اخر عشرة مواضيع :         متجرخولة لفن الحياكة و الكروشيه (اخر مشاركة : ماريا عبد الله - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          موقع قرة الوجهة الرئيسية لمحبي المعرفة والتعلم الدائم (اخر مشاركة : ماريا عبد الله - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          أفضل تطبيق لمشاهدة المباريات والقنوات المشفرة على الأندرويد (اخر مشاركة : ماريا عبد الله - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          معمول الجابرة (اخر مشاركة : ماريا عبد الله - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          برنامج Cryptotab متاح للتحميل الان (اخر مشاركة : ماريا عبد الله - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          حازم المراغى يعود (اخر مشاركة : حازم المراغى - عددالردود : 0 - عددالزوار : 356 )           »          ادخل لك رساله (اخر مشاركة : حازم المراغى - عددالردود : 788 - عددالزوار : 144445 )           »          تطبيق شاور لتفسير الاحلام (اخر مشاركة : فهمي سامر - عددالردود : 0 - عددالزوار : 391 )           »          تطبيق عقارات السعودية متوفر الان للتحميل (اخر مشاركة : فهمي سامر - عددالردود : 0 - عددالزوار : 401 )           »          المواد الحافظة ومخاطرها على صحتنا (اخر مشاركة : جـوهرة 99 - عددالردود : 6 - عددالزوار : 769 )           »         


لوحة الشـرف
القسم المتميز العضو المتميز المشرف المتميز الموضوع المتميز
قريبا قريبا قريبا قريبا


العودة   منتديات المروج المشرقـــة > مروج العلوم > مروج الثقافة والعلــــــــوم > مروج البحوث
التسجيل التعليمـــات قائمة الأعضاء التقويم

مروج البحوث خاص بمساعدة الطلبة والتلاميذ على البحوث والمواضيع

الإهداءات

 
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
قديم 05-03-2008, 11:04 PM   #1
عضو متألق

افتراضي ظاهرة التسول


بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ...
وبعـد’’’

مقدمة
خير ما نبدأ به مقالنا هذا حول (ظاهرة التسوّل) هو أحسن القول، قول الله عز
وجل حيث قال: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ ، لقد أقام النبي الأكرم قبل أربعة عشر قرنا وبوحي من الله سبحانه وتعالى قواعد الدولة الإسلامية الفتيّة على أساس من القوانين العادلة، وحدد صلاحيات وحقوق الناس في شتى المجالات الحياتية من خلال سنّ بعض القوانين الحكيمة.


فمنذ أن أطلق دعوته المباركة إلى الإٍسلام راح النبي يعطي المسلمين دروسا في عزة النفس والكرامة وعلوّ الهمة وجبلهم بالكرامة المعنوية والفضائل الروحية، وقد ذكر القرآن الكريم عزّة المسلمين في مصاف عز الله سبحانه وتعالى وعزّة رسوله حينما قال: (الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) لما لهذه المسألة من أهمية بالغة.
إن كرامة المسلمين وعزتهم نساء ورجالا، فقراء وأغنياء، ضعفاء وأقوياء محفوظة ومحترمة في الدين الإسلامي، حتى أن بعض الروايات قد ذكرت أن الله سبحانه يعتبر إهانة العبد المسلم بمثابة محاربته، فعن الإمام الصادق قال: نزل جبرئيل على النبي وقال: يا محمد إن ربك يقول من أهان عبدي المؤمن فقد استقبلني
بالمحاربة.
فينبغي على المسلم أن يصون كرامته ويحفظ عزّته ويتجنب الذل والحقارة، ولا يحق لأي مسلم أن يعمل بما يؤدي إلى إذلاله وحطته، وحول هذا الموضوع هناك الكثير من الأحاديث والروايات التي جاءت على لسان النبي الأكرم والأئمة المعصومين :
1- قال رسول الله : لا يحلّ لمؤمن أن يذلّ نفسه.
2- قال أبو عبد الله الصادق : إن الله عز وجل فوّض إلى المؤمن أموره كلها ولم يفوّض إليه أن يذل نفسه.
3- قال أمير المؤمنين : أكرم نفسك عن كل دنيئة وإن ساقتك إلى الرغائب فإنك لن تعتاض بما تبذل من نفسك عوضا ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرّا) ولا يخفى عليك أيها المؤمن أن هذه من وصايا أمير المؤمنين لولده الحسن .
4- وقال أيضا : ساعة ذلّ لا تفي بعزّ الدهر.


