اخر عشرة مواضيع :         متجرخولة لفن الحياكة و الكروشيه (اخر مشاركة : ماريا عبد الله - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          موقع قرة الوجهة الرئيسية لمحبي المعرفة والتعلم الدائم (اخر مشاركة : ماريا عبد الله - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          أفضل تطبيق لمشاهدة المباريات والقنوات المشفرة على الأندرويد (اخر مشاركة : ماريا عبد الله - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          معمول الجابرة (اخر مشاركة : ماريا عبد الله - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          برنامج Cryptotab متاح للتحميل الان (اخر مشاركة : ماريا عبد الله - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          حازم المراغى يعود (اخر مشاركة : حازم المراغى - عددالردود : 0 - عددالزوار : 92 )           »          ادخل لك رساله (اخر مشاركة : حازم المراغى - عددالردود : 788 - عددالزوار : 144077 )           »          تطبيق شاور لتفسير الاحلام (اخر مشاركة : فهمي سامر - عددالردود : 0 - عددالزوار : 101 )           »          تطبيق عقارات السعودية متوفر الان للتحميل (اخر مشاركة : فهمي سامر - عددالردود : 0 - عددالزوار : 152 )           »          المواد الحافظة ومخاطرها على صحتنا (اخر مشاركة : جـوهرة 99 - عددالردود : 6 - عددالزوار : 500 )           »         


لوحة الشـرف
القسم المتميز العضو المتميز المشرف المتميز الموضوع المتميز
قريبا قريبا قريبا قريبا


العودة   منتديات المروج المشرقـــة > المروج الأدبية والفنية > ~¤¢§{(مروج عذب الكلام للشعر والخواطر)}§¢¤~
التسجيل التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم

~¤¢§{(مروج عذب الكلام للشعر والخواطر)}§¢¤~ الخواطر الفردية والحسية والمحاولات الشعرية الشخصية

الإهداءات

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
قديم 05-16-2008, 04:35 PM   #1
مشرف سابق

((عـالـم تـانـى))

الصورة الرمزية فاي
S43 أمير شعراء الرفض


المحتويات


1- تعريف بالشاعر

بعض المقالات المميزة عن حياة الشاعر

2-الأعمال الشعرية



• البكاء بين يدي زرقاء اليمامة
• من أوراق "أبو نوّاس"
• الآخرون دائما
• لا تصالحْ!
• الزيارة
• الأرض .. و الجرح الذي لا ينفتح
• مقابلة خاصة مع ابن نوح
• مقتل القمر
• الخيول
• إلى صديقة دمشقية
• مزامير
• الطيور
• الجنوبي
• فى انتظار السيف
• سفر أ مل د نقل
• زهور
• خطاب غير تاريخي
• بكائيات
• سفر التكوين
• الوقوف على قدم واحدة!
• كلمات سبارتكوس الأخيرة
• ماريـّا
• قالت
• شيء يحترق
• تعليق على ما حدث في مخيم الوحدات
• العينان الخضراوان
• خمس أغنيات إلى حبيبتي..!
• بكائية ليلية
• الـمـوت فـى الـفـراش
• العار الذي نتّقيه
• الملهى الصغير
• رسالة من الشمال
• الحداد يليق بقطر الندى
• شجوية
• ضد من ؟؟؟
• سفر الخروج
• الموت في لوحات
• صفحات من كتاب الصيف والشتاء
• استريحي
• أوتوجراف
• من مذكرات المتنبي





أمل دنقل
"أمير شعراء الرفض"





ولد امل دنقل عام 1940 بقرية القلعه ,مركز قفط على مسافه قريبه من مدينة قنا في صعيد مصر,وقد كان والده عالما من علماء الازهر الشريف مما اثر في شخصية امل دنقل وقصائده بشكل واضح. سمي امل دنقل بهذا الاسم لانه ولد بنفس السنه التي حصل فيها ابوه على "اجازة العالميه" فسماه باسم امل تيمنا بالنجاح الذي حققه (واسم امل و شائع بالنسبه للبنات في مصر)

وكما ذكرت كان والده عالما بالأزهر الشريف وكان من ورث عنه أمل دنقل موهبة الشعر فقد كان يكتب الشعر العمودي,وأيضا كان يمتلك مكتبه ضخمه تضم كتب الفقه والشريعه والتفسير وذخائر التراث العربي مما اثر كثيرا في امل دنقل وساهم في تكوين اللبنه الاولى للاديب امل دنقل. فقد امل دنقل والده وهو في العاشره من عمره مما اثر عليه كثيرا واكسبه مسحه من الحزن تجدها في كل اشعاره.
رحل أمل دنقل الى القاهرة بعد أن أنهى دراسته الثانويه في قنا وفي القاهره التحق بكلية الآداب ولكنه انقطع عن الدراسة منذ العام الاول لكي يعمل. عمل أمل دنقل موظفا بمحكمة قنا وجمارك السويس والإسكندرية ثم بعد ذلك موظفا بمنظمة التضامن الافروآسيوي,وكنه كان دائما ما يترك العمل وينصرف إلى كتابة الشعر. كمعظم أهل الصعيد ,شعر أمل دنقل بالصدمه عند نزوله الى القاهرة في اول مره ,وأثر هذا عليه كثيرا في أشعاره ويظهر هذا واضحا في أشعاره الاولى. مخالفا لمعظم المدارس الشعرية في الخمسينيات استوحى
أمل دنقل قصائده من رموز التراث العربي ,وقد كان السائد في هذا الوقت التأثر بالميثولوجيا الغربية عامة واليونانيه خاصة. عاصر أمل دنقل عصر أحلام العروبه والثورة المصرية مما ساهم في تشكيل نفسيته وقد صدم ككل المصريين بانكسار مصر في1967 وعبر عن صدمته في رائعته "البكاء بين يدي زرقاء اليمامه"و مجموعته "تعليق على ما حدث ". شاهد امل دنقل بعينيه النصر وضياعه,وصرخ مع كل من صرخوا ضد معاهدة السلام,ووقتها اطلق رائعته "لا تصالح"والتي عبر فيها عن كل ما جال بخاطر كل المصريين ,ونجد ايضا تأثير تلك المعاهده و احداث يناير 1977 واضحا في مجموعته" العهد الآتي"." كان موقف امل دنقل من عملية السلام سببا في اصطدامه في الكثير من المرات بالسلطات المصريه وخاصة ان اشعاره كانت تقال في المظاهرات على السن الآلاف. عبر أمل دنقل عن مصر وصعيدها وناسه ,ونجد هذا واضحا في قصيدته "الجنوبي" في آخر مجموعه شعريه له"اوراق الغرفه 8" . عرف القارىء العربي شعره من خلال ديوانه الأول "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" (1969) الذي جسد فيه إحساس الإنسان العربي بنكسة 1967 وأكد ارتباطه العميق بوعي القارىء ووجدانه.
صدرت له ست مجموعات شعرية هي:
البكاء بين يدي زرقاء اليمامة - بيروت 1969.
تعليق على ما حدث - بيروت 1971.
مقتل القمر - بيروت 1974.
العهد الآتي - بيروت 1975.
أقوال جديدة عن حرب البسوس - القاهرة 1983.
أوراق الغرفة 8 - القاهرة 1983.
أصيب أمل دنقل بالسرطان وعانى منه لمدة تقرب من الأربع سنوات وتتضح معاناته مع المرض في مجموعته "أوراق الغرفه 8"وهو رقم غرفته في المعهد القومي للأورام والذي قضى فيه ما يقارب ال 4 سنوات,وقد عبرت قصيدته السرير عن آخر لحظاته ومعاناته. لم يستطع المرض أن يوقف أمل دنقل عن الشعر حتى قال عنه
أحمد عبد المعطي حجازي ((انه صراع بين متكافئين ,الموت والشعر)) .

رحل أمل دنقل عن دنيانا في الحادي والعشرين من مايو 1983 لتنتهي معاناته في دنيانا مع كل شيء
فاي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-16-2008, 04:37 PM   #2
مشرف سابق

((عـالـم تـانـى))

الصورة الرمزية فاي
افتراضي


مقالات عن الشاعر



( 1 )

د / جابر عصفور لجريدة البيان

أمل دنقل (1940 - 1983) واحد من أبرز الشعراء العرب في عالم مابعد كارثة العالم السابع والستين. ولا تحتسب المكانة، في هذا السياق، بالكم الشعري الذي كتبه الشاعر، أو الدواوين التي أصدرها، فأعمال أمل دنقل قليلة مثل عمره القصير، ولكنها أعمال متميزة بماتنطوي عليه من انجاز ودلالة، ابتداء من ديوان (البكاء بين يدي زرقاء اليمامة) الذي لفت اليه أنظار الأمة العربية عام 1969، وكان بمثابة احتجاج وإدانة للعالم الذي أدى الى هزيمة يونية 1967، مرورا بديوان (تعليق على ماحدث) عام 1971 الذي كان استمرارا لاتجاه الديوان الأول،

وكذلك ديوان (العهد الآتي) الذي صدر عام 1975 والذي وصلت فيه تقنية الشاعر الى ذروة اكتمالها. وأخيرا ديوان (أوراق الغرفة 8) في عام 1983 وقد أصدره أصدقاء الشاعر بعد وفاته بشهور، وأشرفت على طباعته بنفسي في (هيئة الكتاب) مع تقديمي له، وصدر بمناسبة مرور أربعين يوما على وفاته، وتولت عبلة الرويني الاشراف على طباعة ماأتمه من (أقوال جديدة عن حرب البسوس) الذي صدر عن دار المستقبل العربي في القاهرة عام 1984، قبيل نشر الأعمال الكاملة التي أشرفت عبلة الرويني على أكثر من طبعة لها.
هذه الأعمال القليلة، نسبيا، تنطوي على عالم توازى خصوصيته وأهميته في تاريخ الشعر العربي المعاصر، فهي أعمال شاعر وصل بالمحتوى السياسي للشعر الى درجة عالية من التقنية الفنية والقيمة الفكرية، وذلك الى الحد الذي يمكن أن نقول معه أن شعر أمل دنقل هو المجلى الحداثي للتمرد السياسي في الشعر العربي المعاصر. هذا التمرد قرين رؤية قومية دفعته الى اختيار رموزه من التراث العربي، والتعبير بها عن هموم العرب المحدثين، وذلك بما يجعل من هذه الرموز مرايا ينعكس عليها التاريخ الحديث بما يبين عن هزائمه خصوصا من الزاوية التي تبرز تضاده مع أمجاد الزمن العربي القديم، أو من الزاوية التي تبرز المشابهة بين انكسارات الحاضر وانهيارات الماضي وفجائعه. وقد اقترنت هذه العودة الى الرموز التراثية بصياغة أقنعته من الشخصيات التاريخية ذات الدلالات المضيئة في هذا التراث القادرة على اثارة الشعور واللاشعور القومي لجماهير القراء العرب.
ويتميز شعر أمل دنقل بخاصية بارزة تتصل بمحتواه القومي من هذا المنظور، فهو شعر يتحدث - في جوانبه الحاسمة - عن الصراع العربي الإسرائيلي، الأمر الذي يجعله شعرا صالحا لهذه الأيام التي نعيشها في ظل الهيمنة الأمريكية والغطرسة الإسرائيلية، كما يجعل منه شعرا جديرا بأن نسترجعه ونستعيده مع شعورنا الغالب بالوجع الفلسطيني، ومع احساسنا بالعجز عن الدفاع عن حقوقنا العربية واسترداد ماسلب منها. والحق أن شعر أمل دنقل تتكشف قيمته على نحو اضافي مع مانعانيه، ومع كل مايؤكد لنا صدق هذا الشعر في تعبيره عن الهزائم المتلاحقة التي يمر بها العرب، خصوصا بعد أن استغلت اسرائيل أحداث الحادي عشر من سبتمبر الماضي، وأقنعت أمريكا بمساعدتها في محاربة الارهابيين الفلسطينيين. وأقبلت أمريكا على مساعدتها، غير عائبة بالتفرقة بين الارهاب الذي يقوم على دعاوي باطلة، وينتهي بتدمير كل شيء، والكفاح الوطني من أجل الاستقلال. وكانت النتيجة أن أصبح الفلسطينيون الذين يقاتلون من أجل استقلال وطنهم، ومن أجل استعادة حقوقهم السليبة، ارهابيين مطاردين من إسرائيل ومن راعيتها الكبرى أميركا.

هكذا، نعاني نحن العرب في هذه الأيام حالاً أشبه بحال الهزيمة، فإسرائيل تعربد في الاراضي المحتلة، وترتكب من المذابح مايندى له جبين الإنسانية، وما من قوة عربية تستطيع أن تواجهها، أو ترد على عدوانها، الأمر الذي ترك مرارة الهزيمة العربية على كل الألسنة. ولذلك لا يملك المرء سوى تذكر قصائد أمل دنقل عن الصراع العربي الإسرائيلي، خصوصا أن ذكراه التاسعة عشرة تلح في هذه الأيام، فقد توفى في الحادي والعشرين من مايو سنة 1983.

وأتصور أن القصيدة الأولى التي ترد على الذهن من شعر أمل، في هذا السياق هي قصيدة (البكاء بين يدي زرقاء اليمامة) وهي قصيدة دالة في ادانتها للأنظمة التي أوقعت الهزيمة بشعوبها، ودالة على أن الهزيمة تتخلق في الداخل قبل أن تأتي كالعاصفة الجائعة من الخارج، ودالة على أن الشعوب المحكومة لا تملك سوى البكاء عندما تشعر بهوان وضعها، ولكن من الزاوية التي تجعل من بكائها تمردا على كل من تسببوا في هزيمتها.

والواقع أن قصيدة (البكاء بين يدي زرقاء اليمامة) أهم قصائد أمل بعد هزيمة العام السابع والستين. جذبت الأنظار إليها والى شاعرها، وذلك عندما أعادت الى الاذهان مأساة (زرقاء اليمامة) التي حذرت قومها من الخطر القادم فلم يصدقوها، كأنها صوت الابداع الذي كان يحذر من الخطر القادم في العام السابع والستين فلم يصدقه أحد الا بعد أن حدثت الكارثة. واذ أكد (البكاء بين يدي زرقاء اليمامة) التشابه بين الماضي والحاضر، فإنه أكد الهوية القومية لشعر أمل دنقل من حيث وصل الرموز بجذورها في التراث العربي الذي يصل بين المبدع والقارئ، ومن حيث ربط هذه الهوية برؤية لا ترى امكانا للمستقبل الا بنهضة قومية تستعيد أعظم ما في الماضي من خبرات وتتجاوز مافي الحاضر من ثغرات.

ولا شك أن جانبا لافتا من التأثير الذي تركته هذه القصيدة يرجع الى طبيعة الصوت الذي ينطقه القناع بها، فهو صوت المواطن العربي البسيط الذي يقف أعزل بين السيف والجدار، يصمت كي ينال فضلة الأمان، كأنه عبد من عبيد عبس يظل يحرس القطعان، يصل الليل بالنهار في خدمة السادة، طعامه الكسرة والماء وبعض التمرات اليابسة. وحين تقع الواقعة لا يملك هذا العبد سوى التوجه الى (زرقاء اليمامة) التي هي مثله بمعنى من المعاني، كي ينفجر في حضرتها بالكلمات التي تقول:

أيتها العرافة المقدسة
جئت إليك.. مثخنا بالطعنات والدماء
أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدسة
منكسر السيف، مغبر الجبين والاعضاء
اسأل يازرقاء
... ...
كيف حملت العار
ثم مشيت، دون أن أقتل نفسي، دون أن أنهار
ودون أن يسقط لحمي من غبار التربة المدنسة.

