اخر عشرة مواضيع :         متجرخولة لفن الحياكة و الكروشيه (اخر مشاركة : ماريا عبد الله - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          موقع قرة الوجهة الرئيسية لمحبي المعرفة والتعلم الدائم (اخر مشاركة : ماريا عبد الله - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          أفضل تطبيق لمشاهدة المباريات والقنوات المشفرة على الأندرويد (اخر مشاركة : ماريا عبد الله - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          معمول الجابرة (اخر مشاركة : ماريا عبد الله - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          برنامج Cryptotab متاح للتحميل الان (اخر مشاركة : ماريا عبد الله - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          حازم المراغى يعود (اخر مشاركة : حازم المراغى - عددالردود : 0 - عددالزوار : 258 )           »          ادخل لك رساله (اخر مشاركة : حازم المراغى - عددالردود : 788 - عددالزوار : 144312 )           »          تطبيق شاور لتفسير الاحلام (اخر مشاركة : فهمي سامر - عددالردود : 0 - عددالزوار : 298 )           »          تطبيق عقارات السعودية متوفر الان للتحميل (اخر مشاركة : فهمي سامر - عددالردود : 0 - عددالزوار : 300 )           »          المواد الحافظة ومخاطرها على صحتنا (اخر مشاركة : جـوهرة 99 - عددالردود : 6 - عددالزوار : 657 )           »         


لوحة الشـرف
القسم المتميز العضو المتميز المشرف المتميز الموضوع المتميز
قريبا قريبا قريبا قريبا


العودة   منتديات المروج المشرقـــة > الـمـروج الدينية > المروج الرمضـــــانية
التسجيل التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم

المروج الرمضـــــانية كل ما يتعلق برمضان والصيام والزكاة

الإهداءات

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
قديم 09-24-2007, 06:18 PM   #1
عضو فعال

الصورة الرمزية سندباد
5 مصـارحــات رمضـانيـه


مصارحات رمضانية ...

كتـــاب للدكتور / خالد بن سعود الحليبي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ

نبذة عن المؤلف :-

د. خالد بن سعود بن عبد العزيز الحليبي .

 من مواليد الهفوف بالأحساء عام 1383هـ / 1964م .

 بكالوريوس في اللغة العربية من فرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الأحساء عام 1405

هـ ، وماجستير عام 1412هـ ، ودكتوراه عام 1419هـ ، وكلتاهما في الأدب الحديث من كلية اللغة العربية

بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

 حصل على إجازة في قراءة عاصم بروايتيه حفص وشعبة عام 1414هـ ، بسند عال عن شيخ قراء

حماة القاريء الشيخ سعيد العبد الله رحمه الله.

 أستاذ الأدب الحديث المساعد في قسم اللغة العربية بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالأحساء ـ

فرع جامعة الإمام.

 عمل بها وكيلا لقسم اللغة العربية ثلاث سنوات.

 ثم رئيسا للقسم بالإنابة لسنة واحدة.

 ثم وكيلا تعليميا للكلية من عام 1423-1426هـ، وأمينا لمجلس إدارتها.

 ثم تفرغ علميا عام 1426/1427هـ.

 ثم عاد للتدريس في الكلية عام 1427-1428هـ


مسؤوليات عامة:

 إمام وخطيب جامع عبد الرحمن بن عوف بالهفوف بالأحساء .

 نائب المشرف العام على مركز التنمية الأسرية التابع لجمعية البر بالمنطقة الشرقية منذ نهاية عام

1425هـ، وهو صاحب فكرته.

 مدير إدارة الخدمات الاجتماعية الشاملة بجمعية البر بالأحساء منذ محرم 1426هـ حتى جمادى الأولى

عام 1426هـ.


 مدير مركز التنمية الأسرية بالأحساء التابع لجمعية البر بالأحساء منذ جمادى الأولى 1426هـ وهو

صاحب فكرته


مقدمة الكتاب :-


بسم الله الرحمن الرحيم


بين يدي المصارحات


أخي الصائم ..

أحمد الله تعالى إليك , الذي بلغنا بفضله ومنته شهره العظيم ,وأسأله تعالى أن يبلغنا صيامه وقيامه , وأن

يتقبل ذلك كله منا .. إنه سميع مجيب .


وإني لأهنئك كما أهنئ نفسي وجميع أحبابي المسلمين بهذه المنة العظيمة , ولم لا وقد روى أبو هريرة

رضي الله عنه أنه كان رجلان من بلي من قضاعة , أسلما مع النبي صلى الله عليه وسلم واستشهد أحدهما

وأخر الآخر سنة . قال طلحة بن عبيد الله : فأُريتُ الجنة فرأيت فيها المؤخر منهما أدخل قبل الشهيد ,

فعجبت لذلك فأصبحت فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم _ أو ذكر ذلك لرسول الله صلى الله

عليه وسلم _ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أليس قد صام بعده رمضان وصلى ستة آلاف ركعة

أو كذا وكذا ركعة صلاة السَّنَةِ *


فكم أنا سعيد _ أخي الحبيب _ وأنا أتحدث إليك في هذا الشهر الكريم , أتعلم لماذا ؟

لأنه نوع من التواصل بين المسلمين في شهرهم المعظم بين الشهور , نتناصح فيه ونتغافر , ويذكر أحدنا

نفسه بحديثه قبل أن يصل الذكر إلى مستمعه

( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ) الذاريات :55

أخي الصائم ..

للحديث معك نكهة خاصة , ولندائك في خاطري رائحة تذكرني بعطر الحقول حين يتدفق في جوانبها الماء

وأكاد أحس بنسمات الربيع الفتي فوق الروابي الخضر حين أقول لك : أخي الصائم .

فأنت أخي وإن لم أعرف لك أسما أو رسما , وأخي وإن جهلت إليك الطريق فما أعظم هذا النداء الإيماني ,

الذي يلغي بيني وبينك كل المسافات , ويهدم كل الحواجز , ويوحد بيننا الأهداف والآمال ولآلام .

( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) الحجرات:10

وما أجل هذا الوصف الندي الذي ارتبط بك في الشهر الكريم ( الصائم ) بكل ما تحمل هذه الكلمة من

أحاسيس وإيحاءات .

صائم : طاعة لله تعالى , وليس رياء ولا سمعة , فما أبعد الصوم عن الرياء ,ألم يقل المولى جل وعلا في

الحديث القدسي : «كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به »

رواه الشيخان وغيرهما .

صائم : تعبداً لله تعالى , وأي عز أعظم من ذلك :

ومما زادني شرفاً وتيها ** وكدت بأخمصي أطا الثريا


دخولي تحت قولك ياعبادي ** وأن صيرت أحمد لي نبيا

صائم : تستشعر بها أنك داخل في عبادة تستمر ساعات طوالا , لا تعيقك عن نشاط , ولا تمنعك من

راحة , بل تضفي على جوارحك خشوعاً , وعلى شخصك وقاراً , وعلى فؤادك راحة كم كنت تنشدها

وأنت تشق بحر الحياة المتلاطم .

فهل تسمح لي يا أخي الصائم أن أرافقك خلال شهر الصوم والرحمة والمغفرة والعتق من النيران , لنقف

بعض الوقفات نستعرض فيها شيئاً مما قد يبدو لنا من صور اجتماعية , وممارسات يومية خلال هذا

الشهر الكريم , وأمور قابلة للنقاش , وإبداء وجهة النظر حولها , ولعل منها ما نتفق على استحسانه , أو

على استهجانه ونبذه , وقد نختلف حول بعضها , ولا بأس , فالخلاف لا يفسد للود قضية , كما يقال .

فإلى المصارحة الأولى ..