(ظاهرة التسوّل والاستجداء)
هذه الظاهرة التي نحن بصدد الحديث عنها هي من الظواهر التي تعتبر من الظواهر السيئة المزعجة التي فيها جلب ذلّة للإنسان الذي كرمه الله سبحانه ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾ ، فالاستجداء أحد الصور التي لا تنسجم مع الإنسان الكامل الذي لو أتبع ما أنزل الله على أنبياءه ورسله والتزم بالقوانين الإلهية لماّ وصل إلى هذا المستوى المتدني، حيث يهبط من الذرى الشاهقة إلى الحضيض بسوء تصرفاته ونلاحظ صورا في مجتمعاتنا تقضّ المضجع حيث ترى ظاهرة التسول بدأت بالانتشار ولئن كانت هذه الظاهرة سابقا حكرا على الضعاف من الناس كمن به عاهة عضوية أو كبر في السن أو ما شابه ذلك كالنساء اللاتي جار عليهن الزمان وفقدوا المعيل وابتلوا بيتامى قد فتحوا تلك الأفواه منتظرين لقمة من طعام تسدّ رمق الجوع إلا أنه بلغ الأمر في الأزمنة الأخيرة إلى بروز شريحة من الشباب الذين يقفون على قارعة الطريق ليستجدوا المّارة مع قدرتهم على مزاولة الأعمال بدل هذه
المذلّة والاهانة.
ولكن قبل الخوض في غمار هذه المشكلة المستعصية لابد من التركيز على نقطة هامة في صلب الموضوع وهي السبب الدافع لمثل هذه الظاهرة وانتشارها ألا وهي الفقر، فإذا ما أراد الإنسان أن يوجد لمشكلة ما حلا ناجعا لابد وأن يضع يده على موضع الداء وبالنسبة إلى موضوع بحثنا نجد أن الفقر مشكلة عويصة على مرّ الزمان وقد وضع الإسلام بنودا عظيمة لحل هذه المشكلة لو طبقت لاجتثت هذا المرض العضال
من جذوره ولكفى الله المؤمنين القتال ولكن ماذا نقول ؟ (إن أهل الكتاب تركوا دينهم فترقوّا وتركنا ديننا فهبطنا) كما قال محمد عبده في بعض مؤلفاته.
فمسألة التراحم التي كانت في قائمة التعاليم الإسلامية التي نزل بها الوحي نراها شبه منعدمة وذلك بسبب تسلط بعض الإقطاعيين والبرجوازيين على مقدرات المسلمين وحكر الخيرات التي تدرّها البلاد لأنفسهم فقد وفقط.
وعلى العكس من ذلك نجد المسيحيين ينشئون الملاجئ للأطفال المحرومين ويقومون ببناء المستشفيات الخيرية وغير ذلك لمن لا يستطيع على دفع الأثمان الباهضة التي يطلبها أصحاب المراكز الأهلية بل ويرسلون المعونات العينية إلى الدول المتضررة وبلدان المجاعة كأثيوبيا وغيرها.
بل حتى اليهود استقدموا بعض السود الذين أنهكتهم المجاعة في بلدان أفريقيا لينقذوهم من براثن الوضع المتأزم، وطبعا الذين هم على دين اليهودية ويعرفون بـ(لفلاشا)، وإلا فإن الدين الإسلامي الحنيف دين متكامل ونظام راسخ وثابت قد جاء على أسس متينة غير قابلة للنقض كقول الله عز وجل : ﴿وَفِي أَمْوَالِهِمْ
حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ .
ومن سيرة النبي الأعظم نستلهم صور مشرقة فقد آخى النبي بين المهاجرين والأنصار بحيث تكون هناك شراكة في الأموال والعقار بل حتى أنه لو كان للأنصاري زوجتان فإنه يطلق أحداهما ليزوجها أخاه المهاجري، وطبعا لهذه العملية (المؤاخاة) أهداف سامية لا تتحملها هذه الوريقات، ولكن من أهمها رفع المستوى المعيشي وإيجاد حالة من المساواة والعدالة وذلك لترسيخ العلاقات بين المسلمين وليشعروا بالمحبة والمودة ومن ثم الأمان ليعيش الجميع عيشة هانئة رغيدة لا تشوبها شائبة.

