طبعًا أنتم تعرفون مدافعَ رمضان التي تُطلَقُ عند الإفطارِ؛ ولكن حديثي ليس عنها؛ بل عن مدافعَ أخرى قذائفُها لذيذةٌ إلا أنَّها فتّاكةٌ، فما أنْ يحينَ وقتُ الإفطارِ حتى تنطلقَ هذه القذائفُ دون تعقُّلٍ، فتبدأَ المعدةُ بالأنينِ جَرّاءَ هذا القصفِ العنيفِ الذي قد ينتهي بصاحبِها إلى المَشْفى!
أمرٌ مَعيبٌ ومُخجلٌ حقًّا ؛ ففي الوقتِ الذي يُضربُ فيه الأسْرى بينَ الفَيْنَةِ والأخرى عن الطعامِ، ولا يجدون في الجوعِ ـ بالرغمِ مِن قسوتِه ـ إلا معنى العزةِ والكرامةِ، وعنوانَ الحريةِ والإباءِ، نرى مَن يأكلُ حتى تَنْفَقِئَ أمعاؤه، ويَتَفَرْقَعَ بطنُه، ولا يكونُ الصيامُ عندَه إلا باعثًا على شهوةِ الطعامِ، فلا يَسْمُو فكرُه عن التفكيرِ في معدتِه، وليست له غايةٌ تتعدى المطعمَ والمشرَبَ، فأنّى يجدُ هذا لذةَ رُوحِه وأُنْسَ قلبِه؟!
لو أنَّ الذين يستقبلون رمضانَ بتكديسِ الطعامِ والشرابِ، تَفَقَّدُوا حالَ المساكين والمحتاجين، ووسَّعُوا عليهم؛ لكان أزكى لهُم، فرمضانُ ليس شهرَ الطعامِ؛ بل الإطعامِ، والأُنْسِ بمناجاةِ بالرحمنِ، والمسارعةِ إلى البِرِّ والإحسانِ، وتَحَرُّرِ الرُّوحِ مِن وَطْأَةِ الطِّينِ والأَطْيانِ، فمَن لم يستطعْ لا هذا ولا ذاكَ، فلا أقَلَّ مِن أنْ يَكُفَّ شرَّهُ وأذاهُ عن معِدَتِه وعن بَني الإنسانِ، على أنَّه مَن ذاقَ حلاوةَ الإيمانِ لا يعرفُ الشرَّ ولا العُدْوانَ.
"مرحباً بك يا شهرَ الخيرِ، مرحباً بك يا شهرَ الإنسانيةِ الكاملةِ، مرحباً يا شهرَ الرُّوحانيةِ الفاضلةِ، مرحباً بك يا شهرَ الحُريةِ الصحيحةِ، مرحباً بك يا شهرَ رمضان.
أَقْبِلْ أَقبلْ، وأَقِمْ طويلًا في هذه الأُمَّةِ الطيبةِ المِسكينةِ، وأَلْقِ عليها درسًا مِن هذه الدروسِ البليغةِ، ولا تُفارقْها حتي تُزَكّيَ أرواحَها، وتُصَفّيَ نفوسَها، وتُصلحَ أخلاقَها، وتُجددَّ حياتَها، وتُقيمَ مَوازينَ التقديرِ فيها؛ فَتَعْلَمَ أنَّ المطامعَ أساسُ الاستعبادِ، وأنَّ الشهواتِ قيودُ الأَسْرِ، وأنَّ أساسَ الحُريةِ الاستغناءُ، وأنَّ الاستغناءَ يسْتتْبعُ المشقةَ، ولكنَّها مشقةٌ عذبةٌ لذيذةٌ؛ لأنَّها ستُنتِجُ الحُريةَ، والحُريةُ أحلَى مِن الحياةِ."؛ [حسن البنا: رمضان شهر الحرية].
رمضانُ أقبلَ والنفوسُ تبشَّرتْ *** للخيرِ تَرْنوا وعن المعاصي أدْبرَتْ
تسموا به الأرواحُ تطلبُ رحمةً *** وطِباعُنا للعالياتِ تَرَفَّعَتْ
قبْلَ الأذانِ تَرى التَّوَدُّدَ بيْنَنا *** ونفوسُنا في الخيرِ فيه تأدَّبتْ
خطوات رائعة من اجل قيمة الصيام الحقيقية وليس فقط الاكل والشرب كما نرى حاليا في جل البيوت
نتمنى ان نفهم هذه المواعض ونعمل بها
شكرا لك اخي فارس الشرق على هذا العرض والاختيار الجميل
نعم للاسف الشديد هذا هو الواقع المر الذي نراه في مجتماعتنا والذي يظهر ان اغلب الناس لا يعي معنى الصيام ورمضان المفروض علينا ومعناه الحقيقي في الشعور بالفقراء والمحتاجين وقيمته الدينية حيث جعله الله سبحانه وتعالى خير الشهور وفيه ليلة القدر بالف سنة
شكرا اخي فارس الشرق على هذا التذكير القيم جعله الله لك في موازين حسناتك يوم المثول