يتبع <<<<
سندباد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-24-2007, 06:19 PM   #2
عضو فعال

الصورة الرمزية سندباد
افتراضي


المصارحة الأولى صوت الإرادة يدوي )


أخي الصائم ..

الصيام مدرسة روحية لتهذيب النفس , وتوجيه السلوك , وتدريب الجسد والروح على العزائم , لا يكون

ذلك بقوة الأمر والنهي ولكن بالحب والطاعة المختارة , بل بالشوق الذي لا حدود له , فقبل أن يفد الشهر

الكريم بأشهر , تتطلع النفوس المؤمنة بلهف شديد إلى هلال رمضان , فإذا هل بالبركة والأمان تبادل

المسلمون التهاني بينهم , وكأن العيد قد حل قبل أوانه , فيا طيب روائح تلك التباريك الفرحة وهي تعطر

الأفواه الصائمة , والمجالس العامرة , مصحوبة بابتسامة الرضا والقبول والتسليم .

عندها ترسخ في نفس المسلم عزيمة ثابتة لا يتطرق إليها أدنى تردد :أن تستقيم على هدي الله تعالى وهدي

رسوله صلى الله عليه وسلم في كل شؤون هذه العبادة , مهما تعارضت مع الهوى الشخصي , والرغبة

الخاصة , وهذا هو ميدان ترويض مهرة النفس الشموس , على خلق الإرادة , وتحقيق المراد دون ضعف

أو تخاذل , وهو درس لا تقتصر حاجتنا إليه في رمضان فقط , بل في جميع لحظات حياتنا حتى نلقي ربنا

تعالى

فما أحوجنا إلى الإرادة الراسخة حين تعرض علينا رشوة مغرية لأبطال حق أو إحقاق باطل , وما أحوجنا

إلى الإرادة القوية حين ندعى إلى مجلس فحش , أو مصاحبة رفقة سوء , وما أحوجنا إلى وقفة شامخة حين

تستذلنا إيماءة من شهوة دنيئة !!

وإذا كنا أعزة حقا في داخل نفوسنا , فلماذا نخجل من إعلان إرادتنا العليا تلك , وتأبينا على كل المراودات

السلوكية الهابطة , بصوت مسموع ؟!


لماذا لا نصرخ بكل شجاعة في وجه مفاتيح الشر :

لا.. لن نسمح لكم أن تقتربوا من سياج مروءاتنا ..

لا.. لن نسمح لأنفسنا أن تكون فرائس سهلة لأنيابكم الشرسه ..

لا.. لن نسمح لأعصابنا وبطوننا أن تسجرنا إلى الهاوية بعد أن أعلا الله قدرنا ..

إننا حين نرفض كل دعوة إلى انحراف , فإننا نرتفع بمستوى إنسانيتنا إلى السمو الذي أراده الله تعالى لها ,

وهو ما نستشفه من قول الله تعالى :

( وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ ) محمد :12 .

فتساوي القدر بين الإنسان والبهيمة في هذه الآية ليس لأنهما يشتركان في الحاجة إلى

الطعام ولكن لفقدان ضابط الإرادة عند الإنسان , فالكافر حين عرض عليه الإيمان اختار غيره , وحين

عرض عليه ضبط سلوكه بما يصلح شأنه , وليس غير خالقه يقدر أن يختار له , ( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ

اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) الملك 14 . ولكنه أبى إلا أن يكون كالبهيمة لا حدود لحرية إرادته .

فلله الحمد كله أن جعلنا مسلمين , وله الحمد حين من علينا أن نثني ركبنا بين يدي رمضان نتعلم منه شيئا

مما يعيننا على كسب إرادة تحررنا من قيود شهواتنا , مختارين حامدين شاكرين .

يتبع <<<<
سندباد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-24-2007, 06:21 PM   #3
عضو فعال

الصورة الرمزية سندباد
افتراضي


المصارحة الثانية الصيام والوظيفة )

أخي الصائم ..

لعلك تشاركني العجب من قوم جعلوا صيامهم حجة لهم وعذرا عن تقصيرهم في أداء واجباتهم على الوجه

الحسن , فعللوا تأخرهم في قدومهم إلى وظائفهم بأنهم كانوا نائمين , ونوم الصائم عبادة !! وعللوا تراخيهم

عن إتقان أعمالهم بأنهم مرهقون بسبب الجوع أو العطش , وللصائم الحق في أن يخفف عنه من جهد العمل

ومشقته , وعللوا خروجهم المبكر قبل أن يستوفي وقت العمل حقه , بأنهم محتاجون لقضاء بعض اللوازم

للإفطار !! وعللوا تذمرهم من المراجعين ,وسلاطة ألسنتهم على الناس بأنهم .. أستغفر الله .. صائمون !!

فياليت شعري كيف يفسر هؤلاء أثر الصيام على أنفسهم ,وكيف يفصلونه على قدود مشتهياتهم ؟!

رمضان شهر العمل والبذل والعطاء لا شهر الكسل والخور والضعف , شهر وقت فيه أكبر الانتصارات

في الإسلام في القديم والحديث , فلم يكن عائقاً عن أداء مهمة , ولا داعياً للتقاعس عن إتقان عمل . « إن

الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه » . حديث جليل لا يتخلف مراده بتغير الأزمان , وقاعدة عظيمة لا

تختل بظرف طارئ كيف والصوم عبادة تؤدى لله , هدفها الأول تربية التقوى في النفس المؤمنة يقول الله

تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:

183) . والتقوى وازع إيماني عميق الجذور , إذا تغلغل في النفس كان حاجزاً مانعاً لها عن كل ما يسخط

الله ودافعاً قوياً لها إلى كل ما يحب الله , والإتقان مما يحب الله , وهو من صفات الكمال التي اتصف بها

عز وجل قال تعالى ( الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) (النمل: 88) فأول ثمرة متوخاة من تقوى تعالى في العمل ,

مراقبته غز وجل في كل الساعات التي تمضيها _ أخي الموظف الصائم – وأنت تمارس عملك , بأن

تكون في مرضاة الله وألا تضيع منها دقيقة واحدة في غير ما يخص وظيفتك , وأن تنشط لمهامك بوعي

تام , وأن تكون في موقعك ينبوع أخلاق ونهر عطاء تتدفق بكل خير على مراجعيك دون تذمر منهم أو

مشقة عليهم , فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله : « اللهم من ولي من أمر

أمتي شيئاً فشق عليه

فاشقق عليه , ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به » .

وصح عنه صلى الله عليه وسلم قوله : « والصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب

فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم ». تخيل معي لو أن كل صائم منا حمل هذه الراية البيضاء ,

إذن لبكى الشيطان بكاء مرّاً !! لأننا أفشلنا أكبر مؤامرة خطط لها من أجل إفساد عبادتنا , وذات بيننا .

فما رأيك – أخي الصائم – أن تحمل الراية معي لنكون في كوكبة الصابرين , ونواجه كل متحد

لمشاعرنا , أو مستفز لأعصابنا بهذا الهتاف الإيماني : « إني امرؤ صائم » بل فلنحاول أن نناصح

زملاءنا في العمل ونذكّرهم إذا رأينا منهم بعض ظواهر هذه الممارسات الخاطئة .. فلعلنا نفوز

باستجابة ... ودعوة ... ومثوبة .



وإلى المصارحة الثالثة
سندباد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-24-2007, 06:23 PM   #4
عضو فعال

الصورة الرمزية سندباد
افتراضي


المصارحة الثالثة : ( الإفطار العشري )

أخي الصائم

كثيرا ما يدور الحديث بين الناس حول بعض الممارسات الاجتماعية الخاطئة في رمضان

والتي فشت في المجتمع فشو الغبار , حتى لم تدع بيتا إلا داهمته , أو على الأقل تركت

عليه مسحة من التقليد , هذا إذا استطاع هذا البيت العتيد الصمود أمام طغيان العادة

على التدبير والعقل والاستقلالية .