ظاهرة التسوّل سيئة ممقوتة
السؤال المطروح الذي عليه يبتني موضوع بحثنا ومن خلال الإجابة عليه ندخل في صلب الموضوع ومن ثم نصل إلى الحل الناجع والبلسم الشافي:-
هو : لماذا كانت ظاهرة التسوّل سيئة ممقوتة؟؟
للإجابة على هذا التساؤل نقول: قال النبي : والذي نفسي بيده، لأن يأخذ أحدكم حبلا ثم يدخل عرض هذا الوادي فيحتطب حتى يلتقي طرفاه ثم يدخل به السوق فيبيعه بمدّ من تمر ويتصدق بثلثيه خير له من أن يسأل الناس . فكم يؤلمني ويؤلم كل مسلم فقه الإسلام واضطلع بعبئه أن نرى الفقر المدقع يدفع بالمسلم وحده للاستجداء بشكل فاضح ويشكل يخجل الناظر إليه وهو يمدّ يده للسؤال والذلة تغمر وجهه بالتراب ثم غير المسلم يتحمل هذا اللون من الذلّ، فإذا مرّ القارئ الكريم بأي شارع من أية مدينة يجد الذلّ والاستجداء قاصرين على المسلم، وذلك لماذا؟
أفليس رسولهم هو الذي شرعّ العزة والكرامة من وراء العلم؟ أوليس محمد هو الذي غضب إذ رأى الشاب المستجدي وأعطاه الحبل ليحتطب ويدع السؤال ؟ أهذا هو رسول المسلمين أم رسول اليهود والنصارى الذين وصلوا بفضل علومهم إلى القناطير المقنطرة من الذهب والفضة ينفقونها علينا في سبيل الإنسانية!!
يقول السيد حسن الكبنجي رحمه الله في كتابه شرح رسالة الحقوق: أذكر أن طائفة الأرمن التي طردها مصطفى كمال (عاهل الترك) من بلاده لأنها تواطأت مع الأجانب أيام حربه معهم وكان الأرمن يعملون في داخل تركيا على الضرب من الوراء، ولما طردهم (أتاتورك) تلقتهم الحلفاء من دول الاستعمار (بريطانيا وفرنسا) ووزعوهم على العراق وسوريا ومصر ولبنان، وكنا نراهم في أذلّ حالة من الفقر مطرودين مشردين وعملوا في أحقر المهن حتى زاحموا الفقراء منا على صبغ الأحذية وكنس الأزقة وحمل المتاع، ثم لم يمرّ بهم بضع سنين حتى رأيناهم يأخذون بأوفر المهن عزة وثراء.
ذلك لأنهم أول ما نزلوا بيروت والشام وبغداد أسسوا المدارس المهنية التي أغنتهم في أقل من ربع قرن عن كل حرفة وضيعة، ونافسوا كبار التجار وأصحاب الشركات والمهن من أهل البلاد، فما الذي حدا بالأرمن من اليهود أن لا يمدوا أيديهم للاستجداء وأصبح هذا الاستجداء وقفا علينا من أمة محمد، محمد هو هذا الذي صرخت كلمته أو كلماته القائمات على طلب العزة والكرامة لنا، فما هو السر في ذلك يا ترى ؟
السر هو أن عقولنا لم تفقه الإسلام، ولم تستشعر العز القائم عليه، ومن هنا وردت مناه كثيرة عن السؤال وتشديدات وورد فيه أيضا ما يدل على الحطة، والكاشف للغطاء فيه أن السؤال حرام في الأصل، وإنما يباح بضرورة أو حاجة مهمة قريبة ن الضرورة فإن كان عنها بدّ فهو حرام.
فقد ورد في الخبر عن الحسن المجتبى أنه قال: إن المسألة لا تحل إلاّ في ثلاث: دم مضجع، أو دين مقرح، أو فقر مدقع. وإنما قلنا إن الأصل فيه التحريم لأنه لا ينفك من ثلاثة أمور محرمة:
1- إظهار الشكوى من الله، إذ السؤال إظهار الفقر وذكر لقصور نعمته عليه وهو عين الشكوى، وكما قال إن العبد الملوك لو سئل كان سؤاله تشنيعا على سيده، فكذا سؤال العباد تشنيع على الله تعالى، وهذا ينبغي أ ن يحرم ولا يحل إلاّ بضرورة كما تحل الميتة.
2- إن نية إذلال السائل نفسه لغير الله، وليس للمؤمن أن يذل نفسه، ((إن الله أحل للمؤمن كل شيء عدا إذلاله نفسه)) بل عليه أن يذل نفسه لمولاه فإن منه فيه عزّة، فأما سائر الخلق فإنهم عباد أمثاله، فلا ينبغي أن يذل لهم إلاّ بضرورة وفي السؤال ذلّ للسائل بالإضافة إلى المسؤول.
3- إنه لا ينفك عن إيذاء المسؤول غالبا، لأنه ربما لا تسمح نفسه بالبذل عن طيبة قلب منه، فإن البذل حياء من المسؤول أو رياء حرام على الآخذ، وإن منع ربما استحى وتأذى في نفسه بالمنع إذ يرى نفسه في صورة البخلاء ففي البذل نقصان ماله، وفي المنع نقصان جاهه وكلاهما مؤذيان.
والسائل هو السبب في الإيذاء، والإيذاء حرام إلا بضرورة ومن فهم هذه المحذورات فهم معنى قوله : مسألة الناس من الفواحش وما أحل من الفواحش غيرها. ، وقال : من سأل عن ظهر غنى فإنما يستكثر من جمر جهنم، ومن سأل وله ما يغنيه جاء يوم القيامة ووجهه عظم يتقمقع ليس عليه لحم. وقال: من سأل الناس
وعنده قوت ثلاثة أيام لقي الله يوم يلقاه وليس على وجهه لحم.
والروايات والآثار قد تواترت ، والأخبار والأشعار قد تطابقت على ذم السؤال وكراهية بذل الوجه في الطلب إلى الناس خصوصا ممن لم يكن معروفا بالمعروف فمن ذلك ما رواه ثقة الإسلام في الصحيح عن أبي عبد الله قال: قال رسول الله : إن الله تبارك وتعالى أحبّ شيئا لنفسه وأبغضه لخلقه، أبغض لخلقه المسألة
وأحب لنفسه أن يسأل، وليس شيء أحبّ إلى الله عز وجل من أن يسأل، فلا يستحي أحدكم أن يسأل الله من فضله ولو شسع نعله.
وفي الشعر المنسوب لأمير المؤمنين :

