عودة مرة اخرى لهذه الامثال والحكايات
واليوم احكي لكم قصة زرقاء اليمامة
الزرقاء التي ضرب بها المثل هي امرأة من قبيلة (جديس)، كانت حادة البصر، لدرجة أنها كانت تبصر الشيء على بعد مسيرة ثلاثة أيام.
ولذلك كان قومها يجلسونها على قمة جبل عالٍ؛ فتتمكن من رؤية الأعداء الزاحفين للإغارة عليهم، ، قبل أن يصلوا إليها بمدة طويلة، مما يمكن من الاستعداد، وأخذ حذرهم منهم.
وذات يوم، قتلت (جديس) واحداً من قبيلة (طسم)؛ فلجأت طسم إلى حسان بن تبّع ملك حِمْيَر، واستجارت به لينصرها على جديس، وأغرته بالغنائم الكثيرة التي سيغنمها ويفوز بها؛ فجهّز حسان بن تبّع جيشاً كبيراً، وزحف به قاصداً (جديس)، ولما صار على بعد ثلاثة أيام منها، نظرت الزرقاء من فوق قمة الجبل العالي -التي تجلس عليها في العادة- فرأت الجيش الكبير الزاحف نحوهم، وقد امسك كلّ واحد فيه بغصن شجرة في يده؛ ليختفيَ بها، فأسرعت إلى قومها تبلغهم، وتقول:
أقسم بالله لقد دبّ الشجر أو حِمْيَر قد أخذت شيئاً يُجرّ
فلم يصدقوها، فأقسمت لهم مجدداً، فلم يصدقوها، أيضاً، ولم يستعدوا ويأخذوا حذرهم، حتى فوجئوا باجتياح الجيش لهم ذات صباح، ... فقتل مَنْ قتل منهم، وأسر مَنْ أسر.
ولم يكتفِ الجيش المغير بأسر زرقاء اليمامة، بل فقأوا عينيها، حتى لا تعود تبصر شيئاً لا من قريب ولا من بعيد.
ويضرب هذا المثل لكل مَنْ هو ذو بصر حادّ وفي المعنى نفسه يقال أيضاً: أبصر من عقاب، وأبصر من نسر، وأبصر من الوطواط في الليل، ويقابله المثل (عينه مثل الصقر).