وكثير من هذه العادات مستهجنة عند جميع الناس قولا أو على أقل تقدير عند كثير منهم

ولكنهم ينهزمون أمامها عملا فهم يتحدثون عنها حديث المنكر المتبرم ,

ويقعون في شباكها كالعصافير الجائعة .

ولعل من أبرز هذه الظواهر المريضة الإسراف في إعداد مائدة الإفطار,

فقبيل شهر رمضان المبارك تشهد أسواق المواد الغذائية تدفقا بشريا هائلا ،

يحدث إرباكا كبيرا في التسوق كما يحدث اختناقات خطيرة في المرور

ويجعل المجتمع كله في هيئة استعداد ضخم لموسم غذائي , وليس لموسم عبادي ,

فتزداد التكاليف وتتضاعف على كاهل راعي الأسرة وعائلها , وتتراكم المواد الغذائية

في المنازل وتبدأ رحلة العذاب لراعية المنزل في إعداد الإفطار العشري

( الذي لا يقل عن عشرة أصناف )

فلا وقت لديها لتلتفت إلى تربية أولادها ولا تملك الزمن الذي تقرأ فيه وردها

ولا تخشع في صلاتها ولا تسل عن مفاصلها ولا عن نفسيتها حين تنتهي

المهمة مع الأذان أو بعده بقليل وقد اشتعلت أعصابها وهي تصارع الوقت

مخافة أن يصرعها فلا يبقى لها جسد ولا تهدأ لها روح .

فهل حقا نحن نحتاج إلى كل هذا الإمدادات الغذائية الشرهة إذا صمنا ؟

لا أظن ذلك فبطن الإنسان لا يتوسع إذا صام بل يضيق .

ولكن الذي يتسع هو عينه فقط ولا سيما حين يتسوق بعد العصر ,

وقد بدأت أسرة الجهاز الهضمي تتناوب في إرسال الاستغاثات إلى الدماغ

لطلب الغذاء فيذهب صاحبنا يلبي رغبة كل فرد في هذه الأسرة الهضمية على حدة

كما يحرص أن يلبي جميع رغبات أسرته الكريمة , وهنيئاً مريئاً

لمحلات بيع المواد الغذائية !! ويا عون الله للعائلين .

أخي الصائم


لماذا نواصل السير في الدروب التي خبرنا آفاتها وتكسرت في أقدامنا أشواكها

لماذا لا نتفق الآن على اتخاذ قرار ثنائي بيني وبينك أن نوقف تسلط هذه العادة

على حياتنا , ولتكن وجبة الإفطار كغيرها من الوجبات التي كنا نتناولها قبل رمضان

تتنوع موادها الغذائية وتتكامل ولا تتضخم فتشبعنا وتمتعنا ولا تتخمنا وتغذينا ولا ترهقنا.

فإذا كان للصيام أثر طبي رائع على الجسد من صحة وحيوية وتقوية لجهاز المناعة

ووقاية من العلل والأمراض والسموم المتراكمة في خلاياه كما يجزم بذلك الأطباء .

فإن الإفراط في الطعام يهدم هذا الأثر ويحرم الصائم من منفعة عظيمة كانت

بين يديه ولنتذكر دائما وصية خالقنا الحنان المنان لنا

في محكم التنزيل ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا ) (لأعراف: 31) .

وما أجمل أن يرحل رمضان عنا وقد تحسن وزننا وصحت أجسادنا

كما تصح فيه أرواحنا , إذن لاستقبلنا عيدنا ونحن في غاية السعادة والعافية .

ترى هل ستعقد هذا القرار الآن ياصاحبي ..آمل ذلك .


وإلى المصارحة الرابعة..
سندباد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-24-2007, 06:24 PM   #5
عضو فعال

الصورة الرمزية سندباد
افتراضي


المصارحة الرابعة : ( رمضان والضيافة )

أخي ..

رمضان شهر كريم , ومن شأنه أنه يضفي على صوامه بجوه الروحاني

الشفاف سماته الجميلة الجليلة , ومنها صفة إكرام الضيف وهي عادة أصيلة

من عادات مجتمعنا الطيب , تتوافق مع روح الإسلام الذي جعل الضيافة

حقا للضيف على المضيف , ففي الحديث الصحيح :

« ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه »


إن إكرام الضيوف من مكارم الأخلاق التي يدعو لها دين جاء ليعزز شأنها

وينشرها في البشرية , ويوثق علائقها , فأي غربة ستبقي للغريب حين حين يشعر

وهو في طريقه إلى هذه البلاد أن له بيوتاً سوف يأوي إليها وكأنها ملك له ,

وأن له أهلاً سوف يأنس بهم وكأنهم أهله , فيشعر حينئذ بالأمن والاطمئنان .

وازدهت صور الكرم العربي حين جاء رسول الإسلام والأخلاق فكان أجود

الناس بأبي هو وأمي ولاسيما في رمضان,فما عرف عنه أن رد سائلاً

ولا عبس في وجه ضيف , بل كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر .

وإذا أعياه المال والطعام ولم يجد منهما شيئاً التفت إلى أصحابه يطلب منهم أن

يستضيفوا ضيفه , حتى رسم الصحابة بكرمهم لوحات إنسانية كريمة تتضاءل

أمامها كثير من لوحات الكرم الحاتمي , فماذا بعد أن يؤثر المرء ضيفه على نفسه

وعلى أطفاله حتى يبيتوا جائعين ليشبع ضيفهم , بل يوهموه أنهم يأكلون معه

فيطفئوا السراج حتى لا يكتشف هذا النبل والكرم العظيم .

أخي الصائم ..


إن مما ينبغي أن يستقر في نفوس المؤمنين أن علاقة المضيف

بضيفه هي علاقة عبادة , ولاسيما حينما يكون تفطير صائم أو تسحيره فليست

استضافته تطبيقاً لعرف من الأعراف ولا جرياً لعادة اجتماعية سائدة وإنما

هي عبادة من العبادات العظيمة يؤديها ليؤجر عليها . ولذلك ينبغي أن يرعى

فيها حقوق الله تعالى , وأن يجتهد في إكرام ضيفه قدر طاقته ويتجمل معه

حسب استطاعته , فلا داعي أن يستدين ويرهق نفسه وأولاده من أجل أن

يظهر أمام الضيف بغير حقيقته ,أومن أجل ألا يعاب من عشيرته فإن مثل

هذا البلاء قد استشرى , وإن جريرة الديون على المعسرين أعظم خطراً من

حديث الناس الوقتي الذي يذهب مع الزمن وعلى الضيف أن يعذر صاحبه

وألا يحمله أكثر من طاقته , فلا يحقرن كل منهما شيئاً مهما قل ولو كان

مذقة لبن أو كأس عصير , فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها :

إذا الضيف جاءك فابسم له *** وقرب إليه وشيك القرى


ولاتحقر المزدرى في العيون *** فكم نفع الهين المزدرى


وأما الأثرياء فلهم أن يقدموا ما يشاءون من أصناف الطعام القادرين عليها ,


دون أن يصلوا إلى حد الإسراف فمن أسرف فقد وقع تحت طائلة قوله تعالى


وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ


وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً )(الاسراء: 26،27) والآية في


معرض الإنفاق على الآخرين . وعليه بعد ذلك


أن يحفظ نعمة الله التي تبقت فيأكلها أو يؤكلها أهله أو المحتاجين .

ولعلنا نجد ذلك الإسراف الوبيل يتضاعف في ولائم شهر رمضان الكريم ,

حيث تعرض عشرات الأصناف بكميات كبيرة وربما انتقل إلى طبع دائم في البيوت ,

فيستأصل كالمرض الذي لا يجدون فكاكا منه .