كدّ كدّ العبد إن
أحببت أن تصبح حرا

واقطع الآمال عن مال
بني آدم طرا

لا تقل ذا مكسب يزري
فقصد الناس أزرى

أنت ما استغنيت عن
غيرك أعلى الناس قدرا

رأى الأصمعي كناسا يكنس كنيفا وهو ينشد:

وأكرم نفسي عن أمور كثيرة
ألا إن إكرام النفوس من الفضل

وأكرم نفسي أنني إن أهنتها
وحقك لم تكرم على أحد بعدي

قال فقلت له: يا هذا إنك والله لم تترك من الهوان شيئا إلاّ فعلته بنفسك مع هذه الحرفة، فقال: بلى والله إنني صنتها عما هو أعظم من هذا الهوان، قلت: وأي شيء هو ؟ قال: سؤال مثلك، قال: فانصرفت عنه وأنا أخزى الناس.

علاج هذه الظاهرة
نبدأ حديثنا حول هذه النقطة بهذه الآية وهي قول تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾
لكي يحيى الإنسان عزيزا مرفوع الرأس لابد أن يسعى للحصول على الحياة الكريمة ولا يمكنه الحصول عليها إلا بالدأب المتواصل والكدح في هذه الأرض فإن الإنسان ينبغي منه أن يدع الكل جانبا ويفكر بجدية نحو سبيل يدرّ عليه العيش من دون أن يشعر بالإذلال والمهانة فالعمل الدؤوب هو ديدن الشرفاء وقد أولى القرآن الكريم
لهذا الجانب أهمية كبيرة.
يقول الشيخ باقر شريف القرشي: وردت في القرآن الكريم (360) آية تحدثت عن العمل ووردت (190) آية عن (الفعل) وهي تتضمن أحكاما شاملة للعمل وتقديره ومسؤولية العامل وعقوبته ومثوبته.
ويقول في نفس الكتاب: لقد أعلن القرآن الكريم دعوته الأكيدة على ضرورة العمل على الكسب وبذل الجهد قال تعالى: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا
لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ .
ويقول أيضا: إن القرآن الكريم قد دعا الناس إلى العمل وحثهم عليه، وحتم عليهم أن يكونوا إيجابيين في حياتهم يتمتعون بالجد والنشاط ليفيدوا ويستفيدوا
وكره لهم الحياة السلبية والانكماش والانزواء عن العمل، قال تعالى: ﴿ فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ .
إن الله تعالى خلق الأرض وملأها بالنعم والخيرات لأجل إن يعيش الإنسان في رفاهية وسعة قال تعالى: ﴿وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ، وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنْ
الْعُيُونِ،لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾ ولن يظفر الإنسان بهذه النعم إلا بالعمل والجدّ والكسب.
فعلى هذا لا يبقى لرجل أعطاه الله عز وجل القوة على الكسب عذر في أن يمتهن التسوّل ويحتال على الناس بابتزاز أموالهم بدعوى الحاجة، لقد وصلت بعض شرائح البشر إلى أدنى مستويات الانحطاط الخلقي والنفسي فقد سمعنا أن البعض من أهل الهند يتعمدون إحداث العاهات في أجسادهم فقط ليجلسوا على قوارع الطرقات
