هذه كلمات أهديها لك أختي الكريمة في الله ، يا من لم تتزوج بعد ، و أريد مصارحتك فيها و كلي أمل أن تتسلل لفكرك و تستوعبيها لتجد مكانة في قلبك و حسك .
يأتيك يوم أسمع منك أنك قضيت زهرة عمرك في مساعدة الآخرين فمتى تعيشين حياتك ؟
و مرة تتساءلين كيف السبيل إلى رجل مناسب و ابن حلال ؟
و أجيبك يا من جعلت الهم رفيقها و الحزن غلافاً لقلبها و اليأس يسكن نفسها و كل هذا لأنها لم تتزوج بعد
رفقاً بنفسك أيتها الكريمة ، فالزواج ليس فريضة يهدم دينك إن لم تصلي إليه بل هو سنة الله في خلقه يكتبها لمن يشاء و يرزق بها من يشاء و لا راد لقضائه ... فكم من عالم و عالمة أشروا التاريخ الإسلامي بالأبحاث و الكتب و لم يكتب لهم أن يتزوجوا و مع هذا ذاع صيتهم و خلفوا وراءهم كنوزاً فكرية ثمينة خيراً من كنوز الذهب و الأحجار ، و لم يقلل هذا من شأنهم بل زادهم تقديراً .
أختي الكريمة ، لماذا تعتزلين الناس أو تكونين معم و لكن بقلب حزين يائس و كل ذاك بسبب عدم زواجك و هذا فيه اعتراض على قضاء الله يا أخية ... أأنت لا تدرين ذلك ؟
قد يكون في بقائك دون زواج رحمة بك فاشكري الله على كل حال و لا تحزني أو تعتزلي الناس فهذا معناه شعورك بالنقص و كأن عدم زواجك يزعزع عقيدتك أو ينقص من إيمانك و كرامتك .
إذاً اشكري الله أن فضلك على كثير من خلقه و قدر لك هذا الحال لحكمة لا تعلمينها ... و لعل فيها تخفيف لذنوبك " ذلك أمر الله أنزله إليكم و من يتق الله يكفر عنه سيئاته و يعظم له أجراً" .
لن أنسى الجانب الهام و الذي هو سبب رغبة الفتيات في الزواج و هو الإنجاب و إشباع عاطفة الأمومة بداخلها ، و هنا أيتها الكريمة أتمنى منك أن تنظري حولك و ترين حال من تزوجت و قدر الله عليها عدم الإنجاب و تخيلي شعورها و كيف هو حالها ؟ فهي و الله في شقاء و عذاب لأنها حرمت من شيء هام تسعى له كل امرأة ، و الحزن يملأ نفسها بالتأكيد ...أتمنى أن يرحم الله حالها و يفرج عنها و يرزقها بالذرية الصالحة .
أختاه ... أليس حالك أفضل من حالها ؟ فأنت محرومة من هذه العاطفة بينما هي محرومة منها و فوق ذلك تشعر بالحزن لأنها سبب حرمان زوجها و شريك حياتها من عاطفة الأبوة ، و هذا بالطبع يشكل ضغطاً نفسياً كبيراً عليها ....
أنت لك أبويك و إخوتك و أقربائك فوجهي عاطفتك نحوهم و علميهم و ساعدي في تنشئتهم على أحسن الأخلاق و على طاعة الله و قد تكونين معلمة و لديك فرصة لتربي من هم بين يديك خير تربية فأنت مربية أولا و و معلمة ثانياً و قد تكونين طبيبة فتساهمين في شفاء الطفل و تكونين بذلك سبب سعادته ، المهم هو أن تحتسبي الأجر عند الله و سيملأ سبحانه و تعالى قلبك بالسعادة الحقيقية .
أختي العزيزة ، إن كنت تشعرين بأن عمرك يمضي و يحترق فلا تجعليه يحترق هباءً منثوراً كعود الحطب بل اجعليه يحترق كالشمعة التي تحترق لتنير البيت و الدرب للآخرين بغية وجه ربها الكريم .
أما إن كنت تنشدين المودة و الرحمة في الزواج فلا يخفى عليك ذلك الحرمان و الشقاء و الجفاء الذي تعيشه الكثير من النساء في ظل أزواج قصروا في حقوقهن و لم يراعوا شرع الله في ذلك فكان الزواج وبالاً عليهن ، لذا عليك أن تشكري الله عز و جل فأنت لا تعلمين عن حالك بعد الزواج فهكذا سيمضي العمر سريعاً و موحشاً عليك بل اصرفي هذا التفكير عن بالك و فكرك و توكلي على الخالق و اجعلي همك ظل الرحمان و تلعم دينه فأنت إن لم تكوني عالمة بكتاب الله و حافظة له فقد فاتك الكثير و عليك تداركه بطلبك العلم الشرعي ابتغاء وجه الله الكريم عز و جلت قدرته .
أختي الكريمة : افرحي و اخرجي رأسك للناس عالياً ليس من أجل العباد بل من أجل رب العباد و املئي قلبك بالعزة و الرضا بالقضاء و القدر ، و اجعلي هذا اليوم هو البداية الحقيقية لك و توجهي فيه إلى الله و ادعيه أن يغنيك عمن سواه . فلا يحزنك ذلك و تذكري أنك لؤلؤة مكنونة في صدف محفوظة تعيش حياةً ساكنة في أعماق البحار و عدم استخراجك لن يقلل من شأنك أبداً .