وليست الضيافة بالطعام والشراب فقط , بل إن من أجمل القرى وأكمله الحديث

مع الضيف والترحيب به وإزالة الوحشة عنه :

أضاحك ضيفي قبل إنزال رحله *** ويخصب عندي والمكان جديب


وما الخصب للأضياف كثرة القرى *** ولكنما وجه الكريم خصيب

إنه الكريم حقا ذاك الذي يتناسى كل همومه أمام ضيفه ,ويشعره بالراحة معه


وحب لقياه , مهما كانت ظروفه وعسرها , حتى لاينكد عليه حلاوة اللقاء .


وإلى المصارحة الخامسة ..
سندباد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-24-2007, 06:25 PM   #6
عضو فعال

الصورة الرمزية سندباد
افتراضي


المصارحة الخامسة ما أشد قبحها في رمضان )

أخي الصائم ..

ما أجمل ليالي رمضان وما أندى أحاديثها إذا تجالس الأحباب ونثروا بينهم

ورود الود وتهادوا رياحين الكلام ينتقون أطايبه كما ينتقى أطايب التمر كما

يقول الفاروق , صفت أرواحهم بالصيام وطهرت ألسنتهم بالذكر والسلام , واغتسلت

جوارحهم بطول القيام , تلاقوا كما تتلاقى الغصون في موسم الربيع ليس بينهم

صخاب ولا سباب ولا تشوى بينهم أعراض الخلائق , بل تتجاذبهم مشاعر

الأشقاء فينصح بعضهم بعضاً ويدل أحدهم أخاه على ما يصلح آخرته ودنياه , فإذا

بالمنافع تجني كما تجنى الثمرات , وإذا المحبة تطفح على الوجوه بالضحكات والبسمات .

هذه هي الصورة المثلى التي يجب أن تكون عليها مجالسنا في كل حين

ولا سيما في رمضان شهر الطهارة من فحش القول وآفات اللسان .

ولكن هل هذا واقع كل الناس ؟

لعل الجواب سيكون : لا وإنما هو حال ثلة منهم رأوا أن من تمام صيامهم

عن المفطرات الصوم عن أعراض الناس والتفكه بها منصتين إلى

حديث الرسول صلى الله عليه وسلم :" من لم يع قول الزور والعمل به

فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " رواه البخاري .

ومن أشد الزور في القول نقيصة الغيبة , التي لم تدع _ إلا ما رحم ربي _

مجلساً إلا دنسته , ولا لساناً إلا زلت به , ولا طالحاً ولا صالحاً إلا راودته , فلم يسلم إلا قليل .

الغيبة ذلك الوحش الضاري , والعدو الصائل , ينقض على الحسنات فينهشها

وعلى اللحوم البشرية فيأكلها , وعلى المجتمعات الإسلامية فيفرقها .

ألا ترى – أخي الصائم – كيف تساهل كثيرون في أمرها , حتى أصبحت

كأنها عادة اجتماعية متعارف عليها لا تكاد تنكر فبينما كان الصحابة رضي الله

عنهم يتلاقون بالبشر , ويحفظون أعراض بعضهم عند الغيبة ويرون ذلك

أفضل الأعمال , ويرون خلافه من عادة المنافقين , فقد انتشر خلاف ذلك اليوم ,

فها نحن أولاء نرى كيف يلقى أهل المجلس زائرهم بالترحاب ويأخذون معه أ

طراف الأحاديث التي تفوح بالمجاملات وما إن يودعهم حتى تبدأ وجبتهم الدسمة

بلحمة متناسين مثل قول الله تعالى وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ

أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ ) ( الحجرات: 12 )

إن من العجب حقاً أن يصوم أحدنا عن الحلال , ويفطر على الحرام والأعجب من ذلك

أن نتظاهر بنزاهتنا عن أبواب الغيبة فندخلها من أسوارها , فالغيبة قد تكون بالإشارة

والغمز والكتابة والحركة والتمثيل ,بل هو أشد غيبة كأن يمشي المغتاب مثل مشية

أخيه يعيبه فرسولنا صلى الله عليه وسلم حين حكت له عائشة رضي الله عنها إنساناً

قال:" ما أحب أني حكيت إنساناً وأن لي كذا وكذا "رواه أبو داود بل من أعجب

الغيبة : أن يذكر عنده أحد الناس , فيقول : الحمد لله الذي لم يبتلينا بذنبه نسأل الله

أن يعصمنا من مثل عمله وإنما قصد أن يعيبه بصيغة الدعاء وربما قدم بمدحه ثم

يشير إلى تقصيره فيكون مغتاباً ومرائياً ومزكياً نفسه فيجمع بين ثلاث فواحش أو

أن يصغي إلى الغيبة على سبيل التعجب فيزيد من نشاط المغتاب .

أخي الصائم .. ليكن صومنا فرصة لنا لنعالج أنفسنا من هذا الدء فننكرها على الآخرين

باللسان أو بالقلب عند عدم القدرة حتى لا نقع في الإثم العظيم .

وليضع أحدنا نفسه موضع رجل جعل أهل مجلس موقع تندرهم وضحكهم ,

فهل يطيق ذلك ؟! ألا تكره نفوسنا أن نسمع كلمة قيلت فينا تعيبنا سواء أكانت

حقاً أم باطلاً ؟ فكذلك الناس – أخي الصائم القائم – لا يرضونه لأنفسهم ..

وأخيرا هاك هذه الحادثة القصيرة قبل أن أودعك , روي عن الحسن أن رجلاً

قال له : إن فلاناً قد اغتابك فبعث إليه رطباً على طبق وقال : قد بلغني أنك قد

أهديت إلي من حسناتك فأردت أن أكافئك عليها فاعذرني فإني لا أقدر أن أكافئك على التمام .

الغيبة – يا أخي – نار فلا تقربها من حسناتك لاسيما وأنت تظمئ نهارك وتحيي

ليلك وترخص مالك لتثقل بها ميزانك ..

وإلى المصارحة السادسة ..
سندباد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-24-2007, 06:26 PM   #7
عضو فعال

الصورة الرمزية سندباد
افتراضي


المصارحة السادسة : ( هل ستغلبه أم سيغلبك ؟ )

أخي الصائم ...

لاتزال نداوة رمضان ترطب القلوب المؤمنة , ولا يزال أرج العبادة فيه ينعش

الأرواح الصائمة , ولا تزال نفحاته العطرة تبعث الهمم العالية لمواصلة المسيرة

الخيرة في اغتنام أوقاته لا جتناء الطيبات من الأعمال والأقوال .

رمضان شهر يعود فيه الإنسان إلى أطيب عناصره وأرقاها وهو الروح , فيزكيها

ويلبي رغباتها حتى يشف عن إيمات رفيع يستجيب معه لأوامر الله طائعاً مختاراً

راغباً في المزيد مستمتعاً بالعبادة ولذائذها ويعيش الجسد فيه حالة من التراجع في

البحث عن مشتهياته فالهم الأول للمسلم في هذا الشهر هو الحصول على هدف

التشريع الإلهي للصوم في مثل قول الله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ

كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183) والتقوى شرط القبول

: ( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (المائدة: 27) .

وهل يحصل الإنسان على شيء قيم إلا بثمن مماثل , ولذلك كان على استعداد تام

للتضحية بكل ثمين يمكن أن يقدم لله تعالى من أجل القبول هذا الذي ركب الصالحين

بالهم بعد العمل ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ)

(المؤمنون:60).