ليستجدوا الناس ويستدروا عطفهم لنيل هذه المآرب.
السيد الكبنجي حصلت له قصة في هذا الباب وهي قضية لطيفة نشير إليها لاستتمام الفائدة يقول هذا الجليل رحمه الله: أذكر أنّا كنا جماعة في منزل وجيه من أهل بلدي، وإذا بشابين شديدي السواعد يدخلان وعلى رأسيهما شعائر النسب إلى رسول الله ولمّا استقر بهما المجلس أبزرا لي وثيقة تثبت نسبهما وأنهما يستحقان الخمس، وقد وقع كثير من الفقهاء على الوثيقة، وهي موجهة إلى المؤمنين قلت لهما:
لقد دخل على رسول الله شاب في مثل سنكما يستجديه، فجمع بضعة دراهم واشترى له حبلا وقال: اذهب واحتطب، ثم التفت إلى أصحابه فقال: لأن يأخذ أحدكم حبلا فيحتطب على ظهره خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه.
فهل بلغكما هذا الحديث ؟ وهل أرضيتما جدكما بهذا الشباب المفتول السواعد مع الاستجداء ؟ إن من وقع لكما على هذه الوثيقة إما أن يكون حظه من الفقه كحظكما من النسب إلى رسول الله وإما أن يكون من محتكري حقوق الله لنفسه.
ويعترض بعض شهود المجلس بأنهما صحيحا النسب وإن كرامة جدهما تقتضي إكرامهما، فزجرته وقلت له: إنك تسئ إليّ بأن ترى ولدي يستجدي ولا تنهيه، فكيف تقبل الإهانة إلى رسول الله ، إن محمدا لا يريد الاهانة لمسلم قط إذ يقول: لا ينبغي لمسلم أن يذل نفسه. فهل يقبل المذلة والسؤال لأهل بيته وقد حرّم عليهم
الصدقات ؟ فلو كان فيهما عجز بأن كانا في عمى أو عرج أو مرض أو شيخوخة لبادرنا إلى تلبيتهما ولكنهما كما ترى يتمتعان بأجود مما تتمتع به من صحة.
قال أحدهما: لقد أجريت لي عملية القرحة، قلت: وماذا في ذلك فاسأل كل هؤلاء وحتى هذا الذي يدافع عنك وهو ابن أخي هل سلم أحدهم من العمليات !؟ فهل نبيح لهم الاستجداء ونرضى لهم الذل به!؟ إن هذا ليس من الإسلام في شيء فاذهبا وامتهنا أية حرفة تغنيكما عن الحرفة التي لم يرض بها الله ولا رسوله لكرامة
الإنسان.
وبعد انفضاض المجلس واجتماعهم لديّ في المساء وأعرب أكثرهم عن صحة ما أفضيت به وقلت لهم: إذا جاء البلد أحد من هذا القبيل فأرشدوه إلى المختار، وليقم المختار بواجب البحث عن السائل واستحقاقه، ثم إذا رآه مستحقا فليعمل على إسعافه بالعدل فإن في البلد فقراء والأقربون أولى بالمعروف، وعند كل منا أرحام فقراء
وقال رسول الله : لا صدقة وذو رحم محتاج.
وبهذا المقدار نكون قد أنهينا الحديث عن الشق الأول من الحلّ الذي يطرحه الإسلام للقضاء على هذه الظاهرة السيئة ألا وهي (ظاهرة التسوّل)، وطبعا هذا في إطار الأشخاص القادرين على العمل والذين هم مع الأسف يهدرون هذه الطاقات الكامنة فيهم وإلا فإن كل إنسان يحمل في داخله طاقة فاعلة لو أنه استفاد منها وبلورها إلى طاقة فاعلة لأنتج الكثير.

