في أول يوم للدراسة ذهبت زهراء إلى المدرسة وهي تحمل حقيبتها الصغيرة فوق ظهرها، وكان بحقيبتها قلم رصاص وأخر حبر وأقلام ألوان وكراسة، وبداخل الحقيقبة حدث التالي:
القلم الحبر بنظرة استعلاء للقلم الرصاص: أنا أفضل منك.
القلم الرصاص في رقته: بل أنا الأفضل ولما أنت أفضل؟!
القلم الحبر بشدة وحزم: إن حبري لا يُمسح بسهولة وأطول منك عمرا.
القلم الرصاص مبتسما: بل سهولة مسح كتابتي هي أهم ميزة عندي، ثم إن خطي يتميز بنعومته على الكراسة، فأنا الأفضل، حتى إسأل الكراسة.
القلم الحبر بنظرة مريبة للكراسة: هل هذا صحيح؟ واشار للقلم الرصاص بسخرية قائلا هل تفضلين هذا عني أنا –بفخر-؟
الكراسة بنظرة غيظ للقلم الجاف: نعم هو أفضل منك، فمع نعومة سن الرصاص هو يُزال عني بسهولة وقالت بإشمئزاز أما أنت تظل ملتصق بي، واستكملت بإلم وحسرة: والخطأ عند الكتابة بك يضرني ودائما يتسبب في إلقائي بسهلة المهملات أو تقطيعي قطعا قطعا.
القلم الرصاص راقصا: شكرا عزيزتي كراسة، ويهز رأسه قائلا إذا أنا الأفضـــل ويضحك غائظا للقلم الحبر.
القلم الحبر رمي الغطاء من فوق رأسه غاضبا: إن الموظفين لا يكتبون إلا بي، وجميع الأوراق الرسمية لا تكتب إلا بي، وعلا صوته قائلا فأنا الافضــــــل.
القلم الرصاص: إن الموظفون وكل الناس لا يتعلمون الكتابة إلا بي، وكل الأطفال يحبونني أكثر، فأنا الأفضـــل.
وهنا تتدخل الأقلام الالوان باستغراب: كفى، كفى، اسمع أنت وهو لا القلم الرصاص ولا القلم الحبر أفضل بل أنا الأفضل.
صمت الجميع في دهشة..
واكملت الأقلام الألوان: نعم أنا الأفضل، فبألواني تتزين الرسومات، وتوضح النقاط المهمة، ويزداد جمال الكراسة، ويسر الناظر إليها. فأنا الافضل.
وهنا إزداد إضطراب الأقلام كلها وبدأ العراك والتناطح والتفاخر والاستعلاء والسخرية من الأخر وكل واحد بأعلى صوته وبنظراته الثاقبة يقول أنا الافضـــل أنا الافضـــل.
وجاء دور الكراسة فتدخلت فاتحة صفحاتها لتسكت الجميع قائلة أنا أفضل منكم جميعا، فبكل بساطة ومنطقية كلكم تحتاجون إلي لتكتبوا ولتظهروا وبدوني ما كنتم أنتم. فأنا الأفضــــــل.
وبهذا صارت الحمية الجاهلية لدى الجميع وإزداد الأمر سوءا وارتفعت الأصوات والعراك داخل الحقيبة وكل واحد يقول انا الأفضل أنا الأفضل....
وإذا بالصغيرة الحكيمة زهراء تفتح حقيبتها مبتسمة، ونظر جميع ما بالحقيبة–لأعلى- صامتا، وقالت لهم زهراء هدؤوا من روعكم، فإنني أحتاج للكراسة لأنه لا غنى عنها، وأحتاج للقلم الرصاص لأتعلم به واكتب به، واحتاج للألوان لأتعلم الرسم والتلوين وازين كراستي وكتبي بها، كما احتاج للقلم الحبر وكذلك مُدرستي لابد أن تصحح لي بقلمها الحبر، فكلكم فريق عمل واحد تكملوا بعضكم بعضا ولا داعي للتفاخر والتباهي والغرور والكبرياء.
وبهذا اقتنع الجميع أنه لا يمكن اثبات تميز واحد عن الأخر، والأفضل هو أن يكونوا أسرة واحدة يملئها التعاون والود والاحترام. فتصافح الجميع متفقين على أهمية كل واحد منهم وتميزه بمجاله وأنه لا غنى عن أحدهم.