هذا الشعور يجعل النفس تتحرر من كثير من قيودها التي ترهقها وهي مشدودة إلى

الدنيا أكثر من الآخرة خلال ممارسات الحياة المعاصرة وتعقيداتها ولذلك فإنها تستريح

في رمضان وتستجيب إلى كثير من نداءات الخير التي كانت مشغولة عنها في غيره

ملبية مشتاقة وهنا فرصة أخذها بما كانت تأباه من السلوكيات الحسنة والأخذ بزمامها

عن الممارسات الخاطئة .

ولعل من أبرز الأمراض العصية التي انهار أمام سلطانها كثيرون ، هي عادة التدخين

فعلى الرغم من أن المدخن أعلم الناس بمضار التدخين ، لما يراه من اثرها على نفسه

وصحته وماله وعياله ومجتمعه ، حتى إنك لو طلبت منه أن يسردها عليك لسدِّ عليك

الأفق ، ولكنه لا يملك الإرادة الكافية للإقلاع عنه . يمنعه من ذلك وهمٌ غرير بأنه

أصبح يجري في دمه ، ولا يمكن أن يستغني عنه ، وأنه أصبح جزءاً من شخصيته

وأنه .. والواقع يقول غير ذلك .. الواقع يقول : إن آلاف المدخنين قد أقلعوا عن هذه

العادة السيئة بكل المقاييس ، والبداية دائما تنبع من الذات ، حين يقتنع المدخن بهذا

القرار الصائب ، وبعمل على تحقيقه . والفرصة في شهر رمضان مواتية أكثر

من غيره ، فالنفس تكون قريبة من الخير ، حريصة على ما يرضي الله ، ولا شك

أن ترك التدخين هو إقلاع عن ذنب تجب التوبة منه ، وفي رمضان يمضي الصائم

أكثر من نصف اليوم ممتنعاً عن ممارسة هذه العادة ، مما يضع المدخن أمام اختبار

يومي ، يرى أنه ينجح فيه بامتياز ، فما الذي يجعله يتردد عن إكمال بقية اليوم

وإن وجود عيادة خاصة لمساعدة المدخنين على ترك الدخان فرصة ثمينة يجب

استغلالها ، وقد قمت بزيارة ميدانية لها فوجدتها عيادة هادئة ، قد هيئت للنجاح في

أداء مهمتها ، ولكن أيضاً مع أهل الإرادة القوية ، والعزيمة التي تكتسح التردد منذ أن يطرأ .

أخي الصائم .. كن عوناً لأخيك على نفسه ، ولا تكن عوناً للشيطان عليه ، فانصحه برفق

وقوِّ عزيمته بدلاً من تخجيله ، واحمل لواء مكافحة التدخين في هذا الشهر الكريم .

وأنت يا أخي العزيز ، يا من ابتليت بهذه العادة : أرجوك من أجل الله تعالى أقلع عن

شيء يضرك اليوم ، ويضر أولادك في المستقبل ، ويضر بمجتمعك ما دامت سيجارتك

تنفث سمَّها في أجوائه . فهيا انتزع نفسك من قائمة المدخنين ، واندرج في قائمة

الأصحاء المعافين ..


وهيا معي إلى المصارحة السابعة ..
سندباد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-24-2007, 06:28 PM   #8
عضو فعال

الصورة الرمزية سندباد
افتراضي


المصارحة السابعة : ( بين الغطيط والسهر ضياع !)

أخي الصائم ..


دعنا نتساءل هل الصيام يدعونا إلى الحركة والإنتاج أم إلى السكون والدعة ؟

لو تأملنا حياة عدد من أفراد المجتمع لوجدنا الإجابة تقول بلسان الحال : إن

الصيام تسبب في الخمول والتراخي فقلة الأكل تؤدي إلى نقص الطاقة الجسدية

مما يؤدي بالتالي إلى البحث عن وسائل الراحة وزيادة حصة النوم من ساعات اليوم .

هكذا يعتذر الخاملون لأنفسهم ولو تأملت حياتهم في غير رمضان لما وجدت فرقاً كبيراً

في قدر الإنتاج ذلك لأنهم مرضى نفوس يتعللون لكل زمان بما يلائمه ليستمروا في سلبيتهم .

وإلا فأين الضعف الذي يتحدثون عنه حينما ينظمون أوقاتهم ليحفظوا طاقاتهم ويوظفوها

فيما يفيدهم ؟

إن أول العلاج _ أخي الصائم الكريم _ أن نحس بقيمة الوقت وأن نوقن أنه يمثل الحياة

والحياة أغلى مما ينبغي أن نحافظ عليه من أماناتنا , والفراغ جوهرة نفيسة قد لا

يكتشف الإنسان ثمنها الحقيقي إلا حين تنزع منه وكما أن الصحة تاج على رؤوس

الأصحاء لا يراه إلا المرضى كما قيل :


فالوقت أنفس ماعنيت بحفظه *** وأراه أسهل ما عليك يضيع


إن أمتنا خسرت كثيرا من الطاقات الشابة سخروا ما أوتوا من مواهب في خدمة

شهواتهم وتلبية غرائزهم وحسب إنهم يعيشون ليأكلوا ويشربوا ثم ليموتوا , دون أن

يتركوا أي أثر إيجابي لهم على هذه الأرض التي كانت تنتظر محراثهم وبذرهم وسقيهم .

والسؤال الآن : هل الوقت في رمضان أقل أهمية منه في غيره ؟

على العكس تماماً , فالوقت في رمضان يزداد قيمة وأهمية بسبب الفضل العظيم

الذي خصه الله به . والوقت يتضاعف حينما نستطيع أن نتجاوز الظغوط الاجتماعية

علينا التي تحاول أن تلزمنا السهر الطويل ليلاً بحجة أن أجواء رمضان الاجتماعية

هذه هي طبيعتها عندنا منذ عقود من الزمان وبطبيعة الحال حين يسهر الإنسان كل

الليل , فلا بد أن يعوضه نوماً طوال النهار

وهنا المعضلة .. فالليل الرمضاني الذي كان يقضى أوله في عصر السلف في صلاة

التراويح ثم النوم حتى ثلث الليل الأول ليكمل مع صلاة التهجد أصبح في برنامج

هؤلاء مدينة للألعاب يتنقلون فيها بين المراجيح والمسابح وفطائر الوجبات السريعة .

والنهار الذي كان لكسب الرزق , والسعي في الأرض لإعمارها كما أراد كما أراد

خالقها وخالقنا أصبح غطيطاً يذهب بالقلوب حتى عن واجباتها العبادية والاجتماعية .

لقد كنا نقرأ عن السلف من يقول :" والله أنني أتأسف في الفوات عن الاشتغال بالعلم

في وقت الأكل فإن الوقت والزمان عزيز " , وقرأنا ما أذهلنا عن النووي رحمه الله

أنه يقول :" إذا غلبني النوم استندت إلى الكتب لحظة ثم أنتبه " .

نهار رمضان يتبارك ويزداد حينما يأخذ الجسم راحته في الليل / الموطن الأصلي

للنوم وحينما يعمل المسلم بالسنة فيتسحر متأخراً ويفطر مبكراً فإن الامتناع عن الأكل

نهاراً يوفر له الزمن الذي كان يقضيه في تناوله ويزيد من نشاطه ذلك لأن الأكل في

وسط النهار سبيل للخمول وهو ما نشاهده من الرغبة في النوم ظهراً بعد الغداء

مباشرة ومن ثم الكسل عن أعمالنا التي ربما كنا ننوي القيام بها قبل أن نتخم بطوننا

أخي الصائم ..

أليس هدراً أن نضيع شهراً مباركاً كهذا الشهر في سهر عقيم وتبديد لأجل نعمة

بعد نعمة الإيمان هي نعمة الوقت الغالية ؟

حتماً سيكون جوابك ..لا.