النظام الماليّ في الإسلام
أما بالنسبة للقسم الآخر من الذين يضطرون إلى الاستجداء والتسوّل فهم على أصناف شتى ككبار السن الذين وصلوا إلى مرحلة الشيخوخة والعجز وليس لهم من يقوم بجلب القوت لهم أو ذوو العاهات المانعة من مزاولة الأعمال كالعمى أو فقد بعض الجوارح مثلا أو النساء والأرامل واليتامى الذي فقدوا المعيل.
فهذه الشريحة من البشر لم تحرم عليهم الشريعة المقدسة طلب العون والمساعدة بل جعلته أمرا مباحا لهم مع كراهيته، إذ أن الإسلام جاء بنظام متكامل يكفل لجميع أصناف البشر حقوقهم ومن جملتهم من ذكرنا بل اهتم بهم اهتماما عظيما فهذه التعاليم الراقية من أهل البيت عليهم السلام تبين ما يتوجب على المسلمين فعله نحو هؤلاء الأشخاص فقد أوصت بالتراحم والتلاحم وأنكرت الشح والبخل والحرص.
يقول القرشي حفظه الله: إن الأخوّة الإسلامية ليست عاطفة ظاهرة، وإنما هي علاقة وثيقة تنفذ إلى أعماق القلوب ودخائل النفوس فتحتم على المسلمين أن يشتركوا في البأساء والضراء وقد أعلن الرسول الأعظم في غير موقف من مواقفه فقد أثر عنه أن بعث رجلا في حاجة فأبطأ عليه، فلما مثل عنده.
قال له: ما أبطأك ؟
فقال: العرى.
فقال : أما كان لك جار لو ثوبان يعيرك أحدهما ؟
قال: بلى يا رسول الله .
فتألم واندفع يقول: ما هذا لك بأخ.
يقول الإمام الصادق : تواصوا وتباروّا وتراحموا وتعاطفوا.هذه التعاليم لو طبقها المسلمون على واقع حياتهم لكانوا يدا واحدة على من سواهم، وانسدّ الطريق أمام أعدائهم وخصومهم، وما وجد مجتمعهم مجال للفقر والحرمان فإن التعاون والتواصل من أوثق الأسباب المكونة للتكافل الاجتماعي الذي يقي المسلمين من البؤس والحاجة.
فالإسلام عزيزي القارئ ليس قاصرا في قوانينه وتعاليمه ولكن القصور والتقصير في معتنقيه مع الأسف إذ أنهم انجرفوا نحو الحضارة الغربية المزعومة وانبروا إلى تطبيق تلك القوانين الوضعية وما هي إلا قوانين شلاّء لربما في البعض منها حلول ولكنها إن صحّ التعبير أنصاف حلول أو أنها لا تقضي على المشكلة من جذورها وفي
أحيان أخرى تعقد المشكلة أكثر مما هي عليه فكأنها تزيد النار حطبا.
لقد نظم الإسلام حياة البشر أيامّا تنظيم، تنظيم دقيق لا يعتريه خلل أبدا فمنها نظّم المال وصبه في قوالبه المناسبة له فعندما ترى بأن الإسلام يفرض الجزية على الكفار أو يلزم المسلمين بضرائب في أموالهم كالزكاة والخمس والعشر، أو أنه يلزم البعض بالكفارات ويحبّذ أن تكون إطعام المساكين لماذا كل هذا ؟ أو
ليس لضمان الحياة السعيدة لكل أفراده وخصوصا المحرومين والمعوزين بل وجعل رعاية الضعفاء من أوليات الدولة الإسلامية الحقة.
يقول الشيخ محمد محمد طاهر آل شبير الخاقاني:
موضوعية التضامن
تفرض الدول مبدأ الضمان إذا وجدت الفرد عاجزا عن التكسب فعندئذ تلزم الدولة رؤساء الأموال بأخذ العشر إن كان للزكاة أو الخمس وإن كان من الأنفال لصالح المعوزين والضعفاء حتى لا تعمّ البطالة أرجاء الدولة التي قد تنشأ منها الفوضى ولذا عندما كان الإمام علي يمرّ في الطريق وجد نصرانيا يستجدي نادى علي