هذا العبد الذي ينطق في القصيدة كان يجسد صوت الشاعر من ناحية، وصوت المواطن العربي المسكين الذي مزقته الهزيمة من ناحية ثانية. ولذلك اتحدت جماهير القراء بصوت هذا العبد العبسي البائس الذي دعى الى الميدان والذي لا حول له ولا شأن، فانهزم وخرج من جحيم هزيمته عاجزا، عاريا، مهانا، صارخا، كأنه صدى يجسد ما في داخل كل قارئ عربي للقصيدة في الوقت الذي كتبت فيه. وإذا كان صوت هذا العبد العبسي شاهدا على الهزيمة فإن بكاءه في حضرة زرقاء اليمامة، العرافة المقدسة،
شاهد على مايمكن أن يفعله الشعر في زمن الهزيمة، خصوصا من حيث هي صورة أخرى من هذه العرافة: يرى ما لا يراه الآخرون ويرهص بالكارثة قبل وقوعها، وينطق شهادته عليها وقوعها، ويتولى تعرية الأسباب التي أدت إليها، غير مقتصر على الإدانة السلبية في سعيه الى استشراف أفق الوعد بالمستقبل الذي يأتي بالخلاص.
ولذلك كان بكاء هذا العبد في حضرة زرقاء اليمامة، مثل شهادته، علامة على أسباب الهزيمة التي ترتبت على غياب الحرية والديموقراطية عن قبائل (عبس) العربية، من العصر الجاهلي الى العام السابع والستين، حين كتبت هذه القصيدة، كما كان هذا البكاء تأبينا لزمن مضى، وإدانة لأخطاء زمن لم يخلف سوى الكارثة، وبحثا عن زمن يأتي بخلاص من هذه الكارثة.
وأعترف أنني كلما طالعت شاشات التليفزيون الأجنبية والعربية، ورأيت المذابح البشعة التي ارتكبها الإسرائيليون في حق الشعب العربي الفلسطيني، في رام الله أو نابلس أو جنين أو طولكرم وغيرها من الأماكن الفلسطينية العزيزة، شعرت بالهزيمة والانكسار والعجز ووجدت نفسي استعيد الصوت الصارخ في قصيدة (البكاء بين يدي زرقاء اليمامة) من عجزه ومحنته، ومضيت مثله أسأل عن السواعد المقطوعة التي ظلت ممسكة بالرايات العربية المنكسة، وعن جثث الأطفال ملقاه بين الخيام، وعن وقفة المرأة الفلسطينية بينما الدبابات الإسرائيلية تمضي فوق حطام منازلهم التي هدمتها القذائف الغادرة، فأقول لنفسي الى متى نحمل - نحن العرب - هذا العار؟ الى متى؟!


(2 )

أمل دنقل.. وميض تغتاله العتمة

خيري حسين - باحث مصري

محمد أمل فهيم أبو القسام محارب دنقل من مواليد قرية "القلعة" إحدى قرى مديرية "قنا" أقصى جنوب مصر، ولد في 1941 لأب يعمل مدرسًا للغة العربية متخرجًا في الأزهر.
كان والده في تنقل ما بين قرية "القلعة" وإحدى مدن "قنا"؛ فهو في فترة الدراسة يقيم بالمدينة، يعمل بالتدريس، وحين تنتهي الدراسة يعود أدراجه بأسرته المكونة من ولدين وبنت، أكبرهم أمل وأصغرهم أنس.. وهذا التنقل قد أثّر في طبيعة أمل كثيرا فيما بعد.
وكأن الألم هو الحضانة الأولى للعظماء، فلم يكد أمل يتم العاشرة من عمره حتى مات والده. وحرصت أمه الشابة الصغيرة التي لم تكن قد جاوزت النصف الثاني من عقدها الثالث على أن يظل شمل أسرتها الصغيرة ملتئمًا، مع عناية خاصة توليها لمستوى الأولاد الاجتماعي من حيث حسن المظهر والتربية وعلاقاتهم وأصدقائهم.
ساعدهم على العيش "مستورين" أن الأب قد ترك لأولاده بيتًا صغيرا في المدينة يقطنون في طابق منه ويؤجّرون طابقًا آخر، كما عاون الأم في تربية أولادها أحد أقرباء زوجها كان بمنزلة عم "أمل".
حين التحق أمل بمدرسة ابتدائية حكومية أنهى بها دراسته سنة 1952 عُرف بين أقرانه بالنباهة والذكاء والجد تجاه دراسته، كما عُرف عنه التزامه بتماسك أسرته واحترامه لقيمها ومبادئها؛ فقد ورث عن أمه الاعتداد بذاته، وعن أبيه شخصية قوية ومنظمة.

آثار الطفولة
والمفارقة أنه حين وصل للمرحلة الثانوية بدت ميوله العلمية، وهيأ نفسه للالتحاق بالشعبة "العلمي" تمهيدًا لخوض غمار الدراسة الأكاديمية في تخصص علمي كالهندسة أو الكيمياء، لكن العجيب أن أصدقاءه قد أثروا كثيرا في تحوله المعاكس إلى الأدب والفن في هذه الفترة ؛ فقد كان من أقرب أصدقائه إلى نفسه "عبد الرحمن الأبنودي" –شاعر عاميه مصري- وقد تعرف عليه أمل بالمرحلة الثانوية، و"سلامة آدم" –أحد المثقفين البارزين- فيما بعد، وكان يمت له بصلة قرابة وكان رفيقه الأول في مرحلة الطفولة، وبعد اتفاقهما الدائم على الالتحاق بالقسم العلمي وجدهما قد فاجآه والتحقا بالقسم الأدبي، فوجد "الصغير" نفسه في حيرة شديدة، سرعان ما حُسمت إلى اللحاق بأصدقائه.

إلا أن ذلك لا يعني أنه كان بعيدا عن مجال الأدب، فضلا عن الثقافة العربية؛ فقد نشأ في بيت أشبه بالصالونات الأدبية، فلم يكن والد أمل مدرسًا للعربية فحسب، ولكنه كان أديبًا شاعرًا فقيهًا ومثقفًا جمع من صنوف الكتب الكثير في سائر مجالات المعرفة؛ لذا فقد تفتحت عينا الصغير على أرفف المكتبة المزدحمة بألوان الكتب، وتأمل في طفولته الأولى أباه وهو يقرأ حينا ويكتب الشعر حينا.
لهذا كله ولموهبته الشعرية الباسقة لم يكد أمل ينهي دراسته بالسنة الأولى الثانوية إلا وكان ينظم القصائد الطوال يلقيها في احتفالات المدرسة بالأعياد الوطنية والاجتماعية والدينية.
وهذه المطولات أثارت أحاديث زملائه ومناوشاتهم بل وأحقادهم الصغيرة أحيانا، فبين قائل بأن ما يقوله "أمل" من شعر ليس له، بل هو لشعراء كبار مشهورين استولى على أعمالهم من مكتبة أبيه التي لم يتح مثلها لهم، أما العارفون بـ"أمل" والقريبون منه فيأملون – من فرط حبهم لأمل- أن يكون الشعر لوالد أمل دنقل، عثر عليه في أوراق أبيه ونحله لنفسه شفقة على أمل اليتيم المدلل الذي أفسدته أمه بما زرعته في نفسه من ثقة بالنفس جرأته –في نظرهم- على السرقة من أبيه.
ولما أحسّ أمل من زملائه بالشك؛ تفتق ذهنه عن فكرة مراهقة جريئة وهي وإن كانت لا تتسق مع شخصيته الرقيقة إلا أنها فاصلة.. أطلق موهبته بهجاء مقذع لمن تسول له نفسه أن يشكك في أمل أو يتهمه، ولم يمض كثير حتى استطاع أمل دنقل بموهبته أن يدفع عن نفسه ظنون من حوله. ولما تفرغ أمل من الدفاع عن نفسه داخل المدرسة تاقت نفسه لمعرفة من هو أفضل منه شعرا في محافظته، فلم يسمع بأحد يقول بالشعر في قنا كلها إلا ارتحل له وألقى عليه من شعره ما يثبت تفوقه عليه، وكأنه ينتزع إعجاب الناس منهم أنفسهم.
أحلام وطموحات
ولما لم يكن هناك من يجده أمل مكافئا تاقت نفسه أن يلتقي بالشعراء الذين يرى أسماءهم على الدواوين الراسخة في مكتبته، وانصرف أمل عن أحلامه الدراسية وطموحاته العلمية إلى شيء آخر هو الشعر.
ومما نُشر لأمل دنقل وهو طالب في الثانوية أبيات شعرية نشرتها مجلة مدرسة قنا الثانوية سنة 1956، وكتب تحتها: الطالب أمل دنقل يقول فيها:

يا معقـلا ذابت على أسـواره كل الجنود
حشـد العـدو جيوشه بالنار والدم والحديد
ظمئ الحديد فراح ينهل من دم الباغي العنيد
قصص البطولة والكفاح عرفتها يا بورسعيد

وفي العدد التالي أفردت المجلة صفحة كاملة لقصيدة بعنوان: "عيد الأمومة"، وكتبت تحت العنوان: للشاعر أمل دنقل، وليس للطالب كسابقتها، جاء فيها:
أريج من الخلد .. عذب عطر
وصوت من القلب فيه الظفر

وعيد لـه يهتف الشـاطئان
وإكليله من عيون الزهر...

ومصر العلا .. أم كل طموح..
إلى المجد شدت رحال السفر

وأمي فلسطين بنت الجـراح
ونبت دماء الشهيد الخضـر

يؤجـج تحنانهـا في القلوب
ضرامًا على ثائرها المستمر

وأمي كل بـلاد.... تثـور
أضالعـها باللظى المستطـر

تمج القيود.... وتبني الخلود
تعيـد الشباب لمجـد غبـر

فإن الدمـاء تزف الدخيـل
إلى القبر.. رغم صروف القدر

وتنسج للشعب نور العـلاء
بحـرية الوطـن المنتصـر


حصل على الثانوية العامة عام 1957، والتحق بكلية الآداب 1958. وقد ساعده ذلك على الإقامة في القاهرة لتتاح له فرصة جديدة ونقلة حقيقية في مجال القصيدة الدنقلية كما يقول عنه "قاسم حداد" في مقاله: "سيف في الصدر" في مجلة "الدوحة" أغسطس 1983: "دون ضجيج جاء إلى الشعر العربي من صعيد مصر، وكتب قصيدته المختلفة، وكسر جدران قلعة القصيد كما لم يعهد الشعر العربي القصائد ولم يعهد الكسور".

وهذه قضية أمل الكبرى التي عاش من أجلها كالمحارب تماما، وهو يعبر عن ذلك حين يقول:

كنت لا أحمل إلا قلما بين ضلوعي
كنت لا أحمل إلا قلمي
في يدي: خمس مرايا
تعكس الضوء الذي يسري من دمي
افتحوا الباب
فما رد الحرس
افتحوا الباب ….. أنا أطلب ظلا
قيل: كلا

وانفجر أمل في الشعر بهدوئه العجيب.. فلم يمكث في القاهرة سوى عام واحد؛ إذ رحل عنها 1959 إلى قنا ثانية حيث عمل موظفا بمحكمة قنا، لكن تهويمات الشعر وخيالاته لم تكن تدع مبدعا كأمل لوظيفة رتيبة مملة.. ترك العمل لانشغاله بالشعر والحياة، واستمر شعره هادفا ثائرا على الواقع، وأحيانا ساخرا منه بأسلوب يحيل هذه السخرية إلى إبداع شعري غاية في الشفافية تطلق في ذهن القارئ العديد من المعاني الشعرية.

أمل الثورة

ورغم شعارات ثورة يوليو وانجذاب الكثيرين لها؛ حيث كانت الثورة أمل جموع الشعب الكادح، ومنهم أمل دنقل الفقير ابن أقصى الصعيد.. فإن ذلك لم يخدعه كآخرين، حيث كان متنبها لأخطائها وخطاياها؛ فقد سجل رفضها بعين الباحث عن الحرية الحية لا شعارها؛ ففتح نار سخريته عليها، فهو يرفض الحرية المزعومة التي فتحت أبواب السجون على مصراعيها.. يقول أمل:

أبانا الذي في المباحث، نحن رعاياك
باق لك الجبروت، باق لك الملكوت
وباق لمن تحرس الرهبوت
تفرّدت وحدك باليسر
إن اليمين لفي خسر
أما اليسار ففي عسر
إلا الذين يماشون
إلا الذين يعيشون..
يحشون بالصحف المشتراة العيون فيعيشون
إلا الذين يوشُون
إلا الذين يوشون ياقات قمصانهم برباط السكوت
الصمت وشمك..
والصمت وسمك
والصمت أنى التفتّ
يرون ويسمك
والصمت بين خيوط يديك المشبكتين المصمغتين
يلف الفراشة والعنكبوت

لم يستقر أمل دنقل في وظيفة أبدا فها هو يعمل موظفا في مصلحة الجمارك بالسويس ثم الإسكندرية، ويترك الوظيفة، لقد اعتاد أمل دنقل الترحال، وربما ورثها من طفولته حال حياة والده، ولكن انغماسه في الشعر قوّى ذلك في نفسه، وجعله يتحلل من قيود المكان وقيود الوظيفة، فقد ترك دراسته في السنة الأولى الجامعية، وترك عمله بقنا، وها هو يترك السويس إلى الإسكندرية، بل يترك العمل الوظيفي ليعلن لنا بنفسه في أخريات حياته أنه لا يصلح إلا للشعر فيقول: "أنا لم أعرف عملا لي غير الشعر، لم أصلح في وظيفة، لم أنفع في عمل آخر…" توصل أمل دنقل إلى ذلك قبل أفول نجمه بثلاثة أيام فقط.
وفي 1969 يصدر الديوان الأول لأمل دنقل بعنوان: "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" تأثرا بالنكسة، وبعده بعامين ينشر أمل دنقل ديوانه الثاني: "تعليق على ما حدث"، ثم يأتي نصر 1973 وعجب الناس من موقف أمل دنقل؛ إذ هو لم يكتب شعرا يمجد هذا النصر حيث يصدر ديوانه الثالث: "مقتل القمر" 1974 دونما قصيدة واحدة تحدثنا عن النصر، وفي 1975 يصدر ديوانه: "العهد الآتي".

عشق الترحال والحياة

وفي أحد أيام سنة 1976 يلتقي أمل دنقل بالصحفية "عبلة الرويني" التي كانت تعمل بجريدة "الأخبار" فتنشأ بينهما علاقة إنسانية حميمة، تتوج بالزواج 1978، ولأن "أمل" كان كثير التنقل والترحال فقد اتخذ مقرًا دائما بمقهى "ريش"، وإذا بالصحفية "عبلة الرويني" زوجة الشاعر الذي لا يملك مسكنا، ولا يملك مالا يعدّ به السكن تقبل أن تعيش معه في غرفة بفندق، وتنتقل مع زوجها من فندق لآخر، ومن غرفة مفروشة لأخرى.
ويستمر أمل دنقل يصارع الواقع العربي بإنتاج شعري مميز فيكتب: "لا تصالح"، رافضا فيها كل أصناف المساومات، متخذا من الأسطورة رمزا كما عودنا من ذي قبل، ولكن أمل دنقل كُتب عليه صراع الواقع العربي الذي ما برح يكتب فيه حتى واجه بنفس قوية وإرادة عالية صراعه مع المرض، ودخل أمل المستشفى للعلاج، وكان لا يملك مالا للعلاج الباهظ الذي يحتاجه في مرضه.
وبدأت حملة لعون الشاعر من قبل الأصدقاء والمعجبين، وكان أولهم "يوسف إدريس" -أديب مصري- الذي طالب الدولة بعلاج أمل على نفقتها.
وطلب أمل من أصدقائه التوقف عن حملة المساعدة. كان أمل لا يريد أن ينشغل أحد بمرضه، وظل أمل دنقل يكتب الشعر في مرقده بالمستشفى على علب الثقاب وهوامش الجرائد.. ولم يهمل الشعر لحظة حتى آخر أيامه، حتى إنه يتم ديوانا كاملا باسم: "أوراق الغرفة 8".
يموت الألم في أمل دنقل مع صعود روحه لبارئها، لكنه يترك تاريخا مضيئا بالشعر وآرائه السياسية التي كانت تصدر عنه بروح القادر ونفس الحر دون أن ينجرف إلى تيار معين يفسد عليه انتماءه للشعر.. ودون أن يترك حدثا بلا قول وخطر، بل وسخرية موجهة.