فهيا إلى المصارحة الثامنة ..
سندباد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-24-2007, 06:29 PM   #9
عضو فعال

الصورة الرمزية سندباد
افتراضي


المصارحة الثامنة : ( معاً .. ضد التسول )


أخي الصائم ..


إن صيانة المجتمع مما يعكر صفاء ينابيعه مسؤولية مشتركة بين الدولة والمواطن

فاسمح لي أن أناقش معك اليوم دوري ودورك في القضاء على ظاهرة خطيرة تنمو

أشواكها في رمضان أكثر من غيره فتشوه صفاء روحانيته الصافية , إنها ظاهرة التسول .

فبينما أنت تسبح في عالم الصفاء في بيت من بيوت الله تتلذذ بالصلاة والمناجاة مع

رب العزة والجلال , قد خشعت الأصوات وانسكبت العبرات ورقت القلوب بسماع

كلام علام الغيوب إذا برجل يحمل طفلاً أو عكازاً يشق الصفوف ليقف أمام المصلين

صائحاً بأعلى صوته يتصنع البكاء والمسكنة ويهتف بالمصلين أن يعينوه على بلواه

ويسترسل في شرح حال غير موثقة فيقطع بذلك أسباب الخشوع ويصرف القلوب

عن الذكر والتسبيح ثم يجلس ليتلقى الأموال التي ربما كانت عليه حراماً لكونه كذاباً

غير مستحق . وللأسف الشديد تجد التعاطف معه كبيراً مما يشجعه على الاستمرار .

إننا – أخي الصائم – قد نتساهل في مثل هذه القضية متناسين أن لها أضراراً

كبيرة على الفرد وعلى المجتمع , فالتسول من الأبواب التي تعطل اليد العاملة القادرة

على الإنتاج والكسب , حين يجد المتسول أنه يكسب من مهمته هذه أكثر بكثير من

لو أنه عمل بنفسه فيمتهن هذه المهنة الذليلة ويتعود على دلق ماء وجهه أمام الناس

حتى يفقد إحساسه بوخزات نظرات الآخرين وانتقادهم , ويظل يتسكع في كل طريق

منتهكاً حق إنسانيته وحق كرامته وحق مجتمعه ومن الطبيعي بعد ذلك أن تراه لايأبه

بأن يستمر في هذه المهنة حتى بعد ان يغنيه الله . وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم

:ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس " , ولذلك كان الجزاء من

جنس العمل إذ " يلقى الله تعالى وليس في وجهه مزعة لحم " كما في الصحيحين .

إن من حق الفقير الذي يعمل ولا يكفيه مردود عمله المالي أو إذا كان عاجزاً عن العمل

بسبب مرض أو سجن أو نحوهما أن يطلب من إخوانه المسلمين ما يسد حاجته ولكن

الأمور قد أخذت أنظمتها فأصبحت هناك دائرة للضمان الاجتماعي ومراكز لجمعيات

البر فعلى المحتاج أن يقصدها ويأخذ حقه منها مرفوع الرأس غير ذليل . وهي مسؤلة

عن إيصال الصدقة والزكاة الشرعية إلى مستحقيها فهي تتعرف الفقر الحقيقي من

خلال دراسة ضافية بأساليب رسمية موثقة وأخرى اجتماعية خاصة كي تؤدي

الصدقة دورها في خدمة المجتمع ومحو شرور الفقر عنه .

إننا – أخي الصائم – حين نعطي غير المستحق فقد حرمنا المستحق وشجعنا المحتالين

على دروب الغش والخديعة بل وأسهمنا في نشر البطالة وتحطيم الإنسانية في نفس من نعطيه :

كل من أعطاه قرشا *** حطم الإنسان فيه

إنه مسخ شباب *** راعش لا روح فيه

حقا إننا نحتار حين تعرض امرإة حالها علينا وقد أضجعت إلى جانبها طفلها وبدت في

حالة من البؤس ترقق القلوب فليس لنا أن نكذبها فقد تكون ولا نستطيع أن نصدقها

لأننا لا نملك الزمن الكافي لاستقصاء حالتها ولا يجوز أن ننهرها وقد قال تعالى :

( وأما السائل فلا تنهر ) الضحى 10 ) فليس أمامنا إذن إلا أن نتعاون مع إدارة

مكافحة التسول ونسلمها لها لتتعرف حالها ويكفينا درساً ما حدث في إحدى

المحافظات حين اكتشفت الإدارة رجلاً يتلبس بلبوس المرأة يرتدي العباءة والحجاب

ويجلس عند بوابة المسجد ليستعطف القلوب الطيبة .

ومن التسول المقنع ما يسمى أخذ العادة أو ما نسميه في عاميتنا ( العويّدة ) ويقصد

بها الزكاة السنوية التي تعودت بعض الأسر أخذها من بعض الأغنياء ، فيستحلوا

أخذها حتى بعد أن تصلح حالهم ويغنيهم الله من فضله وقد بلغت هذه الظاهرة في

رمضان أن يتجمهر الفقراء والمحتالون سواء على بوابة هذا الغني ويربكوا حركة

السير ويؤذوا أهل الحي بتجمعهم أمام بيوتهم وذلك كل يوم من رمضان يشجعهم

على ذلك التوزيع العشوائي للزكاة وهي ظاهرة بيد الأغنياء أن يحسموها بإرسال

زكاتهم إلى جمعيات البر والمؤسسات الخيرية ويرتاحوا ويريحوا وتبرأ ذمتهم مما عليهم

وقاني الله وإياك – أخي الصائم – غوائل الفقر وذل المسألة .


وإلى المصارحة التاسعة
سندباد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-24-2007, 06:31 PM   #10
عضو فعال

الصورة الرمزية سندباد
افتراضي


المصارحة التاسعة فضائيات )

أخي الصائم


إن المسلم الحق يفرح فرحاً شديداً بإدراك رمضان ليستثمروه في طاعة الله ولكن

بعض العادات الاجتماعية تستطيع – بقوة سلطانها على الناس – أن تغتصب

من رمضان حقه في خلوص أوقاته فيما يرضي الله تعالى

ومن ذلك صرف كثير من الناس أوقات طائلة في الجلوس بين يدي الشاشة الصغيرة

التي أصبحت بعد البث الفضائي تضع العالم بين يدي جليسها من شرقه إلى غربه .

لقد أصبح فضاؤنا العربي والإسلامي ميداناً لتنافس شرس بين عشرات القنوات

الفضائية المتزايدة يوماً بعد يوم بينما مضامينها – إلا ما رحم ربي _ لا تزال

تنهار من الناحية الفكرية والأخلاقية فجل ما يبث دعايات فجة ومواد خليعة تتاجر

بغرائز المشاهدين وتحتقر ذواتهم وعقولهم ، وأي احتقار أشد وأنكى من أن تعرض

الرذيلة دون حياء وتلغى كل الرغابة الشرعية عن تلك البرامج بحجة أن المشاهد

العربي المسلم لا يريد غير هذا المستوى الدنيء من البرامج ولا تتدخل رقابة هذه

الفضائيات إلا عندما تشاهد من الفاحشة ما يقام عليه الحد مع أن هذه القنوات تدرك

يقيناً أن المقبلات الجنسية التي تسمح بها تكون عادة أقوى تأثيراً ونفاذاً لاستثارة

الغرائز الجنسية من الممارسة نفسها .

وتزداد صولة هذه الفضائيات في شهر رمضان حيث تستعد ببرامج خاصة تحت

مسميات كثيرة مثل الفوازير والمسابقات والمسلسلات وكلها تشترك في هتك حرمة

شهر الله المعظم وفيما يسميه أحد كتابنا : (( العهر الإعلامي وكأنما اختار منفذوها

هذا الشهر المبارك ليصرفوا الناس عن العبادات بما يقدمونه خلال برامجهم من رقص

وعري وفجور يندى له جبين المسلم الغيور على دينه .