بأمين المال فأحضر بين يديه وقال له: ما هذا؟ أخذتم شبابه وكهولته وتركتموه يستجدي في الطرقات.
وإليك النص الروائي، عن محمد بن حمزة عن رجل بلغ به أمير المؤمنين قال: مرّ شيخ مكفوف كبير يسأل فقال أمير المؤمنين: ما هذا ؟ قالوا: يا أمير المؤمنين نصراني، فقال : استعملتموه حتى إذ كبر وعجز منعتموه، أنفقوا عليه من بيت المال.
وبهذا العرض الروائي يظهر أن الإمام أمر عبد الله بن أبي نافع وزير المال بجعل تقاعد مرتب لمثل هذه النوعية العاطلة عن العمل حتى لا يكون كلا على المجتمع وإنما الإدارة المالية هي الكفيلة للعجزة في تأمين حياتها وحفظ شؤونها الاقتصادية.
وعن صحيح سماعة أنه سأل الإمام جعفر بن محمد عن قوم عندهم (فضل) وبإخوانهم حاجة شديدة وليس يسعهم الزكاة أيسعهم أ ن يشبعوا ويجوع إخوانهم فإن الزمان شديد، فرد الإمام عليه قائلا: إن المسلم أخ المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحرمه فيحق على المسلمين الاجتهاد فيه والتواصل والتعاون عليه المواساة لأهل
الحاجة.
وقفة مع الحديثين السابقين
لاحظ بمطالعتك لهذين الحديثين تجد دور الإمام أمير المؤمنين يطلب من وزير المال أن يتكفل معيشة النصراني وأن الدولة ملزمة بضمانه من بيت المال وترى في الحديث الثاني أن يقوم المجتمع نفسه بالتكافل لكي يزج المجتمع في المسؤولية دون النظر إلى الدولة لأن التحسس له الأثر في جلب العاطفة والرقة على الفرد
ولأن الإعطاء في مصالح المجتمع العام ينبغي اقترانه بالميل والرغبة دون الإعطاء المجرد حتى يدفع المجتمع إلى المزج والتفاعل وإن كان للفرد حق في أمواله الأغنياء لا يجوز لهم التصرف فيها إذ في الزكاة مرجع الحقية في العين وفي الخمس تعلقها في الذمة وكلا الحكمين ترفع اليد عن السلطنة بنحو القصور في المالكية إلاّ أنه يمكن عرض سؤال وهو أنه لو كانت الدولة في استطاعتها تأميم حياة الفرد هل يحق لها أن تلزم المجتمع بالإعطاء.
بمقتضى صحيح سماعة، أن بيت المال إذا كان قاصرا على الإعطاء لا يكلف بالإعطاء أو الاحتساب على نفسه وإنما يدفع الناس إلى التحسس بأنفسهم للشعور بالمسؤولية في إنقاذ الفرد إلى دور الرفاه دون النظر إلى الحياة الإتكالية التي مآلها إلى التواكل وعدم الشعور مع بعضهم البعض كما أن الدولة ليس مشروطا عليها
أن ترفّه عليه بأكثر من أفراد المجتمع وإنما على الدولة أن ترعاه بما يسد حاجته المعاشية من مأكل ومشرب وملبس وسكن وإلى هذه النوعية من التشريع يقول الإمام علي لمالك:
ثم الله الله في الطبقة السفلى من الذين لا حيلة لهم من المساكين والمحتاجين وأهل البؤس والزمنى فإن هذه الطبقة قانعا ومعترا واستحفظ لله ما استحفظك من حقه فيهم واجعل قسما من بيت مالك وقسما من غلات صوافي الإسلام في كل بلد فإن للأقصى منهم مثل الذي للأدنى وكل قد استرعيت حقه فلا يشغلنك عنهم بطر فإنك لا تعذر
بتضييعك التافه لأحكامك الكثير المهم، فلا تشخص همك عنهم ولا تصعر خدك لهم.
وهذه صحيفة ناصعة عن سلوك حكام الدولة مع مجتمعهم في نظر الإمام حتى يعطي ضابطة عامة للأمراء والسلاطين أن يقوموا بالعدل والمساواة من غير تبعيض في الحق وتضييع على فقير.