( 3 )

عن كتاب
"الجنوبي": سيرة دنقل بقلم زوجته

هيا صالح

رغم أن كتاب "الجنوبي.. أمل دنقل" يبدو للوهلة الأولى سيرة غيرية، إلا أن القارئ، بعد سبر أغواره، ومطالعة صفحاته التي تجاوزت 220 صفحة، يكتشف أنه، بالإضافة إلى ذلك، سيرة ذاتية لعبلة الرويني تحكي فيها تجربتها الشخصية في إطار حديثها عن تجربة أمل دنقل. تلك التجربة الواحدة التي امتزج فيها الاثنان معاً، بحياة تشكلت وفق إيقاعات متنوعة؛ صداقة، حب، زواج، عشق، تكوين عائلة. ولعل هذا الارتباط العميق الذي جمع الاثنين معاً، هو ما جعل نفسيهما نفساً واحدة، ومسيرتيهما مسيرةً واحدة أيضاً.
تتجلى القدرية في السيرة، من خلال حديث الرويني عن مجريات اللقاء الأول الذي جمعها بالشاعر الراحل أمل دنقل في أكتوبر العام 1975، في مقهى "ريش"، حيث كانت عبلة تنوي في بداية عملها بجريدة "الأخبار" إجراء حوار مع أمل، رغم معرفتها مسبقاً بصعوبة نشر هذا الحوار. كان دنقل شاعراً يسارياً، وهو ما أوضحه لعبلة أحد المحررين السياسيين في الجريدة قائلاً: "ربما يمكنهم نشره في طبعة (أخبار اليوم) العربية، فمن الممكن تصدير أمل دنقل عربياً، لكنه غير مسموح باستهلاكه داخل مصر". وقد زادت تلك العبارة من عزم عبلة وتصميمها على حوار أمل وتحدّي سياسة الجريدة: "فلماذا تأخذ الجريدة موقفاً من شاعر؟ بل كيف تأخذ الجريدة موقفاً من عقل الصحفي؟".
وبعد بحثها عن أمل في المقاهي الشعبية، وهي المكان المفضّل لدى الكتّاب والشعراء . تلتقي عبلة به، ويجري الحوار بينهما إنسانياً أولاً قبل أن يكون أدبياً: "قلت: كنت أظنك أكبر قليلاً. ضحك بصوت مرتفع: يبدو أن عندك عقدة ألكترا! ولم أُسْتَفز أيضاً، بل ابتسمت: اطمئن لن أحبك".
وتضيف عبلة: "كان الانطباع الأول الذي كوّنته سريعاً؛ أن هذا الشخص مختلف عن الآخرين، يتكلم لغة أخرى، يسلك سلوكاً آخر، بل ويحسّ أحاسيس أخرى. فمنذ اللحظة الأولى سقطت كل المسافات والادعاءات والأقنعة، وبدا لي وجهُ صديق أعرفه من زمن".
تكمل عبلة حوارها الصحفي مع دنقل، الذي هو أول حوار وآخر حوار يُنشر معه في جريدة "الأخبار". وتتعمق العلاقة بين الاثنين، وتتوالى اللقاءات، ورغم محاولة دنقل ترك مسافة بينه وبينها، إلا أن عبلة تدرك أن هذه المحاولات ما هي إلا اعتراف صريح منه بدفق من العواطف التي تضطرب في قلبه تجاهها. وتكتشف في لحظة تأمل إنسانية أنها هي أيضاً تبادله تلك المشاعر: "قال لي في المرة الرابعة التي التقيت فيها معه، ومن دون أدنى مقدمات: يجب أن تعلمي أنك لن تكوني أكثر من صديقة! حرّك هذا التحذير الاستفزازي انفعالاتي، فبدت عارية: أولاً أنا لست صديقتك، كما أنني لا أسمح لأحد بتحديد مشاعري متى تتزايد أو تتناقص، إنني وحدي صاحبة القرار في علاقاتي بأصدقائي"، وتضيف: "من المؤكد أن أمل أحبني ، وأن غضبي لعبارته يعني أيضاً أنني أحمل له نفس المشاعر".
ووفقاً لمقولة "قل لي من صديقك أقل لك من أنت"، تشير الرويني في "الجنوبي" إلى العلاقات المركّبة التي جمعت أمل بأصدقائه، متوقفةً عند المنظور الإشكالي الذي كان دنقل يرى المحيطين به من خلاله: "إن الضعيف لا أصدقاء له، بينما القوي يتزاحم من حوله الأصدقاء".
فقد احتوت صداقات دنقل، كما توضح الرويني، على كثير من الأشكال المركبة. وكثير من أقنعة الحدّة، والمنازلات الملتهبة، والمشاحنات الكلامية، والمداعبات الشديدة. وقد "ظلت هذه العلاقات شديدة التركيب، حيث تبدو المداعبة حادة بينما يبحث أمل من خلالها عن نوع من الاطمئنان الكامل لا يجده دائماً، أو نوع من الفهم والحب له لم يوفره الآخرون، وربما لم توفره الأيام له شخصياً. ولهذا اتسمت علاقاته دائماً بمزاج ساخر، ومزاج حاد لا يحتوي شراً، بقدر ما يحتوي مرارة الأيام الطويلة". ومن أصدقاء دنقل المقربين، كما توضح الرويني، يحيى الطاهر عبد الله الذي وافته المنية إثر حادث سير ولم يشترك دنقل في مراسم غيابه وكان يقول: "إن يحيى خاص بي وحدي". والدكتور يوسف إدريس الذي جمعت دنقل به علاقة صعلكة، والشاعر نجيب سرور، وجابر عصفور، والكاتبة صافيناز كاظم التي كان دنقل دائم الاستفزاز لها.
أصبح مقهى "ريش" مكانَ اللقاء الدائم، وربما المفضّل، بين العاشقَين؛ أمل وعبلة. رغم ما كانت تبديه عبلة من تحفّظٍ تجاهه في البداية: "أقنعني أمل بالتخلي عن منطقي البرجوازي، وتلك الوثنية التي أمارسها تجاه الأماكن، فلا يوجد مكان نحبه، وآخر نكرهه، هناك فقط شخص يسعدنا الجلوس معه أو لا يسعدنا، وكانت كلماته منطقية وعادلة، فبدا (ريش) معه أجمل وأرقّ الأماكن التي تصلح للقاء عاشقَين".
كانت البرجوازية طريقةً تعيش عبلة في إطارها، لكنها أبداً لم تستحوذ على تفكيرها أو عالمها بالكامل. وهي لذلك كانت مستعدة، كما تقول، لأن تبيع العالم كله من أجل شاعر لم يكن يمتلك غير بنطلون واحد أسود ممزق. "كأن هذا الثقب الناتج من احتراق سيجارة يطل من فوق الركبة، وكان أمل يحاول مداراته دائماً عن عيوني البرجوازية، بينما كنت أبحث دائماً عنه، وأنا أكاد أعتذر عن ملابسي الأنيقة".
لم تكن العلاقة التي جمعت عبلة بأمل، والتي راهن الكثيرون على فشلها، علاقة عادية أو عابرة، ولذا لم يكن من الغريب أن تتّخذ هذه العلاقة فيما بعد، شكلَ الرباط الزوجي المتين، رغم ما كانا يواجهانه من معيقات مادية. يقول أمل: "إنني أتكلم عن راتب شهري يمكن أن يعول أسرة لا بدّ لها أن تأكل وتنام على الأقل. إن اختياراتي ليس عليكِ أن تتحملي تبعاتها وعذاباتها". فترد عبلة: "أمل.. إننا سنتزوج ليس فقط انتصاراً للحب، ولكن، انتصاراً لاختياراتك".
بعد زواجهما، باتا صديقَين لا زوجين، وخرجا على أشكال الزواج التقليدية، حيث أصبح الشارع بيتهما الذي يقضيان فيه جلّ وقتهما. وتصف عبلة علاقتهما الزوجية قائلة: "كان الحب في داخله، وكان التصاقي الشديد به يُشعره كثيراً بالقيد والتوتر والعبء النفسي أحياناً، ولعل مرد ذلك إلى إحساسه العميق الدائم بأنه لم يمنحني راحة، أو أن الحياة ذاتها لم تمنحنا استقراراً".
لم تكن هناك طقوس معينة تلازم دنقل أثناء كتابته للقصيدة، كما توضح عبلة التي رافقته في مشواره الإبداعي والحياتي، سوى توفر السجائر التي ظلت صديقة أمل المقرّبة حتى وفاته. كان مرض السرطان قد بدأ يغزو رئته: "قال له الطبيب: كفّ عن السجائر، قال: إن الكفّ عن السجائر لن يعوق السرطان الهادر في صدري، دعها فهي متعتي الأخيرة".
بدأ السرطان يأخذ من جسد أمل الناحل، فتزداد روحه تألقاً وجبروتاً. وكان يصارع الموت بعناد لا يلين. وكانت مأساة أمل، كما توضح عبلة: "أنه ظل قادراً على حمل البحر، بينما البحر لم يستطع أن يحمله.. أجمل سمكة نادرة في مياهه.. ظل دائماً يبحث عن التوازن الصعب داخل هذا العالم المتواتر والمرفوض حوله، وداخل هذا التناثر الحاد في كيانه حتى انفجر كل شيء.. وتمدد السرطان".
لقد بدأت معاناة أمل مع السرطان بعد مضي تسعة أشهر على زواجه بعبلة، وظل المرض يتمدد، لأن أمل وعبلة لم يكونا يمتلكان "ملّيماً" واحداً من أجرة الطبيب التي بلغت 300 جنيه. وفي ظل الحاجة المادية الملحّة، شعر الاثنان، بجبروت الفقر: "إنها المرة الأولى التي نعرف فيها قسوة الفقر.. المرض هو الحالة الوحيدة على هذه الأرض التي تحول الفقير إلى بائس حين يواجه قدره عاجزاً".
وتروي عبلة قصة علاج دنقل في معهد السرطان، حيث امتدت فترة العلاج لأكثر من سنة ونصف السنة، أعلن الأطباء بعدها، عن حتمية موت أمل. وتسرد عبلة هذه التجربة، بكثير من الحزن، قائلة: "نظر طبيب معهد السرطان إلى تحليل الدم الأخير، ودون أن يدري شيئاً عمّا نعرفه قال: للأسف الشديد لقد أكدت التحاليل إصابتك بالتراتوما، وهو أمر صعب، لم نكن نريده، لكننا سنبذل ما لدينا من أحدث طرق للعلاج". كانت ردة فعل عبلة على كلام الطبيب قوية جداً، ما اضطر الأطباء إلى إخراجها من الغرفة. بينما واصل أمل حديثه مع الطبيب: "لماذا كنتَ قاسياً معها إلى هذا الحد. كان يمكن أن تخبرني وحدي". لقد كان أكثر ما يخشاه دنقل ليس الموت، وإنما بكاء أمه وعبلة عليه.
كان أمل مريضاً استثنائياً، فقد تمت في جسده تجربة علاج إشعاعي هي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، حصل فيها على أكبر نسبة إشعاع ذري مكثف تُعطى لمريض في جرعة واحدة. وخرج من تلك التجربة منتصراً، غير أن الأمر لم يدم طويلاً، إذ أصيب أمل في النهاية بغيبوبة: "هكذا أعلن أمل الموت، لكنه كطبيعته ما زال حتى النفس الأخير، يحلم بالمقاومة. في منتصف الليل، قبيل وفاته بساعات قليلة، زاره ناصر الخطيب مدير مكتب جريدة (الرياض) بالقاهرة. أيقظ أمل من غيبوبته، وهمس في أذنه باكياً: أمل قاوِمْ. فتح أمل عينيه، وبصعوبة في النطق أجاب: لا أملك سوى المقاومة. ثم راح في غيبوبة".
كثير من الأحداث اليومية والتفاصيل الحميمة، في علاقتها بأمل دنقل ضمّنتها عبلة في "الجنوبي"، كما تحدثت عن مشاكلهما وخلافاتهما التي كانت تزيد علاقتهما الزوجية والإنسانية متانة وصلابة. كما ضمَّنت عبلة في "الجنوبي" قصائد ألقاها أمل في مناسبات مختلفة، كانت تتوقف أحياناً لتنقدها أو تعلّق عليها، أو تشرح الموقف أو المناسبة التي قيلت فيها.
وأخيراً، فإن "الجنوبي" هو بمثلبة هدية حب ووفاء من عبلة الرويني إلى رفيق دربها أمل دنقل الذي لم ينجح الموت في تغييبه، وإنما حوّله إلى صوت قوي صافٍ تصدح الأجيال بشعره.
فاي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-16-2008, 04:37 PM   #3
مشرف سابق

((عـالـم تـانـى))

الصورة الرمزية فاي
افتراضي



أعمال الشاعر







البكاء بين يدي زرقاء اليمامة

أيتها العرافة المقدَّسةْ ..

جئتُ إليك .. مثخناً بالطعنات والدماءْ

أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدّسة

منكسر السيف، مغبَّر الجبين والأعضاءْ.

أسأل يا زرقاءْ ..

عن فمكِ الياقوتِ عن، نبوءة العذراء

عن ساعدي المقطوع.. وهو ما يزال ممسكاً بالراية المنكَّسة

عن صور الأطفال في الخوذات.. ملقاةً على الصحراء

عن جاريَ الذي يَهُمُّ بارتشاف الماء..

فيثقب الرصاصُ رأسَه .. في لحظة الملامسة !

عن الفم المحشوِّ بالرمال والدماء !!

أسأل يا زرقاء ..

عن وقفتي العزلاء بين السيف .. والجدارْ !

عن صرخة المرأة بين السَّبي. والفرارْ ؟

كيف حملتُ العار..

ثم مشيتُ ؟ دون أن أقتل نفسي ؟ ! دون أن أنهار ؟ !

ودون أن يسقط لحمي .. من غبار التربة المدنسة ؟ !

تكلَّمي أيتها النبية المقدسة

تكلمي .. باللهِ .. باللعنةِ .. بالشيطانْ

لا تغمضي عينيكِ، فالجرذان ..

تلعقَ من دمي حساءَها .. ولا أردُّها !

تكلمي ... لشدَّ ما أنا مُهان

لا اللَّيل يُخفي عورتي .. ولا الجدران !

ولا اختبائي في الصحيفة التي أشدُّها ..

ولا احتمائي في سحائب الدخان !

.. تقفز حولي طفلةٌ واسعةُ العينين .. عذبةُ المشاكسة

( - كان يَقُصُّ عنك يا صغيرتي .. ونحن في الخنادْق

فنفتح الأزرار في ستراتنا .. ونسند البنادقْ

وحين مات عَطَشاً في الصحراء المشمسة ..

رطَّب باسمك الشفاه اليابسة ..

وارتخت العينان !)

فأين أخفي وجهيَ المتَّهمَ المدان ؟

والضحكةُ الطروب : ضحكته..

والوجهُ .. والغمازتانْ ! ؟

* * *

أيتها النبية المقدسة ..

لا تسكتي .. فقد سَكَتُّ سَنَةً فَسَنَةً ..

لكي أنال فضلة الأمانْ

قيل ليَ "اخرسْ .."

فخرستُ .. وعميت .. وائتممتُ بالخصيان !

ظللتُ في عبيد ( عبسِ ) أحرس القطعان

أجتزُّ صوفَها ..

أردُّ نوقها ..

أنام في حظائر النسيان

طعاميَ : الكسرةُ .. والماءُ .. وبعض الثمرات اليابسة .

وها أنا في ساعة الطعانْ

ساعةَ أن تخاذل الكماةُ .. والرماةُ .. والفرسانْ

دُعيت للميدان !

أنا الذي ما ذقتُ لحمَ الضأن ..

أنا الذي لا حولَ لي أو شأن ..

أنا الذي أقصيت عن مجالس الفتيان ،

أدعى إلى الموت .. ولم أدع الى المجالسة !!

تكلمي أيتها النبية المقدسة

تكلمي .. تكلمي ..

فها أنا على التراب سائلً دمي

وهو ظمئً .. يطلب المزيدا .

أسائل الصمتَ الذي يخنقني :

" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "

أجندلاً يحملن أم حديدا .. ؟!"

فمن تُرى يصدُقْني ؟

أسائل الركَّع والسجودا

أسائل القيودا :

" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "

" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "

أيتها العَّرافة المقدسة ..

ماذا تفيد الكلمات البائسة ؟

قلتِ لهم ما قلتِ عن قوافل الغبارْ ..

فاتهموا عينيكِ، يا زرقاء، بالبوار !

قلتِ لهم ما قلتِ عن مسيرة الأشجار ..

فاستضحكوا من وهمكِ الثرثار !

وحين فُوجئوا بحدِّ السيف : قايضوا بنا ..

والتمسوا النجاةَ والفرار !

ونحن جرحى القلبِ ،

جرحى الروحِ والفم .

لم يبق إلا الموتُ ..

والحطامُ ..

والدمارْ ..

وصبيةٌ مشرّدون يعبرون آخرَ الأنهارْ

ونسوةٌ يسقن في سلاسل الأسرِ،

وفي ثياب العارْ

مطأطئات الرأس.. لا يملكن إلا الصرخات الناعسة !