يقول الكاتب الغيور : (( ولو انصرف المشاهدون عن مشاهدة مثل هذه البرامج لما

وجدت هذه البضاهة الفاسدة من يروجها ولوجدت محطات التلفزة المعنية حالها مضطرة

إلى تقديم البرامج النافعة التي تحترم وعي المشاهد وتراعي حرمة الشهر الكريم وتحسن

إلى المسلم بدلاً من أن تسيء إليه ))

ويقول كاتب آخر : (( من مجمل مشاهداتي هذه السنة خرجت بانطباع جازم : أن غالبية

هذه القنوات لاتحترم عقول مشاهديها ولا وقتهم ولا تذوقهم البسيط ولا المعنى العميق

لوظيفة هذا الشهر الكريم في حياتنا فلدى القائمين على إدارة وبرمجة هذه المحطات

شعور مستحكم أن جمهرة المشاهدين هم أناس أقرب إلى الجهل وبسطاء لا يحتملون

قدراًً من التركيز والجهد وفارغون نفسياً ووجدانياً ينتظرون الأغاني والرقصات

الموشاة بأجساد فرحة متمايلة لكي تشبع أفئدتهم الفارغة والقائمون أيضاً يعانون أنفسهم

من الثقافة والمعرفة والهدف الذي ينطوي على هذه المحطات وهم ضمن وعيهم الهزيل

هذا لا يعترفون بأن عقل المشاهد أسمى قليلاً من هذه الفوضى من الألوان والأزياء والحركات ))

أخي الصائم : لن أزيدك على قول هؤلاء الغيورين عليك وأنت أغير منهم على نفسك

وأهلك وذريتك فاحم أسرتك من هذا الاستخفاف بدينهم ومشاعرهم وعقولهم وقيمتهم

واتق الله أن تطيعه في النهار صائماً , ويعود البعيد في الليل عاصياً .

حماني الله وإياك من كل فتنة.

وإلى المصارحة العاشرة ..
سندباد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-24-2007, 06:32 PM   #11
عضو فعال

الصورة الرمزية سندباد
افتراضي


المصارحة العاشرة : ( ماذا عن الخدم في رمضان ؟)

أخي الصائم ..


ها أنت ذا تقضي أياماً تفيض بالبهاء كما يهوي القلب التقي وتتقلب في نعيم العبادة

كما يتمنى العبد المحب لمولاه , وتحرص على التخفف من أعمال الدنيا ليفرغ فؤادك

لما هو أعز وأجل . فأهنئك بكل هذا الثراء الرباني وأذكرك – أخي الصائم بأن

هناك من يتمنى منك أن تلحظه بعين رعايتك وشيء من اهتمامك ويود لو يذكرك بنفسه

أنه مسلم يتمنى منك أن يحظى بخصوصية في المعاملة تتناسب مع خصوصية رمضان .

إنهم تحت يديك أجراء يترقبون إشارتك وينظرون مواضع نظرك ليلبوا لك كل

طلباتك , خدم كانوا بين أهلهم أسياداً فأذلتهم الحاجة والمسكنة حتى ساقوا نساءهم

للخدمة في بيتك وبيوت بني ديارك خارج ديارهم مرغمين وساقوا شبابهم سائقين

وعاملين يرضون بأدنى المهن ويتغربون من أجل رواتب زهيدة لا ترفعهم من حال

الفقر إلى الغنى غالباً ولكنها تقيم أودهم وتشبع جوعة أطفالهم وتحفظ ماء وجوههم عن

دنس الاستجداء وذل المسألة .

أفلا تستحق هذه الفئة منك لفئة حانية تؤجر عليها في رمضان ؟

إنهم مثلك مسلمون يصومون كما تصوم ويتمنون أن يقوموا من الأعمال الصالحة في

هذا الشهر بمثل ما تقوم فهلا خففت عنهم بعض الأعمال وفرغتهم جزءاً من الوقت

ليفرغوا لقراءة القرآن أو صلاة القيام ؟!

هذا هو أملي فيك فكما أنك تسعى إلى فقير لتعطيه وإلى محتاج لتعينه وإلى ملهوف

لتغيثه فلن تنسى إن شاء من هم في بيتك أو مؤسستك .

ودعني – أخي الصائم – ألتفت إلى صنف آخر من الناس لا يزالون قلة ولله الحمد

أعيذك أن تكون واحداً منهم أولئك الذين تولوا على هؤلاء الفقراء فظلموهم كثرت

أموالهم ولكنهم ماطلوهم في إعطائهم حقوقهم وأخروا رواتبهم والرسول

صلى الله عليه وسلم يقول : " أعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه " رواه ابن ماجة

وأمنوا هم في ديارهم ولكنهم خوفوا هؤلاء الغرباء بقطع أرزاقهم وإرجاعهم إلى

ديارهم مقهورين مفلسين وأراحوا هم أجسامهم وأرهقوا هؤلاء البؤساء بالأعمال

المضنية ولم يفرقوا حتى بين رمضان وغيره فبينما هم زادوا لأنفسهم ساعات النوم

والراحة تركوا هؤلاء المساكين يشقون ليل نهار بعد أن خلط الناس بين الأوقات في

رمضان فلا يكادون يجدون وقتاً يلتقطون فيه أنفاسهم مع هؤلاء الأسياد عفواً الظلمة

لأنفسهم ولغيرهم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : نعم هم إخوانكم جعلهم الله تحت

أيديكم فمن جعل الله أخاه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا يكلفه من

العمل ما يغلبه فإن كلفه ما يغلبه فليعنه عليه " رواه البخاري . ولا أدري كيف أمن

هؤلاء من عاقبة الظلم والرسول صلى الله عليه وسلم يقول " اتقوا الظلم فإن الظلم

ظلمات يوم القيامة رواه مسلم وكيف لم يقلقلوا بعد ظلمهم خوفاً من دعوة ليس بينها وبين الله حجاب .

أخي الصائم ..

كما ترجو الأجر في صيامك وقيامك فاطلبه في التخفيف عن خدمك وعمالك في هذا

الشهر وإسداء المعروف لهم والسماح لهم بأداء العبادات والطاعات حتى لو كانت

تستدعي سفراً إلى مكة لأداء العمرة فلتحتسب ذلك عند الله فإنما هي فرصة ثمينة لهم

ماداموا بين ظهرانينا قريبين من الحرم ولك في ذلك الأجر إن شاء الله .


وإلى المصارحة الحادية عشرة ..
سندباد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-24-2007, 06:33 PM   #12
عضو فعال

الصورة الرمزية سندباد
افتراضي


المصارحة الحادية عشرة : ( أفضل الجود )

أخي الصائم ..