خاتمة
وبالنسبة إلى هذا الزمان المعاصر فقد أسست مراكز خاصة وقنوات إعانة ألا وهي الجمعيات الخيرية وهي منتشرة في جميع مناطق البلاد فيجب على المجتمع أن يساهم في إثراء هذه المؤسسات التبرعات المادية والعينية وذلك لأنها في الواقع سدت فراغا كبيرا وما على هؤلاء الأشخاص المعوزين إلاّ قصد هذه المراكز وتبيان حالتهم وهم بدورهم لديهم لجنة خاصة وظيفتها البحث عن هذه الحالات ومن ثم تقديم
المساعدة اللازمة لهم.
وكذلك من بين المشاريع الهامة التي بدأ البعض بتنفيذها وهي الصناديق الخيرية العائلية ونقصد بذلك أن العائلة الواحدة وكل من ينتسب إليها من أصحاب المستوى المتوسط أو المرتفع يجمعون تبرعات شهرية بحيث توضع في هذا الصندوق ثم ينظرون إلى المحرومين من هذه العائلة فيقومون بسد الحاجة.
فهذه الحلول وأمثالها لو طبقت تطبيقا صحيحا دون أي تلاعب فسوف تترقى إلى أفضل المستويات وسوف يكون المجتمع فعّالا وناتجا ومساهما في تنمية البلاد من جهة وترقية الحضارة من جهة أخرى ويبقى الإنسان عزيزا أبيّا مرفوع الرأس كما كان أهل البيت .

أخى نهيل ارجو ان تجد فى هذا المقال شىء يفيدك فى بحثك..وعندما اجد المزيد ساضعه لك..تحياتى
التوقيع:
كن أنت التغير الذي تريد أن تراه في هذا العالم..والأهم من أن تتقدم بسرعة هو أن تتقدم في الإتجاه الصحيح
نور الفجر غير متواجد حالياً  
 



تعليمات المشاركة
لا تستطيع كتابة مواضيع
لا تستطيع كتابة ردود
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع إلى


الساعة الآن: 04:19 AM


Powered by vBulletin® Version 3.6.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات المروج المشرقة