ها أنت يا زرقاءْ

وحيدةٌ ... عمياءْ !

وما تزال أغنياتُ الحبِّ .. والأضواءْ

والعرباتُ الفارهاتُ .. والأزياءْ !

فأين أخفي وجهيَ المُشَوَّها

كي لا أعكِّر الصفاء .. الأبله.. المموَّها.

في أعين الرجال والنساءْ !؟

وأنت يا زرقاء ..

وحيدة .. عمياء !

وحيدة .. عمياء !
فاي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-16-2008, 04:38 PM   #4
مشرف سابق

((عـالـم تـانـى))

الصورة الرمزية فاي
افتراضي



من أوراق "أبو نوّاس"


" ملك أم كتابة ؟ "

صاح بي صاحبي , و هو يلقى بدرهمه في الهواء

ثمّ يلقفه ..

( خارجين من الدرس كنّا .. و حبر الطفولة فوق الرداء

و العصافير تمرق عبر البيوت ،

و تهبط فوق النخيل البعيد ! )

... ... ... ...

" ملك أم كتابة ؟ "

صاح بي .. فانتبهت ، ورفت ذبابة

حول عينين لامعتين ..

فقلت : " الكتابة "

.. فتح اليد مبتسما ؛ كان وجه المليك السعيد

باسما في مهابة !

***

" ملك أم كتابة ؟ "

صحت فيه بدوري ..

فرفرف في مقلتيه الصبا والنجابة

و أجاب : " الملك "

دون أن يتلعثم .. أو يرتبك

و فتحت يدي ..

كان نقش الكتابة

بارزا في صلابة !

... ... ...

دارت الأرض دوراتها ..

حملتنا الشواديف من هدأ النهر

ألقت بنا في جداول أرض الغرابة

نتفرّق بين حقول الأسى .. و حقول الصبابة .

قطرتين , التقينا على سلّم القصر ..

ذات مساء وحيد

كنت فيه : نديم الرشيد

بينما صاحبي .. يتولّى الحجابة !!

نائما كنت جانبه ؛ وسمعت الحرس

يوقظون أبي !

خارجيّ

أنا .. !

مارق

من ؟ أنا !

صرخ الطفل في صدر أمّي

( و أمّي محلولة الشعر واقفة في ملابسها المنزليّة )

إخرسوا

واختبأنا وراء الجدار

اخسروا

تسلّل في الحلق خيط من الدم

كان أبي يمسك الجرح ،

يمسك قامته .. و مهابته العائليّة !

يا أبي

اخرسوا

و تواريت في ثوب أمّي ، و الطفل في صدرها مانبس

ومضوا بأبي تاركين لنا اليتم متشحا بالخرس

... ... ... ...

كلّ ما كنت أكتب في هذه الصفحة الورقيّة

صادرته العسس

... ... ... ...



... و أمّي خادمة فارسيّة

يتبادل سادتها النظرات لاردافها ..

عندما تنحني لتضيء اللّهب

يتندّر سادتها الطيّبون بلهجتها الأعجميّة 1

***

نائما كنت جانبها ، ورأيت ملاك القدس

ينحني ، و يربّت وجنتها

و تراخى الذراعان عنّي قليلا

و سارت بقلبي قشعريرة الصمت

- أمّي ؛ و عاد لي الصوت

و أمّي ؛ و جاوبني الموت

أمّي ؛ و عانقتها .. و بكيت

و غام بي الدمع حتّى احتبس !

***
... ... ...
لا تسألني إن كان القرآن

مخلوقا أو أزليّ

بل سلني إن كان السلطان

لصّا .. أو نصف نبيّ
... ... ...

كنت في كربلاء

قال لي الشيخ أن الحسين

مات من أجل جرعة ماء
... ... ...

و تساءلت كيف السيوف استباحت بني الأكرمين

فأجاب الذي بصّرته السماء

إنّه الذهب المتلأليء في كلّ عين

... ... ...

إن تكن كلمات الحسين

و سيوف الحسين

و جلال الحسين

سقطت دون أن تنقذ الحقّ من ذهب الأمراء

أفتقدر أن تنقذ الحقّ ثرثرة الشعراء

و الفرات لسان من الدم لا يجد الشفتين ؟ !

***

مات من أجل جرعة ماء

فاسقني يا غلام صباح مساء

اسقني يا غلام ..

علّني بالمدام ..

أتناسى الدماء
فاي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-16-2008, 04:39 PM   #5
مشرف سابق

((عـالـم تـانـى))

الصورة الرمزية فاي
افتراضي



الآخرون دائما
لا تنظروا لي هكذا

إني أخاف..

لست أنا الذي سحقت الخصب في أطفالكم ،

جعلتهم خصيان

لست أن الذي نبشت القبر ،

كي أضاجع الجثمان

لست أنا الذي اختلست ليلة

لدى عشيقة الملك

فلتبحثوا عمن سيدلي باعتراف

الآخــــــــريــــــــن

( 1 )

هذا الصبي في فراشه اضطجع

وفي كتاب أحمر الغلاف

تجمدت عيناه في سطور :

***

((...وفجأة....ساد الظلام ...))

(( غالب لوبين نفسه......))

(( أشهر روجر مسدسة:

هل أطلق الرصاص بوبين ...))

(( ..ومزق الرصاص هدأة السكون ..))

(( صوت ارتطام جسم في الظلام ..))

(( صوت محرك يدور في نهاية الطري ..))

.....وهب من فراشه يطارد الشبح

فشبح رأسه في قائم السرير..

تحسس الدماء في جبهته،

ثم انبطح

ليطلق الرصاص خلف المجرمين..

( 2 )

صديقتي .. شدت على يدي ،

وقالت: لن أجىء غرفتك

لا بد أن نبقى معا إلى الأبد..

ولم أرد

لأن ثوب العرس في معارض الأزياء

نجمة تدور في سراب

لم أزل أدق بابا بعد باب..

وخطوتي تنهيدة،

وأعيني ضباب..

حتى وصلت غرفتي في آخر المطاف

وهرتي تلد..

مواؤها عذاب أثنى ليلة المخاض

أنثى وحيدة تلد..

وأخلد الجيران للسكون

وقطهم جاف على نافذة بين

يعلق في فروته الناصعة البياض

يعلق عن فروته عذاب هرتى المتحد

.. سعت إليه ذات ليلة،

ولم تسله ثوباً للزفاف

لأن ثوب العرس في معارض الأزياء

نجمة تدور في سراب

(3)

بلقيس ألهبت سليمان الحكيم

أنثى رمت بساطها المضباف للنجوم

لكن سليمان الحكيم..

يقتل غيلة أمير الجند

لأنه يريد أن يبنى بزوجة الأمير

وزوجة الأمير تغتال ابن بلقيس الصغير

لأنها تريد أن يكون طفلها ولى العهد

لكن ولى العهد قال لي

بأنه حين يفع

بلقيس راودته ذات ليلة عن نفسها

لم يستطع

أن يمتنع

..كانت غلالة من الحرير

تهتز فوق مشجب المساء

سألته:

هل تستطيع يا صديقي الإفشاء

عن ابن بلقيس ..أبوه من يكون؟

قال: أنا ما قلت شيئا،

ما فعلت شى

الآخرون

***

لأنني أخاف

لا تنظروا لى هكذا،..فالآخرون

هم الذين يفعلون
فاي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-16-2008, 04:40 PM   #6
مشرف سابق

((عـالـم تـانـى))

الصورة الرمزية فاي
افتراضي



لا تصالحْ!

..ولو منحوك الذهب

أترى حين أفقأ عينيك

ثم أثبت جوهرتين مكانهما..

هل ترى..؟

هي أشياء لا تشترى..:

ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك،

حسُّكما - فجأةً - بالرجولةِ،

هذا الحياء الذي يكبت الشوق.. حين تعانقُهُ،

الصمتُ - مبتسمين - لتأنيب أمكما..

وكأنكما

ما تزالان طفلين!

تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:

أنَّ سيفانِ سيفَكَ..

صوتانِ صوتَكَ

أنك إن متَّ:

للبيت ربٌّ

وللطفل أبْ

هل يصير دمي -بين عينيك- ماءً؟

أتنسى ردائي الملطَّخَ بالدماء..

تلبس -فوق دمائي- ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟

إنها الحربُ!

قد تثقل القلبَ..

لكن خلفك عار العرب

لا تصالحْ..

ولا تتوخَّ الهرب!

(2)

لا تصالح على الدم.. حتى بدم!

لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ

أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟

أقلب الغريب كقلب أخيك؟!

أعيناه عينا أخيك؟!

وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك

بيدٍ سيفها أثْكَلك؟

سيقولون:

جئناك كي تحقن الدم..

جئناك. كن -يا أمير- الحكم

سيقولون:

ها نحن أبناء عم.

قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك

واغرس السيفَ في جبهة الصحراء

إلى أن يجيب العدم

إنني كنت لك

فارسًا،

وأخًا،

وأبًا،

ومَلِك!

(3)

لا تصالح ..

ولو حرمتك الرقاد

صرخاتُ الندامة

وتذكَّر..

(إذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولأطفالهن الذين تخاصمهم الابتسامة)

أن بنتَ أخيك "اليمامة"

زهرةٌ تتسربل -في سنوات الصبا-

بثياب الحداد

كنتُ، إن عدتُ:

تعدو على دَرَجِ القصر،

تمسك ساقيَّ عند نزولي..

فأرفعها -وهي ضاحكةٌ-

فوق ظهر الجواد

ها هي الآن.. صامتةٌ

حرمتها يدُ الغدر:

من كلمات أبيها،

ارتداءِ الثياب الجديدةِ

من أن يكون لها -ذات يوم- أخٌ!

من أبٍ يتبسَّم في عرسها..

وتعود إليه إذا الزوجُ أغضبها..

وإذا زارها.. يتسابق أحفادُه نحو أحضانه،

لينالوا الهدايا..

ويلهوا بلحيته (وهو مستسلمٌ)

ويشدُّوا العمامة..

لا تصالح!

فما ذنب تلك اليمامة

لترى العشَّ محترقًا.. فجأةً،

وهي تجلس فوق الرماد؟!

(4)

لا تصالح

ولو توَّجوك بتاج الإمارة

كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ..؟

وكيف تصير المليكَ..

على أوجهِ البهجة المستعارة؟

كيف تنظر في يد من صافحوك..

فلا تبصر الدم..

في كل كف؟

إن سهمًا أتاني من الخلف..

سوف يجيئك من ألف خلف

فالدم -الآن- صار وسامًا وشارة

لا تصالح،

ولو توَّجوك بتاج الإمارة

إن عرشَك: سيفٌ

وسيفك: زيفٌ

إذا لم تزنْ -بذؤابته- لحظاتِ الشرف

واستطبت- الترف

(5)

لا تصالح

ولو قال من مال عند الصدامْ

".. ما بنا طاقة لامتشاق الحسام.."

عندما يملأ الحق قلبك:

تندلع النار إن تتنفَّسْ

ولسانُ الخيانة يخرس

لا تصالح

ولو قيل ما قيل من كلمات السلام

كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنَّس؟

كيف تنظر في عيني امرأة..

أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟

كيف تصبح فارسها في الغرام؟

كيف ترجو غدًا.. لوليد ينام

-كيف تحلم أو تتغنى بمستقبلٍ لغلام

وهو يكبر -بين يديك- بقلب مُنكَّس؟

لا تصالح

ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام

وارْوِ قلبك بالدم..

واروِ التراب المقدَّس..

واروِ أسلافَكَ الراقدين..

إلى أن تردَّ عليك العظام!

(6)

لا تصالح

ولو ناشدتك القبيلة

باسم حزن "الجليلة"

أن تسوق الدهاءَ

وتُبدي -لمن قصدوك- القبول

سيقولون:

ها أنت تطلب ثأرًا يطول

فخذ -الآن- ما تستطيع:

قليلاً من الحق..

في هذه السنوات القليلة

إنه ليس ثأرك وحدك،

لكنه ثأر جيلٍ فجيل

وغدًا..

سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً،

يوقد النار شاملةً،

يطلب الثأرَ،

يستولد الحقَّ،

من أَضْلُع المستحيل

لا تصالح

ولو قيل إن التصالح حيلة

إنه الثأرُ

تبهتُ شعلته في الضلوع..

إذا ما توالت عليها الفصول..

ثم تبقى يد العار مرسومة (بأصابعها الخمس)

فوق الجباهِ الذليلة!

(7)

لا تصالحْ، ولو حذَّرتْك النجوم

ورمى لك كهَّانُها بالنبأ..

كنت أغفر لو أنني متُّ..

ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ.

لم أكن غازيًا،

لم أكن أتسلل قرب مضاربهم

لم أمد يدًا لثمار الكروم

لم أمد يدًا لثمار الكروم

أرض بستانِهم لم أطأ

لم يصح قاتلي بي: "انتبه"!

كان يمشي معي..

ثم صافحني..

ثم سار قليلاً

ولكنه في الغصون اختبأ!

فجأةً:

ثقبتني قشعريرة بين ضعلين..

واهتزَّ قلبي -كفقاعة- وانفثأ!

وتحاملتُ، حتى احتملت على ساعديَّ

فرأيتُ: ابن عمي الزنيم

واقفًا يتشفَّى بوجه لئيم

لم يكن في يدي حربةٌ

أو سلاح قديم،

لم يكن غير غيظي الذي يتشكَّى الظمأ

(8)

لا تصالحُ..

إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة:

النجوم.. لميقاتها

والطيور.. لأصواتها

والرمال.. لذراتها

والقتيل لطفلته الناظرة

كل شيء تحطم في لحظة عابرة:

الصبا - بهجةُ الأهل - صوتُ الحصان - التعرفُ بالضيف -
همهمةُ القلب حين يرى برعماً في الحديقة يذوي -
الصلاةُ لكي ينزل المطر الموسميُّ -
مراوغة القلب حين يرى طائر الموتِ

وهو يرفرف فوق المبارزة الكاسرة

كلُّ شيءٍ تحطَّم في نزوةٍ فاجرة

والذي اغتالني: ليس ربًا..

ليقتلني بمشيئته

ليس أنبل مني.. ليقتلني بسكينته

ليس أمهر مني.. ليقتلني باستدارتِهِ الماكرة

لا تصالحْ

فما الصلح إلا معاهدةٌ بين ندَّينْ..

(في شرف القلب)

لا تُنتقَصْ

والذي اغتالني مَحضُ لصْ

سرق الأرض من بين عينيَّ

والصمت يطلقُ ضحكته الساخرة!

(9)

لا تصالح

فليس سوى أن تريد

أنت فارسُ هذا الزمان الوحيد

وسواك.. المسوخ!

(10)

لا تصالحْ

س لا تصالحْ
فاي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-16-2008, 04:41 PM   #7
مشرف سابق

((عـالـم تـانـى))

الصورة الرمزية فاي
افتراضي


الزيارة

يقال لم يجئ..

وقيل: لا .. بل جاء بالأمس

واستقبلته في المطار بعثة الشرف

وأطلقوا عشرين طلقة- لدى وصوله-

وطلقة..في كبد الشمس

(لذا فإن الشمس لم تشرق علينا ذلك الصباح)

.. وقيل.. قيل إنه بعد مجئيه انصرف!

فلم يطب له المقام.

وقيل معشوقته هى التى لم ترض بالمقام

ثارت.. لأن كلبها الأثير لم يحتمل الحر..

فعافت نفسه الطعام

(أصدرت السلطات مرسوماً بأن يكف الطقس عن حرارته!!

لذا فإن الشمس لم تشرق علينا هذا الصباح)

من منكم الذي رأى صورته تنشر في صدارة الصحف

يقال إن أذنه مقطوعة الصوان!

هل شظيه في الحرب؟!

هل خنجر لأمرأة غيور؟

أم.. شده سيده منها مؤنباً..

ما قاقتلعتها يده في الجذب؟!

وقيل إن أنفه ملتهب من الشراب

ويدمن النساء في نداوة الشباب

(فهومن الفرسان في هذا المجال:

قرر أن ينضم باسم شعبة للأمم المتحده..