إن الرحمة تنشأ عن الألم فإذا ذاق الغني طعم الجوع الذي يذوقه الفقير تحركت أحاسيسه

تجاهه وإن غرغرة المعدة في نهار رمضان لخطبة بليغة اللسان تعظ الغني أن ينسى

أخاه الفقير فتزكو نفسه وتتربى على خلال الجود والرحمة والشعور الرفيع الذي يزهق

أنفاس الأنانية ويرتفع إلى مستوى الإيثار ورد أن يوسف عليه السلام كان يكثر الصيام

وهو على خزائن الأرض فسئل في ذلك فقال : " أخاف إذا شبعت أن أنسى جوع الفقير "


أخي الصائم


إن من الغلظة حقاً أن تجد أقواماً لا تهزهم دمعة محروم ولا تحرك أعصابهم تأوهات

مبتلى , ران على قلوبهم ما يكسبون من الأموال الطائلة فعاشوا لأنفسهم يهرقون

الذهب والفضة بين يدي شهواتهم وسفراتهم بل وأطفالهم ويضنون بها عن أسرة

محتاجة فقدت عائلها أو يتيم يتجرع مرارة اليتم كل يوم مرات ومرات وكأنهم

ضمنوا النعمة التي بين أيديهم والله تعالى يقول :{ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ

ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً} (النساء: 9 )

إن رمضان – كما يقول أحد العلماء - : شهر نزلت فيه هداية السماء إلى الأرض

فناسب أن يكون زمن عبادة ترتفع بها النفوس من شهوات الأرض إلى روحانية

السماء وتتخلص من جوانب المادية ودوافع الغرائز إلى صفاء ونقاء يضفي على

النفوس البشرية نوعاً من الشفافية والرقة "

فما أقسى قلبه !! ذاك الذي دخل رمضان فلم يغير في موقفه من الفقراء شيئاً

وما أرق قلبه !! ذاك الذي لم تطب نفسه حين أراد أن يستعد لشهر الصوم ببعض

الاحتياجات إلا أن يتكفل بعدد من الأسر ليفرحهم كما فرح ويؤنس نفوسهم التي

أوحشها الفقر ولوعتها الفاقة .

لقد اعتاد الناس في رمضان صوراً اجتماعية رائعة يتبادلون فيها هدايا الأطعمة

فيما بينهم ويتداعون إلى الولائم , وكان لابد أيضاً أن يكون لفئة الفقراء منهم نصيب

فبئست الوليمة يدعى إليها الأغنياء ويطرد عنها الفقراء .

إن رمضان هو شهر الجود وأفضل الجود وأكرمه هو الجود على المحتاجين لأنه

خالص من نوايا تبادل المصالح والرد بالمثل كما يقع بين الأغنياء وفيه روح التكافل

الاجتماعي الذي حث عليه ديننا الحنيف والذي هو سفينة المجتمع في بحار

الدنيا المتلاطمة الأمواج .

أخي الصائم ..


رمضان كريم .. وكريم .. وكريم .. كم يتمنى الفقير قربة مع علمه بأن فيه

زيادة في المصاريف , مما يخصه أو يخص كسوة العيد بعده ولكنه يعلم مع

ذلك أنك تجود فيه أكثر من سائر العام فهو يؤمل أن يجمع فيه أجرة منزله ونفقات

كسوته وكسوة عياله طوال العام ويقضي ديونه ليستأنف رحلة جديدة مع نصب الحياة وكدحها .

فلا تخيب رجاءه مما أفاض الله عليك من صدقة أو زكاة أو هبة فإنه لا يضيع عند الله

مثقال حبة من خردل من عمل صالح . تقبل الله مني ومنك ومن سائر إخواننا المسلمين .


وإلى المصارحة الثانية عشرة .
سندباد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-24-2007, 06:34 PM   #13
عضو فعال

الصورة الرمزية سندباد
افتراضي


المصارحة الثانية عشرة : ( رمضان وشباب الشوارع )

أخي الصائم ..


إن النعم كلما ازدادت قيمة في نفوسنا كلما ازددنا حرصاً عليها نشفق عليها أن تنزع

من أيدينا أو تنال منها مصيبة أو جائحة لا قدر الله .

هذا المجتمع الآمن الذي ترفرف على ربوعه راية التوحيد هو من أعظم المكاسب التي

يجب علينا أن نحافظ عليها ولا نسمح لأحد أن يخدش جمالها وإن وجود بعض الظواهر

الاجتماعية المؤثرة على صبغته الهادئة والوادعة لتمثل تشويهاً حقيقياً كأنه بثور متقيحة

في وجه حسناء وهي ظواهر تمثل إفرازاً سيئاً لتلاقح المجتمعات المفتوح دون حدود عبر

الفضاء والشبكة العنكبوتية وتقليداً محضاً لما يشاهد هنا وهناك .

صورة محزنة شاهدتها في شهر رمضان بالقرب من منزلي حيث يحلو السهر

الشبابي الطائش .. أحد كبار السن في حينا على عتبات الثمانين من عمره خرج

يريد قضاء حاجة له من أحد المحلات التجارية القريبة من منزله وفي الطريق رأى

جمهرة من الشباب قد اصطفت على جنبات الطريق لاتألو جهداً في إثارة الفوضى

تتفنن في إزعاج الحي والمارة بوسائل لا تنقصها الهمجية تخجل العائلات المحترمة

حين تضطر للخروج لحاجتها , وتلجئ السيارات العابرة للحوادث المرورية

وترعب المارة , وتعرض عشرات الأطفال المغرر بهم للخطر الداهم كل ذلك من

أجل استعراض سمج للمهارات الخارقة التي يتمتع بها أحد الشباب المتهور وهو

يرقص سيارته أو يدور بها في غطرسة , والتي قد تنتهي بانقلاب السيارة

أو الاصطدام في سيارات , أو ربما الدخول في أحد جدران المنازل القريبة كما حدث

ذلك ورأيته .

لن أنسى شيخنا الوقور وهو يراقب هذه المهزلة مرغماً غير مختار , لأنه يقف محتاراً

على حافة الشارع ينتظر الفرج ولو للحظات ليقطع الشارع إلى مكان حاجته , وفجأة

انزلقت سيارة مجنونة إلى موقع الشيخ لترديه قتيلاً في لحظات , ليكون واحداً من ضحايا

التجمعات الشبابية المشبوهة في الطرق العامة .

وإذا كان سرد الحادثة كافياً لتكون عبرة للشباب , فإن الكلمة التي يجب أن تقال يجب

أن توجه لأولياء الأمور , الذي منحوا هذه السيارات لمن لا يستحقها , ومن لا يعرف

كيف ينتفع بها , ولا يقدر مدى خطرها ويبقون هم غافلين عن فلذات أكبادهم لاهين

عنهم بشؤن الحياة التي لا تنتهي , حتى إذا وقعت الكارثة واستدعي أحدهم إلى دائرة

الأمن بدأ يتلفت يميناً وشمالاً يبحث عن مخرج لولده من ورطته ويذهب أمثال هذا الشيخ

القتيل يشكو إلى ربه من قتله ومن تسبب في قتله .

أخي الصائم ..

أليس أولادنا من أعظم الأمانات عندنا ؟ أو ليسوا مسؤولين أمام الله عن شبابهم فيم يبلونه

فلماذا.. لماذا نرخصهم فنسلمهم لرفقاء السوء في مثل هذه التجمعات الموبوءة , التي لا

تخلو من مواعيد مشبوهة ومد الجسور في علاقات تبدأ في الشارع , وتنتهي في مغارة

من مغارات الفساد وعصابة من عصابات المخدرات , لا قدر الله ..

ومهما يكن من شيء فإن هذه التجمعات لا تمثل الوجه النقي الطاهر لشهر رمضان

المبارك , الذي ينبغي أن نصطبح به ونتمسى وقد اغتسلنا من أدراننا وخطايانا .

أخي الصائم ..

ترفق بابنك , وانتشله من هذه الوهدة التي لا يدري قاع هاويتها حين يطل عليها بعين

المتعة فيراها بركة زرقاء توج بلآليء الضوء المتوهج , فتغريه بالعومة التي قد لا

ينجو من فكيها .

أعتذر لك أخي الصائم إن كنت قد جرحت مشاعرك بمدية الحقيقة , ولكن عذري أنني أحبك

وأحب لك الخير الذي أحبه لنفسي .
سندباد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
رد



تعليمات المشاركة
لا تستطيع كتابة مواضيع
لا تستطيع كتابة ردود
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع إلى


الساعة الآن: 02:39 PM


Powered by vBulletin® Version 3.6.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات المروج المشرقة