حسم الرئيس الأمريكي جورج بوش مصير احتلال بلاده للعراق، فألقى بمسؤولية تحديد مستقبل وعدد جيشه الذي مات أكثر من 3700 من عناصره في هذا المستنقع منذ 2003، على كاهل الرئيس المقبل للولايات المتّحدة الذي سيُنتَخَب بعد قرابة عام ونصف عام. وكشف بوش في خطابه عن أنه أمَر كبير جنرالاته في العراق دايفيد بيترايوس بسحب نحو 20 ألف جندي من أرض المعركة في غضون عام، وقال بصراحة إنه لن يتّخذ قراراً بانسحاب كبير لقواته خلال الفترة الباقية له في رئاسة البلاد. ورأى السناتور الديموقراطي جاك ريد أنه «مرة جديدة يخيّب الرئيس آمالنا، ويخفق في عرض خطّة لإنهاء الحرب أو حجج مقنعة لمواصلتها»، بينما اتّهم زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد الرئيس بـ«إهدار ما بقي من ولايته في استراتيجية فاشلة» في العراق. كما نعت الرئيس الديموقراطي للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، جوزف بيدن، المرشح للرئاسة، خطاب بوش بأنه «معيب» و«غريب». وبعد ساعات من إلقاء بوش خطابه، أعلن جيش الاحتلال الأمريكي في العراق، مقتل 4 من جنوده في محافظة ديالى. وكما كان متوقّعاً، أعلن الرئيس جورج بوش تبنّيه لتوصيات رجليه القويين في العراق، قائد قوات الاحتلال الجنرال دايفيد بيترايوس وسفيره لدى بغداد ريان كروكر، بسحب عدد محدود من جنوده من بلاد الرافدين بحلول شهر يوليوز المقبل. وحاول البيت الأبيض تحقيق ما عجز عنه كلام بوش لإقناع المعارضين لاستراتيجيته الحربية، فوزع تقريراً رسمياً جديداً يفيد أنّ الحكومة العراقية حقّقت 9 أهداف من أصل 18 سبق أن وضعها الكونغرس لها. وأشار التقرير، الذي نُشر مرفقاً ببيان صادر عن المتحدّث باسم البيت الأبيض طوني سنو، أنّ حكومة نوري المالكي استطاعت منذ تموز الماضي، أن تخطو جدّياً في مجال المصالحة الوطنية «من خلال اتفاق زعماء البلاد من جميع الطوائف على تعديل قانون اجتثاث البعث»، في إشارة الى الاتفاق الخماسي الذي وقّعه زعماء العراق قبل نحو شهر في بغداد. لكن وزارة الخارجية الأمريكية اعترفت، من جهتها، في تقريرها الرسمي السنوي الذي تصدره عن الحريات الدينية في العالم، بأنّ العراق سجّل تراجعاً كبيراً من ناحية احترام حقوق الطوائف الدينية في ممارسة شعائرها بسبب المجازر الطائفية اليومية. وقال بوش، في خطاب نقلته شبكات التلفزة الرئيسية، إنه أمر بسحب 5700 جندي من العراق بحلول نهاية العام الجاري، وإنه سيعقب ذلك انسحاب تدريجي لـ15 لواءً مقاتلاً من أصل 20 حتى صيف 2008. علماً بأنّ عدد جنود اللواء العسكري الواحد يبلغ نحو أربعة آلاف جندي، وبالتالي، فإن عدد الجنود الذين سينسحبون من العراق يُقدّر بنحو 20 آلاف جندي من صفوف الفرق الإضافية التي كان قد أرسلها بوش إلى العراق في شباط الماضي والتي تبلغ نحو 30 ألف جندي. إلى ذلك تجمع آلاف الأشخاص أمام البيت الأبيض للاحتجاج على الحرب في العراق والمطالبة بسحب القوات الأمريكية من هذا البلد وإقالة الرئيس جورج بوش، كما افادت مراسلة لفرانس بريس. وتجمع ما بين أربعة إلى ستة ألاف متظاهر يحملون لافتات كتب عليها «ساندوا قواتنا، أوقفوا الحرب» أو «أقيلوا بوش» للقيام بمسيرة إلى مبنى الكابيتول (مقر الكونغرس) بعد ثلاثة أيام من إعلان الرئيس الأمريكي سحب 21500 جندي من العراق من حوالى 168 ألف منتشرين في البلد المضطرب من الآن وحتى صيف 2008. وقال المنسق الوطني لمنظمة «انسر كواليشن» الأمريكية المناهضة للحرب بريان بيكر «اليوم يرد آلاف الأشخاص على بوش في شوارع واشنطن ومدن أخرى للمطالبة بوقف الحرب في العراق فورا». واجتاح المتظاهرون من عائلات وطلبة ومحاربين قدماء وآباء جنود قتلوا في النزاع، الذي أوقع أكثر من 3760 قتيلا في صفوف الأمريكيين في أربع سنوات، الحدائق المقابلة للبيت الأبيض.
عن الأحداث المغربية