ونواياها وحتى احلامها . وكيف لا والطبقة العليا اخدت لنفسها حق التسلط والتفنن في التسيير بما يروق لها ضاربة عبر الحائط ما تبقى من بني آدم الذي يعتبر مواطنا دخيلا ولا قيمة له. هذا الاخير الذي يتحدث عن المحاسبة وهو لا يملك حتى حق التلفظ او النطق لان لسانه قدر خرس من جدوره وعقله شل نهائيا.
نحن يا اخي نعيش احباطات الطبقة العليا لصلابة مكانتها مقابل هشاشة مكانتنا
ونعيش الاقوال لا الافعال ونعيش الزيف والاكراهات بكل انواعها والتملص بكل الاشكال فعند أي حادث لا يتضرر منه الا ذاك المسكين الذي لا حول له ولا قوة ليزيد من توسيع مكتسبات النوع الثاني
سيدي اذا نظرنا الى المحاسبة فسنجد انفسنا نتحدث عن معظلة اكبر ما دام الانسان لا يستطيع ان يحاسب نفسه اولا وكيف لا ونحن نجد ان من هم في حقل العدالة يتعاملون بنفس طريقة المحسوبية والزبونية والرشاوى مقابل احكام ضد المباديء وبعيدة عن الضمير
وكيف سيحاسب من يملك السيطرة التامة ؟؟؟
وهل سيغمر الاعفاء اغلب المسؤولين او نقول كلهم لانهم مقصرين ؟؟؟
واذا شملهم هذا الاعفاء هل من سيخلفونهم لن تكون لهم نفس الاحلام والتطلعات السلطوية القمعية الاستفزازية؟؟؟
هل سنجد من يكون قلبه على وطنه بحسن نية وتصرف ويرضى بمستواه؟؟؟؟
هل اصحاب النفوذ سيحاسبون امثالهم ام من يفكر في المحاسبة من الضعفاء يستطيعون فعل شيء؟؟؟
اذن من سيحاسب من ؟؟؟؟
فعلى كل فرد ان يعرف ماله وما عليه قبل ان يسترسل في المحاسبة لان هذه الاخيرة اصعب من ان تطبق في جو تسوده الآنا المطلقة والابتعاد عن الاخلاقيات ليبقى المتضرر دائما هو ذاك الانسان الذي يطمح في التوازن والعتق من حبل الفقر والحاجة
شكرا اخي سعيد على هذا الطرح الذي اتاح لنا فرصة النقاش
تحيتي

كوثر 56

مازن المصرى
05-10-2009, 08:33 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الاخ الفاضل / سعيد الكحل

للاسف سيدى أنها سلبيات تسود المجتمع العربى

بكاملة وليس المغرب الشقيق فقط

يتحدثون عن الديمقراطية وهم أبعد من الديمقراطية

يتحدثون عن القانون .. القانون الذى يخدم مصالحهم

القانون فى نظرهم .. على الضعيف والغلبان بدون نفوذ

أنة سرطان أستئصل فى نفوس الضعفاء ممن يمتلكون ذمام الامور

بالدول العربية .. فأين أدمية الانسان العربى وأين حقة فى التعبير

ياريت عجلة الزمان ترجع للخلف

ويأتى عمر بن الخطاب

شكرا لك سيدى على الطرح

تحياتى

مازن المصرى

سر السحاب
05-13-2009, 02:43 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بداية أرحب بك أخي الفاضل سعيد الكحل وأرجو لك قضاء وقت مفيد وممتع بين إخوتك وإخوانك ونشكر لك مشاركتك القيمة

ثانياً هذه المسألة أخي تحدث في مجتمعاتنا العربية عموماً
ونحن نأمل أن يكون القانون في صالح العامة ولمصلحة البلاد

ربما يأتي يوم ويرجع فيه زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
فيسود العدل والسلام وهذا ليس على الله بعزيز

بانتظار مزيداً من تواصلك القيم بارك الله بك

ولك مني السلام والتقدير

فارس
05-15-2009, 09:35 AM
شكرآ لك أخي الكريم
سعيد الكحل
موضوع قيم وعرض ممتاز
يمس كل إنسان في مجتمعاتنا العربية
والحل قد ذكرتة في موضوعك أخي وهو

إن أولى مداخل الديمقراطية وأوكدها هي المساواة في المواطنة والخضوع للقانون . وإذا ما تم هذا فعلا وواقعا فإن الانتهازيين والفاسدين والنخاسين سيتخلون عن "التنافس" الشرس على احتلال المناصب واحتكار إدارة الشأن العام محليا ، إقليما ووطنيا . فدولة الحق لا تقوم إلا على سلطة القانون التي لا مجال فيها للإفلات من المحاسبة والعقاب .
شكرآ مرة أخري أخي الكريم علي العرض الرائع
تقبل تحياتي
فارس

فيحاء
05-29-2009, 09:15 PM
ما شاء الله اخي سعيد لكحل على هذا العرض القيم
حياتنا تملئها كل الوان الحقد والشر والعدوانية والانانية لاننا ابتعدنا عن الدين واصوله
شكرا على هذا العرض الجميل


مزيدا من تقديمك لكل جديد


فيحاء