حين رأى موظفاتها بديعات الجمال ! )

أنّى مشى..تحوطه حاشيه من النساء

يكسفن وجه الشمس أو يخسفن القمر

(لذا فإن الشمس لم تشرق علينا هذا الصباح )

ظللتُ أصغى للذي يشيع

حتى تهدلت على أذني أقاويل الوشاة

لكنني...حين أويت في نهاية المساء

عثرت في الراديو على محطة تغدق فوقه الثناء

تقول عنه..انه لولاه..ما تساقط المطر

ولا تبلور الندى...ولا تنفس الشجر

ولا تدفأت عاصفير الشتاء

..كان المذيع لاينى يقول

يصفه بأنه حامي حمى الدين المنيع

وانه ينهج في حياته نهج الرسول

ترى ..أكان صادقا ما تتناقل الشفاه ؟!؟

أم كان صدقا مايقوله المذيع؟!؟









الأرض .. و الجرح الذي لا ينفتح


الأرض ما زالت ، بأذنيها دم من قرطها المنزوع ،

قهقهة اللّصوص تسوق هودجها .. و تتركها بلا زاد ،

تشدّ أصابع العطش المميت على الرمال

تضيع صرختها بحمحمة الخيول .

الأرض ملقاة على الصحراء ... ظامئه ،

و تلقي الدلو مرّات .. و تخرجه بلا ماء !

و تزحف في لهيب القيظ ..

تسأل سمّمه المغول

و عيونها تخبو من الاعياء ، تستسقي جذور الشوك ،

تنتظر المصير المرّ .. يطحنها الذبول

***

من أنت يا حارس ؟

إنّي أنا الحجّاج ..

عصبّني بالتاج ..

تشرينها القارس !

***

الأرض تطوى في بساط " النفط " ،

تحملها السفائن نحو " قيصر " كي تكون إذا تفتّحت

اللّفائف :

رقصة .. و هديّة للنار في أرض الخطاه .

دينارها القصدير مصهور على وجناتها .

زنّارها المحلول يسأل عن زناة الترك ،

و السيّاف يجلدها ! و ماذا ؟ بعد أن فقدت بكارتها ..

و صارت حاملا في عامها الألفيّ من ألفين من عشّاقها !

لا النيل يغسل عارها القاسي .. و لا ماء الفرات !

حتّى لزوجة نهرها الدموي ،

و الأموي يقعى في طريق النبع :

" .. دون الماء رأسك يا حسين .. "

و بعدها يتملّكون ، يضاجعون أرامل الشهداء ،

و لا يتورّعون ، يؤذنّون الفجر .. لم يتطهّروا من رجسهم ،

فالحقّ مات !

***

هل ثبّت الثّقفيّ

قناعة المهزوز ؟

فقد مضى تموز ..

بوجه العربيّ !

***

أحببت فيك المجد و الشعراء

لكنّ الذي سرواله من عنكبوت الوهم :

يمشي في مدائنك المليئة بالذباب

يسقي القلوب عصارة الخدر المنمّق ،

و الطواويس التي نزعت تقاويم الحوائط ،

أوقفت ساعاتها ،

و تجشّأت بموائد السّفراء ..

تنتظر النياشين التي يسخو بها السّلطان ..

فوق أكابر الأغواث منهم !

يا سماء :

أكلّ عام : نجمة عربيّة تهوى ..

و تدخل نجمة برج البرامك ! ؟

ما تزال موعظ الخصيان باسم الجالسين على الحراب ؟

و أراك .. و " ابن سلول " بين المؤمنين بوجهه القزحيّ ..

يسري بالوقيعة فيك ،

و الأنصار واجمة ..

و كلّ قريش واجمة ..

فمن يهديه للرأي الصواب ؟ !

***

ملثّما يخطو ..

قد شوّهته النار !

هل يصلح العطار

ما أفسد النفط ؟

***

لم يبق من شيء يقال .

يا أرض :

هل يلد الرجال
فاي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-16-2008, 04:42 PM   #8
مشرف سابق

((عـالـم تـانـى))

الصورة الرمزية فاي
افتراضي



مقابلة خاصة مع ابن نوح

جاء طوفانُ نوحْ!

المدينةُ تغْرقُ شيئاً.. فشيئاً

تفرُّ العصافيرُ,

والماءُ يعلو.

على دَرَجاتِ البيوتِ

- الحوانيتِ -

- مَبْنى البريدِ -

- البنوكِ -

- التماثيلِ (أجدادِنا الخالدين) -

- المعابدِ -

- أجْوِلةِ القَمْح -

- مستشفياتِ الولادةِ -

- بوابةِ السِّجنِ -

- دارِ الولايةِ -

أروقةِ الثّكناتِ الحَصينهْ.

العصافيرُ تجلو..

رويداً..

رويدا..

ويطفو الإوز على الماء,

يطفو الأثاثُ..

ولُعبةُ طفل..

وشَهقةُ أمٍ حَزينه

الصَّبايا يُلوّحن فوقَ السُطوحْ!

جاءَ طوفانُ نوحْ.

هاهمُ "الحكماءُ" يفرّونَ نحوَ السَّفينهْ

المغنونَ- سائس خيل الأمير- المرابونَ- قاضى القضاةِ

(.. ومملوكُهُ!) -

حاملُ السيفُ - راقصةُ المعبدِ

(ابتهجَت عندما انتشلتْ شعرَها المُسْتعارْ)

- جباةُ الضرائبِ - مستوردو شَحناتِ السّلاحِ -

عشيقُ الأميرةِ في سمْتِه الأنثوي الصَّبوحْ!

جاءَ طوفان نوحْ.

ها همُ الجُبناءُ يفرّون نحو السَّفينهْ.

بينما كُنتُ..

كانَ شبابُ المدينةْ

يلجمونَ جوادَ المياه الجَمُوحْ

ينقلونَ المِياهَ على الكَتفين.

ويستبقونَ الزمنْ

يبتنونَ سُدود الحجارةِ

عَلَّهم يُنقذونَ مِهادَ الصِّبا والحضاره

علَّهم يُنقذونَ.. الوطنْ!

.. صاحَ بي سيدُ الفُلكِ - قبل حُلولِ

السَّكينهْ:

"انجِ من بلدٍ.. لمْ تعدْ فيهِ روحْ!"

قلتُ:

طوبى لمن طعِموا خُبزه..

في الزمانِ الحسنْ

وأداروا له الظَّهرَ

يوم المِحَن!

ولنا المجدُ - نحنُ الذينَ وقَفْنا

نتحدى الدَّمارَ..

ونأوي الى جبلٍِ لا يموت

(يسمونَه الشَّعب!)

نأبي الفرارَ..

ونأبي النُزوحْ!

كان قلبي الذي نَسجتْه الجروحْ

كان قَلبي الذي لَعنتْه الشُروحْ

يرقدُ - الآن - فوقَ بقايا المدينه

وردةً من عَطنْ

هادئاً..

بعد أن قالَ "لا" للسفينهْ

.. وأحب الوطن!
فاي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-16-2008, 04:45 PM   #9
مشرف سابق

((عـالـم تـانـى))

الصورة الرمزية فاي
افتراضي



مقتل القمر
وتناقلوا النبأ الأليم على بريد الشمس

في كل مدينة ،

(( قُتِل القمـــر ))!

شهدوه مصلوباً تَتَدَلَّى رأسه فوق الشجر !

نهب اللصوص قلادة الماس الثمينة من صدره!

تركوه في الأعواد ،

كالأسطورة السوداء في عيني ضرير

ويقول جاري :

-(( كان قديساً ، لماذا يقتلونه ؟))

وتقول جارتنا الصبية :

- (( كان يعجبه غنائي في المساء

وكان يهديني قوارير العطور

فبأي ذنب يقتلونه ؟

هل شاهدوه عند نافذتي _قبيل الفجر _ يصغي للغناء!؟!؟))

..... ........ .......

وتدلت الدمعات من كل العيون

كأنها الأيتام – أطفال القمر

وترحموا...

وتفرقوا.....

فكما يموت الناس.....مات !

وجلست ،

أسألة عن الأيدي التي غدرت به

لكنه لم يستمع لي ،

..... كان مات !

****

دثرته بعباءته

وسحبت جفنيه على عينيه...

حتى لايرى من فارقوه!

وخرجت من باب المدينة

للريف:

يا أبناء قريتنا أبوكم مات

قد قتلته أبناء المدينة

ذرفوا عليه دموع أخوة يوسف

وتفرَّقوا

تركوه فوق شوارع الإسفلت والدم والضغينة

يا أخوتي : هذا أبوكم مات !

- ماذا ؟ لا.......أبونا لا يموت

- بالأمس طول الليل كان هنا

- يقص لنا حكايته الحزينة !

- يا أخوتي بيديّ هاتين احتضنته

أسبلت جفنيه على عينيه حتى تدفنوه !

قالوا : كفاك ، اصمت

فإنك لست تدري ما تقول !

قلت : الحقيقة ما أقول

قالوا : انتظر

لم تبق إلا بضع ساعات...

ويأتي!

***

حط المساء

وأطل من فوقي القمر

متألق البسمات ، ماسىّ النظر

- يا إخوتي هذا أبوكم ما يزال هنا

فمن هو ذلك المُلْقىَ على أرض المدينة ؟

قالوا: غريب

ظنه الناس القمر

قتلوه ، ثم بكوا عليه

ورددوا (( قُتِل القمر ))

لكن أبونا لا يموت

أبداً أبونا لايموت !










الخيول



(1)

الفتوحات فى الأرض – مكتوبة بدماء الخيول

وحدودُ الممالك

رسمتها السنابك

والركابان : ميزان عدل يميل مع السيف

حيث يميل

***

اركضى أو قفى الآن .. أيتها الخيلُ :

لستِ المغيرات صبحا

ولا العاديات – كما قيل – ضبحا

ولاخضرة فى طريقك تُمحى

ولاطفل أضحى

إذا مامررت به ... يتنحَّى

وهاهى كوكبة الحرس الملكى..

تجاهد أن تبعث الروح فى جسد الذكريات

بدقِّ الطبول

اركضى كالسلاحف

نحو زوايا المتاحف..

صيرى تماثيل من حجرٍ فى الميادين

صيرى أراجيح من خشبٍ للصغار – الرياحين

صيرى فوارس حلوى بموسمك النبوى

وللصبية الفقراء حصاناً من الطينِ

صيرى رسوماً ... ووشماً

تجف الخطوط به

مثلما حفَّ – فى رئتيك – الصهيل !

(2)

كانت الخيلُ - فى البدءِ – كالناس

برِّيَّةً تتراكضُ عبر السهول

كانت الخيلُ كالناس فى البدءِ

تمتلكُ الشمس والعشب

والملكوتِ الظليل

ظهرها... لم يوطأ لكى يركب القادة الفاتحون

ولم يلنِ الجسدُ الحُرُّ تحت سياطِ المروِّض

والفمُ لم يمتثل للجام

ولم يكن ... الزاد بالكاد

لم تكن الساق مشكولة

والحوافر لم يك يثقلها السنبك المعدنى الصقيل

كانت الخيلُ برِّيَّة

تتنفس بحرية

مثلما يتنفسها الناس

فى ذلك الزمن الذهبى النبيل

***

اركضى ... أو قفى

زمنٌ يتقاطعُ

واخترتِ أن تذهبى فى الطريق الذى يتراجعُ

تنحدرُ الشمس

ينحدرُ الأمس

تنحدر الطرق الجبلية للهوَّة اللانهائية

الشهب المتفحمة

الذكريات التى أشهرت شوكها كالقنافذِ

والذكريات التى سلخ الخوفُ بشرتها

كل نهر يحاول أن يلمس القاع –

كل الينابيع إن لمست جدولاً من جداولها

تختفى

وهى ... لاتكتفى

فاركضى أو قفى

كل دربٍ يقودك من مستحيل إلى مستحيل !!

(3)

الخيولُ بساط على الريح

سار – على متنه – الناسُ للناسِ عبر المكان

والخيولُ جدارٌ به انقسم

الناس صنفين :

صاروا مشاةً وركبان

والخيول التى انحدرت نحو هوة نسيانها

حملت معها جيل فرسانها

تركت خلفها : دمعة الندى الأبدى

وأشباح خيل

وأشباه فرسان

ومشاةٍ يسيرون- حتى النهاية – تحت ظلال الهوان

أركضى للقرار

واركضى أو قفى فى طريق الفرار

تتساوى محصلة الركض والرفض فى الأرض

ماذا تبقى لكِ الآن ؟ ماذا ؟

سوى عرقٍ يتصببُ من تعبٍ

يستحيل دنانير من ذهبٍ

فى جيوب هواةِ سلالاتك العربية

فى حلبات المراهنةِ الدائرية

فى نزهة المركبات السياحية المشتهاة

وفى المتعة المشتراة

وفى المرأة الأجنبية تعلوكِ فى ظلالِ أبى الهول

( هذا الذى كسرت أنفه *** لعنة الإنتظار الطويل )

إستدارت – إلى الغربِ – مزولة الوقت

صارتِ الخيلُ ناساً تسيرُ إلى هوَّةِ الصمت

بينما الناسُ خيلٌ تسيرُ إلى هوَّةِ الموت !!










العشاء ..!

قصدتهم في موعد العشاء

تطالعوا لي برهة ،

ولم يرد واحد منهم تحية المساء !

......وعادت الأيدي تراوح الملاعق الصغيرة

في طبق الحساء

........ ....... .........

نظرت في الوعـــاء :

هتفت : (( ويحكم ....دمي

هذا دمي .....فانتبهوا ))

........لم يــأبهوا !

وظلّت الأيدي تراوح الملاعق الصغيرة

وظلت الشفاة تلعق الدماء !








إلى صديقة دمشقية



إذا سباكِ قائدُ التتار

وصرتِ محظية..

فشد شعرا منك سعار

وافتض عذرية..

واغرورقت عيونك الزرق السماوية

بدمعة كالصيف ، ماسية

وغبت في الأسوار ،

فمن ترى فتح عين الليل بابتسامة النهار؟

***

مازلتِ رغم الصمت والحصار

أذكر عينيك المضيئتين من خلف الخمار

وبسمة الثغر الطفولية..

أذكر أمسياتنا القصار

ورحلة السفح الصباحية

حين التقينا نضرب الأشجار

ونقذف الأحجار

في مساء فسقية !

****

قلتِ – ونحن نسدل الأستار

في شرفة البيت الأمامية:

لاتبتعد عني

انظرْ إلى عيني

هل تستحق دمعةً من أدمع الحزن؟

ولم أجبكِ، فالمباخر الشآمية

والحب والتذكار

طغت على لحني

لم تبق مني وهم ، أغنية !

وقلتُ ، والصمت العميق تدقه الأمطار

على الشوارع الجليدية:

عدتُ إليك..بعد طول التيه في البحار

أدفن حزني في عبير الخصلات الكستنائية

أسير في جناتك الخضر الربيعية

أبلٌ ريق الشوق من غدرانها ،

أغسل عن وجهي الغبار!!

نافحتُ عنك قائد التتار

رشقتُ في جواده..مدية

لكنني خشيت أن تَمسّكِ الأخطار

حين استحالت في الدجى الرؤية

لذا استطاع في سحابة الغبار

ان يخطف العذراء....تاركا على يدي الأزرار

كالوهم ، كالفريه !

.......... ............ .........

(......ما بالنا نستذكر الماضي ، دعي الأظفار...

لا تنبش الموتى ، تعرى حرمة الأسرار.....)

****

يا كم تمنت زمرة الأشرار

لو مزقوا تنورة في الخصر...بُنيّة

لو علموك العزف في القيثار

لتطربيهم كل امسية

حتى إذا انفضت أغنياتك الدمشقية

تناهبوك ؛ القادة الأقزام..والأنصار

ثم رموك للجنود الانكشارية

يقضون من شبابك الأوطار

****

الآن...مهما يقرع الإعصار

نوافذ البيت الزجاجية ،

لن ينطفي في الموقد المكدود رقص النار

تستدفئ الأيدى على وهج العناق الحار

كي تولد الشمس التي نختار

في وحشة الليل الشتائية!










مزامير

المزمور الأوّل

أعشق أسكندريّة ،

واسكنريّة تعشق رائحة البحر ،

و البحر يعشق فاتنة في الضفاف البعيدة !

***

كلّ أمسية ؛ تتسلّل من جانبي

تتجرّد من كلّ أثوابها

و تحلّ غدائرها

ثمّ تخرج عارية في الشوارع تحت المطر !

فإذا اقتربت من سرير التنهّد و الزرقة

انطرحت في ملاءاته الرغويّة ؛

و انفتحت .. تنتظر !

و تظلّ إلى الفجر ..

ممدودة – كالنداء

و مشدودة – كالوتر
... ... ...
و تظلّ .. وحيدة !!

المزمور الثاني

قلت لها في اللّيلة الماطرة

البحر عنكبوت

و أنت – في شراكه – فراشة تموت

و انتفضت كالقطّة النافره

و انتصبت في خفقان الريح و الأمواج

( ثديان من زجاج

و جسد من عاج )

و انفلتت مبحرة في رحلة المجهول ، فوق الزّبد المهتاج

ناديت .. ما ردّت !

صرخت .. ما ارتدّت !

و ظلّ صوتي يتلاشى .. في تلاشيها ..

وراء الموجة الكاسرة )

... .... ....

( خاسرة ، خاسرة

إن تنظري في الغريمة الساحرة

أو ترفعي عينيك نحو الماسة التي تزيّن التاج ! )

المزمور الثالث

لفظ البحر أعضاءها في صباح أليم

فرأيت الكلوم

ورأيت أظافرها الدمويّة

تتلوّى على خصلة " ذهبيّة "

فحشوت جراحاتها بالرمال ،

و أدفأتها بنبيذ الكروم .

... ... ... ....

و تعيش معي الآن !

ما بيننا حائط من وجوم

بيننا نسمات " الغريم "

كلّ أمسية ..

تتسلّل في ساعة المد ، في الساعة القمريّة

تستريح على صخرة الأبديّة

تتسمّع سخرية الموج من تحت أقدامها

و صفير البواخر .. راحلة في السواد الفحميم

تتصاعد من شفتيها المملّحتين رياح السموم

تتساقط أدمعها في سهوم

و النجوم

( الغريقة في القاع )

تصعد ... واحدة .. بعد أخرى ..

فتلقطها

و تعدّ النجوم

في انتظار الحبيب القديم !











الطيور
الطيورُ مُشردةٌ في السَّموات,

ليسَ لها أن تحطَّ على الأرضِ,

ليسَ لها غيرَ أن تتقاذفَها فلواتُ الرّياح!

ربما تتنزلُ..

كي تَستريحَ دقائقَ..

فوق النخيلِ - النجيلِ - التماثيلِ -

أعمِدةِ الكهرباء -

حوافِ الشبابيكِ والمشربيَّاتِ

والأَسْطحِ الخرَسانية.

(اهدأ, ليلتقطَ القلبُ تنهيدةً,

والفمُ العذبُ تغريدةً

والقطِ الرزق..)

سُرعانَ ما تتفزّعُ..

من نقلةِ الرِّجْل,

من نبلةِ الطّفلِ,

من ميلةِ الظلِّ عبرَ الحوائط,

من حَصوات الصَّياح!)

***

الطيورُ معلّقةٌ في السموات

ما بين أنسجةِ العَنكبوتِ الفَضائيِّ: للريح

مرشوقةٌ في امتدادِ السِّهام المُضيئةِ

للشمس,

(رفرفْ..

فليسَ أمامَك -

والبشرُ المستبيحونَ والمستباحونَ: صاحون -

ليس أمامك غيرُ الفرارْ..

الفرارُ الذي يتجدّد. كُلَّ صباح!)

(2)

والطيورُ التي أقعدتْها مخالَطةُ الناس,

مرتْ طمأنينةُ العَيشِ فَوقَ مناسِرِها..

فانتخَتْ,

وبأعينِها.. فارتخَتْ,

وارتضتْ أن تُقأقَىَء حولَ الطَّعامِ المتاحْ

ما الذي يَتَبقي لهَا.. غيرُ سَكينةِ الذَّبح,

غيرُ انتظارِ النهايه.

إن اليدَ الآدميةَ.. واهبةَ القمح

تعرفُ كيفَ تَسنُّ السِّلاح!

(3)

الطيورُ.. الطيورْ

تحتوي الأرضُ جُثمانَها.. في السُّقوطِ الأخيرْ!

والطُّيُورُ التي لا تَطيرْ..

طوتِ الريشَ, واستَسلَمتْ

هل تُرى علِمتْ

أن عُمرَ الجنَاحِ قصيرٌ.. قصيرْ?!

الجناحُ حَياة

والجناحُ رَدى.

والجناحُ نجاة.

والجناحُ.. سُدى!









الجنوبي


صورة

هل أنا كنت طفلاً

أم أن الذي كان طفلاً سواي

هذه الصورة العائلية

كان أبي جالساً، وأنا واقفُ .. تتدلى يداي

رفسة من فرس

تركت في جبيني شجاً، وعلَّمت القلب أن يحترس

أتذكر

سال دمي

أتذكر

مات أبي نازفاً

أتذكر

هذا الطريق إلى قبره

أتذكر

أختي الصغيرة ذات الربيعين

لا أتذكر حتى الطريق إلى قبرها

المنطمس

أو كان الصبي الصغير أنا ؟

أن ترى كان غيري ؟

أحدق

لكن تلك الملامح ذات العذوبة

لا تنتمي الآن لي

و العيون التي تترقرق بالطيبة

الآن لا تنتمي لي

صرتُ عني غريباً

ولم يتبق من السنوات الغربية

الا صدى اسمي

وأسماء من أتذكرهم -فجأة-

بين أعمدة النعي

أولئك الغامضون : رفاق صباي

يقبلون من الصمت وجها فوجها فيجتمع الشمل كل صباح

لكي نأتنس.

وجه

كان يسكن قلبي

وأسكن غرفته

نتقاسم نصف السرير

ونصف الرغيف

ونصف اللفافة

والكتب المستعارة

هجرته حبيبته في الصباح فمزق شريانه في المساء

ولكنه يعد يومين مزق صورتها

واندهش.

خاض حربين بين جنود المظلات

لم ينخدش

واستراح من الحرب

عاد ليسكن بيتاً جديداً

ويكسب قوتاً جديدا

يدخن علبة تبغ بكاملها

ويجادل أصحابه حول أبخرة الشاي

لكنه لا يطيل الزيارة

عندما احتقنت لوزتاه، استشار الطبيب

وفي غرفة العمليات

لم يصطحب أحداً غير خف

وأنبوبة لقياس الحرارة.

فجأة مات !

لم يحتمل قلبه سريان المخدر

وانسحبت من على وجهه سنوات العذابات

عاد كما كان طفلاً

سيشاركني في سريري

وفي كسرة الخبز، والتبغ

لكنه لا يشاركني .. في المرارة.

وجه

ومن أقاصي الجنوب أتى،

عاملاً للبناء

كان يصعد "سقالة" ويغني لهذا الفضاء

كنت أجلس خارج مقهى قريب

وبالأعين الشاردة

كنت أقرأ نصف الصحيفة

والنص أخفي به وسخ المائدة

لم أجد غير عينين لا تبصران

وخيط الدماء.

وانحنيت عليه أجس يده

قال آخر : لا فائدة

صار نصف الصحيفة كل الغطاء

و أنا ... في العراء

وجه

ليس أسماء تعرف أن أباها صعد

لم يمت

هل يموت الذي كان يحيا

كأن الحياة أبد

وكأن الشراب نفد

و كأن البنات الجميلات يمشين فوق الزبد

عاش منتصباً، بينما

ينحني القلب يبحث عما فقد.

ليت "أسماء"

تعرف أن أباها الذي

حفظ الحب والأصدقاء تصاويره

وهو يضحك

وهو يفكر

وهو يفتش عما يقيم الأود .

ليت "أسماء" تعرف أن البنات الجميلات

خبأنه بين أوراقهن

وعلمنه أن يسير

ولا يلتقي بأحد .

مرآة

-هل تريد قليلاً من البحر ؟

-إن الجنوبي لا يطمئن إلى اثنين يا سيدي

البحر و المرأة الكاذبة.

-سوف آتيك بالرمل منه

وتلاشى به الظل شيئاً فشيئاً

فلم أستبنه.

.

-هل تريد قليلاً من الخمر؟

-إن الجنوبي يا سيدي يتهيب شيئين :

قنينة الخمر و الآلة الحاسبة.

-سوف آتيك بالثلج منه

وتلاشى به الظل شيئاً فشيئاً

فلم أستبنه

بعدما لم أجد صاحبي

لم يعد واحد منهما لي بشيئ

-هل نريد قليلاً من الصبر ؟

-لا ..

فالجنوبي يا سيدي يشتهي أن يكون الذي لم يكنه

يشتهي أن يلاقي اثنتين:

الحقيقة و الأوجه الغائبة.
فاي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-16-2008, 04:46 PM   #10
مشرف سابق

((عـالـم تـانـى))

الصورة الرمزية فاي
افتراضي



فى انتظار السيف
وردة فى عروة السّرة:

ماذا تلدين الآن ؟

طفلا .. أم جريمة ؟

أم تنوحين على بوّابة القدس ؟

عادت الخيل من المشرق،

عاد (الحسن الأعصم ) والموت المغير

بالرداء الأرجوانىّ ، وبالوجه اللصوصى ،

وبالسيف الأجير

فانظرى تمثاله الواقف فى الميدان ..

(يهتّز مع الريح .!)

انظرى من فرجة الشبّاك :

أيدى صبية مقطوعة ..

مرفوعة .. فوق السّنان

(..مردفا زوجته الحبلى على ظهر الحصان)

أنظرى خيط الدم القانى على الأرض

((هنا مرّ .. هنا ))

فانفقأت تحت خطى الجند ...

عيون الماء ،

واستلقت على التربة .. قامات السنابل .

ثم..ها نحن جياع الأرض نصطف ..

لكى يلقى لنا عهد الأمان .

ينقش السكة باسم الملك الغالب ،

يلقى خطبة الجمعة باسم الملك الغالب ،

يرقى منبر المسجد ..

بالسيف الذى يبقر أحشاء الحوامل .

***

تلدين الآن من يحبو..

فلا تسنده الأيدى ،

ومن يمشى .. فلا يرفع عينيه الى الناس ،

ومن يخطفه النخّاس :

قد يصبح مملوكا يلطون به فى القصر،

يلقون به فى ساحة الحرب ..

لقاء النصر ،

هذا قدر المهزوم :

لا أرض .. ولا مال .

ولا بيت يردّ الباب فيه ..

دون أن يطرقه جاب ..

وجندى رأى زوجته الحسناء فى البيت المقابل)

أنظرى أمّتك الأولى العظيمة

أصبحت : شرذمة من جثث القتلى ،

وشحّادين يستجدون عطف السيف

والمال الذى ينثره الغازى ..

فيهوي ما تبقى من رجال ..

وأرومة .

أنظرى ..

لا تفزعى من جرعة الخزى،

أنظرى ..

حتى تقيه ما بأحشائك ..

من دفء الأمومة .

***

تقفز الأسواق يومين ..

وتعتاد على ((النقد)) الجديد

تشتكى الأضلاع يومين ..

وتعتاد على الصوت الجديد

وأنا منتظر .. جنب فراشك

جالس أرقب فى حمّى ارتعاشك_

صرخة الطفل الذى يفتح عينيه ..

على مرأى الجنود! (يوليو 1970)
فاي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-16-2008, 04:48 PM   #11
مشرف سابق

((عـالـم تـانـى))

الصورة الرمزية فاي
افتراضي



سفر أ مل د نقل

(الإصحاح الأول)

القِطاراتُ ترحلُ فوق قضيبينِ: ما كانَ ما سيكُونْ!

والسماءُ: رمادٌ;.. به صنعَ الموتُ قهوتَهُ,

ثم ذَرّاه كي تَتَنَشَّقَه الكائناتُ,

فينسَلّ بينَ الشَّرايينِ والأفئِده.

كلُّ شيءٍ - خلال الزّجاج - يَفِرُّ:

رذاذُ الغبارِ على بُقعةِ الضَّوءِ,

أغنيةُ الرِّيحِ,

قَنْطرةُ النهرِ,

سِربُ العَصافيرِ والأعمِدهْ.

كلُّ شيءٍ يفِرُّ,

فلا الماءُ تُمسِكُه اليدُ,

والحُلْمُ لا يتبقَّى على شُرفاتِ العُيونْ.

***

والقطاراتُ تَرحلُ, والراحلونْ..

يَصِلُونَ.. ولا يَصلُونْ!

(الإصحاح الثاني)

سنترال:

أعطِ للفتياتِ

- اللواتي يَنَمْنَ الى جانب الآلةِ الباردةِ -

(شارداتِ الخيالْ)

رقمي; رقمَ الموتِ; حتى أجيءَ الى العُرْسِ..

ذي الليلةِ الواحِدهْ!

أَعطِه للرجالْ..

عِندما يلثُمُون حَبيباتهم في الصَّباحِ, ويرتحلونَ

الى جَبَهاتِ القِتالْ!!










(الإصحاح الثالث)


الشُهورُ: زُهُورٌ; على حافَةِ القَلبِ تَنْمو.

وتُحرقُها الشَّمسُ ذاتُ العُيون الشَّتائيَّةِ المُطفأهْ.

***

زهرةٌ في إناءْ

تتوهَّجُ - في أوَّلِ الحبِّ - بيني وبينَكِ..

تُصبحُ طفلاً.. وأرجوحةً.. وامرأة.

زهرةً في الرِّداء

تَتَفَتَّحُ أوراقُها في حَياءْ

عندما نَتَخَاضرُّ في المشْيةِ الهادِئه.

زهرةُ من غِناء

تَتَورَّدُ فوق كَمنجاتِ صوتكِ

حين تفاجئكِ القُبلةُ الدافِئه.

زهرةٌ من بُكاء

تتجمَّدُ - فوقَ شُجيرةِ عينيكِ - في لحظاتِ الشِّجارِ الصغيرةِ,

أشواكُها: الحزنُ.. والكِبرياءْ.

زهرةٌ فوق قبرٍ صغيـرْ

تنحني; وأنا أتحاشى التطلعَ نحوكِ..

في لحظات الودَاعِ الأَخيرْ.

تَتَعرَّى; وتلتفُّ بالدَّمعِ - في كلِّ ليلٍ - إذا الصَّمتُ جاءْ.

لم يَعُدْ غيرُها.. من زهورِ المسَاء

هذه الزهرةُ - اللؤلؤه!

(الإصحاح الرابع)

تحبلُ الفتياتْ

في زيارات أعمامِهنَّ الى العائله.

ثم.. يُجْهِضُهُنَّ الزحامُ على سُلَّم "الحافِله"

وترام الضَّجيج!

***

تذهبُ السَّيداتْ

ليُعَالجْنَ أسنانَهنَّ فَيُؤْمِنَّ بالوحْدَة الشامله!

ويُجِدْنَ الهوى بلِسانِ "الخليج"!

***

يا أبانا الذي صارَ في الصَّيدليَّات والعُلَبِ العازله

نجّنا من يدِ "القابِلهْ"

نَجنّا.. حين نقضُم - في جنَّة البؤسِ - تفّاحَةَ العَربات وثيابِ الخُروجْ!!

(الإصحاح الخامس)

تصْرخين.. وتخترقينَ صُفوفَ الجُنودْ.

نتعانقُ في اللحظاتِ الأخيرةِ,..

في الدرجاتِ الأخيرةِ.. من سلّم المِقصلَهْ.

أتحسَّسُ وجهَكِ!

(هل أنت طِفلتيَ المستحيلةُ أم أمِّيَ الأرملةْ?)

أتحسسُ وجهَكِ!

(لمْ أكُ أعمى;.

ولكنَّهم أرفقُوا مقلتي ويدي بمَلَفِّ اعترافي

لتنظرَه السلُطاتُ..

فتعرفَ أنِّيَ راجعتهُ كلمةً.. كلمةً..

ثم وَقَّعتُهُ بيدي..

- ربما دسَّ هذا المحقِّقُ لي جملةً تنتهي بي الى الموتِ!

لكنهمْ وعدوا أن يُعيدوا اليَّ يديَّ وعينيَّ بعدَ

انتهاءِ المحاكمة العادِلهْ!)

زمنُ الموتِ لا ينتهي يا ابنتي الثاكلهْ

وأنا لستُ أوَّلَ من نبَّأ الناسَ عن زمنِ الزلزلهْ

وأنا لستُ أوَّلَ من قال في السُّوقِ..

إن الحمامةَ - في العُشِّ - تحتضنُ القنبلهْ!.

قَبّلبيني;.. لأنقلَ سرِّي الى شفتيك,

لأنقل شوقي الوحيد

لك, للسنبله,

للزُهور التي تَتَبرْعمُ في السنة المقبلهْ

قبّليني.. ولا تدْمعي..

سُحُبُ الدمعِ تَحجبني عن عيونِك..

في هذه اللَّحظةِ المُثقله

كثُرتْ بيننا السُّتُرُ الفاصِله

لا تُضيفي إليها سِتاراً جديدْ!

(الإصحاح السادس)

كان يجلسُ في هذه الزاويهْ.

كان يكتبُ, والمرأةُ العاريهْ

تتجوَّل بين الموائِدِ; تعرضُ فتنتَها بالثَّمنْ.

عندما سألَتْه عَن الحَربِ;

قال لها..

لا تخافي على الثروةِ الغاليهْ

فعَدوُّ الوطنْ

مثلُنا.. يخْتتنْ

مثلنا.. يعشقُ السّلَعَ الأجنبيَّهْ,

يكره لحمَ الخنازيرِ,

يدفعُ للبندقيَّةِ.. والغانيهْ!

.. فبكتْ!

كان يجلسُ في هذه الزّاويهْ.

عندما مرَّت المرأةُ العاريهْ

ودعاها; فقالتْ له إنها لن تُطيل القُعودْ

فهي منذُ الصباحِ تُفَتّشُ مُستشفياتِ الجُنودْ

عن أخيها المحاصرِ في الضفَّةِ الثانيهْ

(عادتِ الأرضُ.. لكنَّه لا يعودْ!)

وحكَتْ كَيف تحتملُ العبءَ طِيلة غربتهِ القاسيهْ

وحكتْ كيفَ تلبسُ - حين يجيءُ - ملابسَها الضافيهْ

وأرَتْهُ لهُ صورةً بين أطفالِهِ.. ذاتَ عيد

.. وبكت!!

(الإصحاح السابع)

أشعر الآنَ أني وحيدٌ;..

وأن المدينةَ في الليلِ..

(أشباحَها وبناياتِها الشَّاهِقه)

سُفنٌ غارقه

نهبتْها قراصنةُ الموتِ ثم رمتْها الى القاعِ.. منذُ سِنينْ.

أسندَ الرأسَ ربَّانُها فوقَ حافتِها,

وزجاجةُ خمرٍ مُحطّمةٌ تحت أقدامهِ;

وبقايا وسامٍ ثمين.

وتشَبَّث بحَّارةُ الأمسِ فيها بأعمدةِ الصَّمتِ في الأَروِقه

يتسلَّل من بين أسمالِهم سمكُ الذكريات الحزينْ.

وخناجرُ صامتهٌ,..

وطحالبُ نابتهٌ,

وسِلالٌ من القِططِ النافقه.

ليس ما ينبضُ الآنَ بالروحِ في ذلك العالمِ المستكينْ

غير ما ينشرُ الموجُ من عَلَمٍ.. (كان في هبّةِ الريحِ)

والآن يفركُ كفَّيْهِ في هذه الرُّقعةِ الضيِّقه!

سَيظلُّ.. على السَّارياتِ الكَسيرةِ يخفقُ..

حتى يذوبَ.. رويداً.. رويداً..

ويصدأُ فيه الحنينْ

دون أن يلثمَ الريحَ.. ثانيةً,

أو.. يرى الأرضَ,

أو.. يتنهَّدَ من شَمسِها المُحرِقه!

(الإصحاح الثامن)

آهِ.. سَيدتي المسبلهْ.

آه.. سيدةَ الصّمتِ واللفتاتِ الوَدودْ.

***

لم يكنْ داخلَ الشقَّةِ المُقفله

غيرُ قطٍ وحيدْ.

حين عادت من السُّوق تحملُ سلَّتها المُثقله

عرفتْ أن ساعي البريدْ

مَرَّ..

(في فُتحةِ البابِ..

كان الخِطابُ,

طريحاً..

ككابِ الشَّهيدْ!)

.. قفز القِطٌ في الولوله!

قفزت من شبابيكِ جيرانِها الأَسئِله

آه.. سيدةَ الصمتِ والكلماتِ الشَّرُودْ

آه.. أيتُها الأَرملَه!

(الإصحاح التاسع)

دائماً - حين أمشي - أرى السُّتْرةَ القُرمزيَّةَ

بينَ الزحام.

وأرى شعرَكِ المتهدِّلَ فوقَ الكتِف.

وأرى وجهَك المتبدِّلَ..

فوق مرايا الحوانيتِ,

في الصُّور الجانبيَّةِ,

في لفتاتِ البناتِ الوحيداتِ,

في لمعانِ خدودِ المُحبين عندَ حُلول الظلامْ.

دائماً أتحسَّسُ ملمَسَ كفِّك.. في كلِّ كفّ.

المقاهي التي وهبَتْنَا الشَّرابَ,

الزوايا التي لا يرانا بها الناس,

تلكَ الليالي التي كانَ شعرُكِ يبتلُّ فيها..

فتختبيئينَ بصدري من المطرِ العَصَبي,

الهدايا التي نتشاجرُ من أجلِها,

حلقاتُ الدخانِ التي تتجَمَّعُ في لحظاتِ الخِصام

دائماً أنتِ في المُنتصف!

أنتِ بيني وبين كِتابي,

وبيني وبينَ فراشي,

وبيني وبينَ هدُوئي,

وبيني وبينَ الكَلامْ.

ذكرياتُكِ سِّجني, وصوتكِ يجلِدني

ودمي: قطرةٌ - بين عينيكِ - ليستْ تجِفْ!

فامنحيني السَّلام!

امنحيني السَّلامْ!

(الإصحاح العاشر)

الشوارعُ في آخرِ اللّيل... آه..

أراملُ متَّشحاتٌ.. يُنَهْنِهْنَ في عَتباتِ القُبورِ - البيوتْ.

قطرةً.. قطرةً; تتساقطُ أدمُعُهنَّ مصابيحَ ذابلةً,

تتشبث في وجْنةِ الليلِ, ثم.. تموتْ!

الشوارعُ - في آخر الليلِ - آه..

خيوطٌ من العَنْكبوتْ.

والمَصابيحُ - تلكَ الفراشاتُ - عالقةٌ في مخالبِها,

تتلوَّى.. فتعصرها, ثم تَنْحَلُّ شيئاً.. فشيئا..

فتمتصُّ من دمها قطرةً.. قطرةً;

فالمصابيحُ: قُوتْ!

الشوارعُ - في آخرِ الليلِ - آه..

أفاعٍ تنامُ على راحةِ القَمرِ الأبديّ الصَّموتْ

لَمَعانُ الجلودِ المفضَّضةِ المُسْتَطيلةِ يَغْدُو.. مصابيحَ..

مَسْمومةَ الضوءِ, يغفو بداخلِها الموتُ;

حتى إذا غَرَبَ القمرُ: انطفأتْ,

وغَلى في شرايينها السُّمُّ

تَنزفُه: قطرةً.. قطرةً; في السُكون المميتْ!

وأنا كنتُ بينَ الشوارعِ.. وحدي!

وبين المصابيحِ.. وحدي!

أتصبَّبُ بالحزنِ بين قميصي وجِلْدي.

قَطرةً.. قطرةً; كان حبي يموتْ!

وأنا خارجٌ من فراديسِهِ..

دون وَرْقَةِ تُوتْ!












زهور

(وهي من أوراق الغرفة رقم 8 التي قضي فيها نحبه في المعهد القومي للأورام)

وسلالٌ منَ الورِد,

ألمحُها بينَ إغفاءةٍ وإفاقه

وعلى كلِّ باقةٍ

اسمُ حامِلِها في بِطاقه

***

تَتَحدثُ لي الزَهراتُ الجميلهْ

أن أَعيُنَها اتَّسَعَتْ - دهشةً -

َلحظةَ القَطْف,

َلحظةَ القَصْف,

لحظة إعدامها في الخميلهْ!

تَتَحدثُ لي..

أَنها سَقَطتْ منْ على عرشِها في البسَاتين

ثم أَفَاقَتْ على عَرْضِها في زُجاجِ الدكاكينِ, أو بينَ أيدي المُنادين,

حتى اشترَتْها اليدُ المتَفضِّلةُ العابِرهْ

تَتَحدثُ لي..

كيف جاءتْ إليّ..

(وأحزانُها الملَكيةُ ترفع أعناقَها الخضْرَ)

كي تَتَمني ليَ العُمرَ!

وهي تجودُ بأنفاسِها الآخرهْ!!

***

كلُّ باقهْ..

بينَ إغماءة وإفاقهْ

تتنفسُ مِثلِىَ - بالكادِ - ثانيةً.. ثانيهْ

وعلى صدرِها حمَلتْ - راضيهْ...

اسمَ قاتِلها في بطاقهْ!













خطاب غير تاريخي



أنتَ تَسْترخي أخيراً..

فوداعاً..

يا صَلاحَ الدينْ.

يا أيُها الطَبلُ البِدائيُّ الذي تراقصَ الموتى

على إيقاعِه المجنونِ.

يا قاربَ الفَلِّينِ

للعربِ الغرقى الذين شَتَّتتْهُمْ سُفنُ القراصِنه

وأدركتهم لعنةُ الفراعِنه.

وسنةً.. بعدَ سنه..

صارت لهم "حِطينْ"..

تميمةَ الطِّفِل, وأكسيرَ الغدِ العِنّينْ

(جبل التوباد حياك الحيا)

(وسقى الله ثرانا الأجنبي!)

مرَّتْ خيولُ التُركْ

مَرت خُيولُ الشِّركْ

مرت خُيول الملكِ - النَّسر,

مرتْ خيول التترِ الباقينْ

ونحن - جيلاً بعد جيل - في ميادينِ المراهنه

نموتُ تحتَ الأحصِنه!

وأنتَ في المِذياعِ, في جرائدِ التَّهوينْ

تستوقفُ الفارين

تخطبُ فيهم صائِحاً: "حِطّينْ"..

وترتدي العِقالَ تارةً,

وترتدي مَلابس الفدائييّنْ

وتشربُ الشَّايَ مع الجنود

في المُعسكراتِ الخشِنه

وترفعُ الرايةَ,

حتى تستردَ المدنَ المرتهنَة

وتطلقُ النارَ على جوادِكَ المِسكينْ

حتى سقطتَ - أيها الزَّعيم

واغتالتْك أيدي الكَهَنه!

***

(وطني لو شُغِلتُ بالخلدِ عَنه..)

(نازعتني - لمجلسِ الأمنِ - نَفسي!)

***

نم يا صلاحَ الدين

نم.. تَتَدلى فوقَ قَبرِك الورودُ..

كالمظلِّيين!

ونحنُ ساهرونَ في نافذةِ الحَنينْ

نُقشّر التُفاحَ بالسِّكينْ

ونسألُ اللهَ "القُروضَ الحسَنه"!

فاتحةً:

آمينْ.
فاي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-16-2008, 04:58 PM   #12
مشرف سابق

((عـالـم تـانـى))

الصورة الرمزية فاي
افتراضي


بكائيات1
عائدون؛

وأصغر إخوتهم (ذو العيون الحزينة)

يتقلب في الجب،!

أجمل إخوتهم.. لا يعود!

وعجوز هي القدس (يشتعل الرأس شيبا)

تشم القميص. فتبيض أعينها بالبكاء ،

ولا تخلع الثوب حتى يجئ لها نبأ عن فتاها البعيد

أرض كنعان - إن لم تكن أنت فيها - مراع من الشوك!

يورثها الله من شاء من أمم،

فالذي يحرس الأرض ليس الصيارف،

إن الذي يحرس الأرض رب الجنود!

آه من في غد سوف يرفع هامته؟

غير من طأطأوا حين أزَّ الرصاص؟!

ومن سوف يخطب - في ساحة الشهداء -

سوى الجبناء؟

ومن سوف يغوى الأرامل؟

إلا الذي

سيؤول إليه خراج المدينة!!؟

.................
2

أرشق في الحائط حد المطواة

والموت يهب من الصحف الملقاة

أتجزأ في المرآة..

يصفعني وجهي المتخفي خلف قناع النفط

"من يجرؤ أن يضع الجرس الأول.. في عنق القط؟"
....................
3

منظر جانبي لفيروز

(وهى تطل على البحر من شرفة الفجر)

لبنان فوق الخريطة:

منظر جانبي لفيروز،..

والبندقية تدخل كل بيوت (الجنوب)

مطر النار يهطل، يثقب قلباً.. فقلبا

ويترك فوق الخريطة ثقباً.. فثقباً..

وفيروز في أغنيات الرعاة البسيطة

تستعيد المراثي لمن سقطوا في الحروب

تستعيد.. الجنوب!
..................
4

البسمة حلم

والشمس هي الدينار الزائف

في طبق اليوم

(من يمسح عنى عرقي.. في هذا اليوم الصائف؟)

والظل الخائف..

يتمدد من تحتي؛

يفصل بين الأرض.. وبيني!

وتضاءلت كحرف مات بأرض الخوف


(حاء.. باء)

(حاء.. راء.. ياء.. هاء)

الحرف: السيف

مازلت أرود بلاد اللون الداكن

أبحث عنه بين الأحياء الموتى والموتى الأحياء

حتى يرتد النبض إلى القلب الساكن

لكن..!!
...........
5

منظر جانبي لعمان عام البكاء

والحوائط مرشوشة ببقايا دم لعقته الكلاب

ونهود الصبايا مصابيح مطفأة..

فوق أعمدة الكهرباء..

منظر جانبي لعمان؛

والحرس الملكى يفتش ثوب الخلفية

وهى يسير إلى "إيلياء"

وتغيب البيوت وراء الدخان

وتغيب عيون الضحايا وراء النجوم الصغيرة

في العلم الأجنبي،

ويعلو وراء نوافذ "بسمان" عزف البيان!
.............
6

اشترى في المساء

قهوة، وشطيرة.

واشترى شمعتين. وغدارة؛ وذخيرة.

وزجاجة ماء!
… … …

عندما أطلق النار كانت يد القدس فوق الزناد

(ويد الله تخلع عن جسد القدس ثوب الحداد)

ليس من أجل أن يتفجر نفط الجزيرة

ليس من أجل أن يتفاوض من يتفاوض..

من حول مائدة مستديرة.

ليس من أجل أن يأكل السادة الكستناء.

..........
7

ليغفر الرصاص من ذنبك ما تأخر!

ليغفر الرصاص.. يا كيسنجر!!















سفر التكوين

(الإصحاح الأول)


في البدء كنت رجلا.. وامرأة.. وشجرة.
كنتُ أباً وابنا.. وروحاً قدُسا.
كنتُ الصباحَ.. والمسا..
والحدقة الثابتة المدورة.
… … …
وكان عرشي حجراً على ضفاف النهر
وكانت الشياه..
ترعى، وكان النحلُ حول الزهرُ..
يطنُّ والإوزُّ يطفو في بحيرة السكون،
والحياة..
تنبضُ - كالطاحونة البعيدة!
حين رأيت أن كل ما أراه
لا ينقذُ القلبَ من الملل!

* * *
(مبارزاتُ الديكة
كانت هي التسلية الوحيدة
في جلستي الوحيدة
بين غصون الشجر المشتبكة! )

(الإصحاح الثاني)


قلتُ لنفسي لو نزلت الماء.. واغتسلت.. لانقسمت!
(لو انقسمت.. لازدوجت.. وابتسمتْ)
وبعدما استحممت..
تناسجَ الزهرُ وشاحاً من مرارة الشفاهْ
لففتُ فيه جسدي المصطكّ.
(وكان عرشي طافيا.. كالفلك)
ورف عصفور على رأسي؛
وحط ينفض البلل.
حدقت في قرارة المياه..
حدقت؛ كان ما أراه..
وجهي.. مكللا بتاج الشوك


(الإصحاح الثالث)


قلتُ: فليكن الحبُ في الأرض، لكنه لم يكن!
قلتُ: فليذهب النهرُ في البحرُ، والبحر في السحبِ،
والسحب في الجدبِ، والجدبُ في الخصبِ، ينبت
خبزاً ليسندَ قلب الجياع، وعشباً لماشية
الأرض، ظلا لمن يتغربُ في صحراء الشجنْ.
ورأيتُ ابن آدم - ينصب أسواره حول مزرعة
الله، يبتاع من حوله حرسا، ويبيع لإخوته
الخبز والماء، يحتلبُ البقراتِ العجاف لتعطى اللبن

* * *

قلتُ فليكن الحب في الأرض، لكنه لم يكن.
أصبح الحب ملكاً لمن يملكون الثمن!
.. .. .. .. ..
ورأى الربُّ ذلك غير حسنْ

* * *


قلت: فليكن العدلُ في الأرض؛ عين بعين وسن بسن.
قلت: هل يأكل الذئب ذئباً، أو الشاه شاة؟
ولا تضع السيف في عنق اثنين: طفل.. وشيخ مسن.
ورأيتُ ابن آدم يردى ابن آدم، يشعل في
المدن النارَ، يغرسُ خنجرهُ في بطون الحواملِ،
يلقى أصابع أطفاله علفا للخيول، يقص الشفاه
وروداً تزين مائدة النصر.. وهى تئن.
أصبح العدل موتاً، وميزانه البندقية، أبناؤهُ
صلبوا في الميادين، أو شنقوا في زوايا المدن.
قلت: فليكن العدل في الأرض.. لكنه لم يكن.
أصبح العدل ملكاً لمن جلسوا فوق عرش الجماجم بالطيلسان -
الكفن!
… … …
ورأى الرب ذلك غير حسنْ!

* * *

قلت: فليكن العقل في الأرض..
تصغي إلى صوته المتزن.
قلت: هل يبتنى الطير أعشاشه في فم الأفعوان،
هل الدود يسكن في لهب النار، والبوم هل
يضع الكحل في هدب عينيه، هل يبذر الملح
من يرتجى القمح حين يدور الزمن؟

* * *

ورأيت ابن آدم وهو يجن، فيقتلع الشجر المتطاول،
يبصق في البئر يلقى على صفحة النهر بالزيت،
يسكن في البيت؛ ثم يخبئ في أسفل الباب
قنبلة الموت، يؤوى العقارب في دفء أضلاعه،
ويورث أبناءه دينه.. واسمه.. وقميص الفتن.
أصبح العقل مغترباً يتسول، يقذفه صبية
بالحجارة، يوقفه الجند عند الحدود، وتسحب
منه الحكومات جنسية الوطني.. وتدرجه في
قوائم من يكرهون الوطن.
قلت: فليكن العقل في الأرض، لكنه لم يكن.
سقط العقل في دورة النفي والسجن.. حتى يجن
… … … …
ورأى الرب ذلك غير حسن!


(الإصحاح الرابع)
قلت: فلتكن الريح في الأرض؛ تكنس هذا العفن
قلت: فلتكن الريح والدم… تقتلع الريح هسهسة؟
الورق الذابل المتشبث، يندلع الدم حتى
الجذور فيزهرها ويطهرها، ثم يصعد في
السوق.. والورق المتشابك. والثمر المتدلي؛
فيعصره العاصرون نبيذاً يزغرد في كل دن.
قلت: فليكن الدم نهراً من الشهد ينساب تحت فراديس عدن.
هذه الأرض حسناء، زينتها الفقراء لهم تتطيب،
يعطونها الحب، تعطيهم النسل والكبرياء.
قلت: لا يسكن الأغنياء بها. الأغنياء الذين
يصوغون من عرق الأجراء نقود زنا.. ولآلئ
تاج. وأقراط عاج.. ومسبحة للرياء.
إنني أول الفقراء الذين يعيشون مغتربين؛
يموتون محتسبين لدى العزاء.
قلت: فلتكن الأرض لى.. ولهم!
(وأنا بينهم)
حين أخلع عنى ثياب السماء.
فأنا أتقدس - في صرخة الجوع - فوق الفراش الخشن!

* * *

(الإصحاح الخامس)

حدقت في الصخر؛ وفى الينبوع
رأيت وجهي في سمات الجوع!
حدقت في جبيني المقلوب
رأيتني : الصليب والمصلوب
صرخت - كنت خارجاً من رحم الهناءة
صرخت؛ أطلب البراءة
كينونتي: مشنقتي
وحبلي السري:
حبلها
المقطوع!

الوقوف على قدم واحدة!

كادت تقول لى ((من أنت ؟))


(.. العقرب الأسود كان يلدغ الشمس ..

وعيناه الشّهيتان تلمعان ! )

_أأنت ؟!

لكنّى رددت باب وجهى .. واستكنت

(.. عرفت أنّها ..

تنسى حزام خصرها .

فى العربات الفارهة !

***

أسقط فى أنياب اللحظات الدنسة

أتشاغل بالرشفة من كوب الصمت المكسور

بمطاردة فراش الوهم المخمور

أتلاشى فى الخيط الواهن :

ما بين شروع الخنجر .. والرقبة

ما بين القدم العاربة وبين الصحراء الملتهبة

ما بين الطلّقة .. والعصفور .. والعصفور !

***

يهتزّ قرطها الطويل ..

يراقص ارتعاش ظلّه ..

على تلفّتات العنق الجميل

وعندما تلفظ بذر الفاكهة

وتطفىء التبغة فى المنفضة العتيقة الطراز

تقول عيناها : استرح !

والشفتان .. شوكتان !!

***

(تبقّين أنت : شبحا يفصل بين الأخوين

وعندما يفور كأس الجعة المملوء ..

فى يد الكبير :

يقتلك المقتول مرتين!

أتأذنين لى بمعطفى

أخفى به ..

عورة هذا القمر الغارق فى البحيرة

عورة هذا المتسول الأمير

وهو يحاور الظلال من شجيرة إلى شجيرة

يطالع الكفّ لعصفور مكسّر الساقين

يلقط حبّة العينين

لأنه صدّق _ ذات ليلة مضت _

عطاء فمك الصغير ..

عطاء حلمك القصير ..













كلمات سبارتكوس الأخيرة

( مزج أوّل ) :



المجد للشيطان .. معبود الرياح

من قال " لا " في وجه من قالوا " نعم "

من علّم الإنسان تمزيق العدم

من قال " لا " .. فلم يمت ,

وظلّ روحا أبديّة الألم !

( مزج ثان ) :

معلّق أنا على مشانق الصباح

و جبهتي – بالموت – محنيّة

لأنّني لم أحنها .. حيّه !

... ...

يا اخوتي الذين يعبرون في الميدان مطرقين

منحدرين في نهاية المساء

في شارع الاسكندر الأكبر :

لا تخجلوا ..و لترفعوا عيونكم إليّ

لأنّكم معلقون جانبي .. على مشانق القيصر

فلترفعوا عيونكم إليّ

لربّما .. إذا التقت عيونكم بالموت في عبنيّ

يبتسم الفناء داخلي .. لأنّكم رفعتم رأسكم .. مرّه !

" سيزيف " لم تعد على أكتافه الصّخره

يحملها الذين يولدون في مخادع الرّقيق

و البحر .. كالصحراء .. لا يروى العطش

لأنّ من يقول " لا " لا يرتوي إلاّ من الدموع !

.. فلترفعوا عيونكم للثائر المشنوق

فسوف تنتهون مثله .. غدا

و قبّلوا زوجاتكم .. هنا .. على قارعة الطريق

فسوف تنتهون ها هنا .. غدا

فالانحناء مرّ ..

و العنكبوت فوق أعناق الرجال ينسج الردى

فقبّلوا زوجاتكم .. إنّي تركت زوجتي بلا وداع

و إن رأيتم طفلي الذي تركته على ذراعها بلا ذراع

فعلّموه الانحناء !

علّموه الانحناء !

الله . لم يغفر خطيئة الشيطان حين قال لا !

و الودعاء الطيّبون ..

هم الذين يرثون الأرض في نهاية المدى

لأنّهم .. لا يشنقون !

فعلّموه الانحناء ..

و ليس ثمّ من مفر

لا تحلموا بعالم سعيد

فخلف كلّ قيصر يموت : قيصر جديد !

وخلف كلّ ثائر يموت : أحزان بلا جدوى ..

و دمعة سدى !

( مزج ثالث ) :

يا قيصر العظيم : قد أخطأت .. إنّي أعترف
دعني

ها أنذا أقبّل الحبل الذي في عنقي يلتف

فهو يداك ، و هو مجدك الذي يجبرنا أن نعبدك

دعني أكفّر عن خطيئتي

أمنحك – بعد ميتتي – جمجمتي

تصوغ منها لك كأسا لشرابك القويّ

.. فان فعلت ما أريد :

إن يسألوك مرّة عن دمي الشهيد

و هل ترى منحتني " الوجود " كي تسلبني " الوجود "

فقل لهم : قد مات .. غير حاقد عليّ

و هذه الكأس – التي كانت عظامها جمجمته –

وثيقة الغفران لي

يا قاتلي : إنّي صفحت عنك ..

في اللّحظة التي استرحت بعدها منّي :

استرحت منك !

لكنّني .. أوصيك إن تشأ شنق الجميع

أن ترحم الشّجر !

لا تقطع الجذوع كي تنصبها مشانقا

لا تقطع الجذوع

فربّما يأتي الربيع

" و العام عام جوع "

فلن تشم في الفروع .. نكهة الثمر !

وربّما يمرّ في بلادنا الصيف الخطر

فتقطع الصحراء . باحثا عن الظلال

فلا ترى سوى الهجير و الرمال و الهجير و الرمال

و الظمأ الناريّ في الضلوع !

يا سيّد الشواهد البيضاء في الدجى ..

يا قيصر الصقيع !

( مزج رابع ) :


يا اخوتي الذين يعبرون في الميدان في انحناء

منحدرين في نهاية المساء

لا تحلموا بعالم سعيد ..

فخلف كلّ قيصر يموت : قيصر جديد .

و إن رأيتم في الطريق " هانيبال "

فأخبروه أنّني انتظرته مديّ على أبواب " روما " المجهدة

و انتظرت شيوخ روما – تحت قوس النصر – قاهر الأبطال

و نسوة الرومان بين الزينة المعربدة

ظللن ينتظرن مقدّم الجنود ..

ذوي الرؤوس الأطلسيّة المجعّدة

لكن " هانيبال " ما جاءت جنوده المجنّدة

فأخبروه أنّني انتظرته ..انتظرته ..

لكنّه لم يأت !

و أنّني انتظرته ..حتّى انتهيت في حبال الموت

و في المدى : " قرطاجه " بالنار تحترق

" قرطاجه " كانت ضمير الشمس : قد تعلّمت معنى الركوع

و العنكبوت فوق أعناق الرجال

و الكلمات تختنق

يا اخوتي : قرطاجة العذراء تحترق

فقبّلوا زوجاتكم ،

إنّي تركت زوجتي بلا وداع

و إن رأيتم طفلى الذي تركته على ذراعها .. بلا ذراع

فعلّموه الانحناء ..

علّموه الانحناء ..

علّموه الانحناء ..














ماريـّا

ماريّا ؛ يا ساقية المشرب

اللّيلة عيد

لكنّا نخفي جمرات التنهيد !

صبى النشوة نخبا .. نخبا

صبى حبّا

قد جئنا اللّيلة من أجلك

لنريح العمر المتشرّد خلف الغيب المهلك

في ظلّ الأهداب الإغريقيّة !

ما أحلى استرخاءه حزن في ظلّك

في ظلّ الهدب الأسود

...................

ماذا يا ماريّا ؟

الناس هنا كالناس هنالك في اليونان

بسطاء العيشة ، محبوبون

لا يا ماريّا

الناس هنا – في المدن الكبرى – ساعات

لا تتخلّف

لا تتوقّف

لا تتصرّف

آلات ، آلات ، آلات

كفى يا ماريّا

نحن نريد حديثا نرشف منه النسيان !

..........................

ماذا يا سيّدة البهجة ؟

العام القادم في بيتي زوجة ؟ !

قد ضاعت يا ماريّا من كنت أودّ

ماتت في حضن آخر

لكن ما فائدة الذكرى

ما جدوى الحزن المقعد

نحن جميعا نحجب ضوء الشمس و نهرب

كفى يا ماريّا

نحن نريد حديثا نرشف منه النسيان

..................

قولي يا ماريّا

أوما كنت زمانا طفلة

يلقي الشعر على جبهتها ظلّه

من أوّل رجل دخل الجنّة واستلقى فوق الشطآن

علقت في جبهته من ليلك خصله

فضّ الثغر بأوّل قبله

أو ما غنّيت لأوّل حبّ

غنّينا يا ماريّا

أغنية من سنوات الحبّ العذب

........................

ما أحلى النغمة

لتكاد تترجّم معناها كلمة .. كلمة

غنّيها ثانية ... غنّي

( أوف .

لا تتجهّم

ما دمت جواري ، فلتتبسم

بين يديك و جودي كنز الحبّ

عيناي اللّيل .. ووجهي النور

شفتاي نبيذ معصور

صدري جنّتك الموعودة

و ذراعي وساد الربّ

فينسّم للحبّ ، تبسّم

لا تتجهّم

لا تتجهّم )

..........................

ما دمت جوارك يا ماريّا لن أتجهّم

حتّى لو كنت الآن شبابا كان

فأنا مثلك كنت صغيرا

أرفع عيني نحو الشمس كثيرا

لكنّي منذ هجرت بلادي

و الأشواق

تمضغني ، و عرفت الأطراق

مثلك منذ هجرت بلادك

و أنا أشتاق

أن أرجع يوما ما للشمس

أن يورق في جدبي فيضان الأمس

.......................

قولي يا ماريّا

العام القادم يبصر كلّ منّا أهله

كي أرجع طفلا .. و تعودي طفله

لكنّا اللّيلة محرومون

صبى أشجانك نخبا .. نخبا

صبى حبّا

فأنا ورفاقي

قد جئنا اللّيلة من أجلك !












قالت

قالت : تعال إليّ

واصعد ذلك الدرج الصغير

قلت : القيود تشدّني

و الخطو مضنى لا يسير

مهما بلغت فلست أبلغ ما بلغت

وقد أخور

درج صغير

غير أنّ طريقه .. بلا مصير

فدعى مكاني للأسى

وامضي إلى غدك الأمير

فالعمر أقصر من طموحي

و الأسى قتل الغدا

***

قالت : سأنزل

قلت : يا معبودتي لا تنزلي لي

قالت : سأنزل

قلت : خطوك منته في المستحيل

ما نحن ملتقيان

رغم توحّد الأمل النبيل

... ...

نزلت تدقّ على السكون

رنين ناقوس ثقيل

و عيوننا متشابكات في أسى الماضي الطويل

تخطو إليّ

و خطوها ما ضلّ يوما عن سبيل

و بكى العناق

و لم أجد إلاّ الصدى

إلاّ الصدى











شيء يحترق

شيء في قلبي يحترق

إذ يمضي الوقت ... فنفترق

و نمدّ الأيدي

يجمعنا حبّ

و تفرّقها .. طرق

***

.. ولأنت جواري ضاجعه

و أنا بجوارك ، مرتفق

و حديثك يغزله مرح

و الوجه .. حديث متّسق

ترخين جفونا

أغرقها سحر

فطفا فيها الغرق

و شبابك حان جبليّ

أرز ، و غدير ينبثق

و نبيذ ذهبيّ و حدي

مصطبح منه و مغتبق

و تغوص بقلبي نشوته

تدفعني فيك .. فتلتصق

و أمدّ يدين معربدتين

فثوبك في كفّي ..

مزّق

و ذراعك يلتفّ

و نهر من أقصى الغابة يندفق

و أضمّك

شفة في شفة

فيغيب الكون ، و ينطبق

...............

و تموت النار

فنرقبها

بجفون حار بها الأرق

خجلى !

و شفاهك ذائبه

و ثمارك نشوى تندلق



أتمنى ان تنول كتاباته اعجابكم كما نالت اعجابى

ولا تعجبوا بشخصه

فلم ينل شخصه يوما اعجابى
فاي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-16-2008, 05:10 PM   #13
إدارية

الصورة الرمزية ماجدلين
افتراضي


شكرا اخي فاي على هذا التواصل الرائع و المزيد من الابداعات المتثالية على مروجنا التي اشرقت بك و استنارت

عرض رائع اخي و اشعار و كلمات متميزة لشاعر لم يسعدني الوقت لاتعرف عليه قبل
و قد حذبتني اشعاره وسأعود لها كلما وددت التذوق الشعري الرائع

في انتظار مزيدك المنير

اختكم
ماجدلين
التوقيع:
ماجدلين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
رد



تعليمات المشاركة
لا تستطيع كتابة مواضيع
لا تستطيع كتابة ردود
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع إلى


الساعة الآن: 02:45 PM


Powered by vBulletin® Version 3.6.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات المروج المشرقة