الحناء ماكياج قديم ... لكنه سيبقى المنافس الدائم لمستحضرات التجميل العالمية.
والحناء في المغرب لها مكانة خاصة منذ القديم، ووجودها مرتبط غالبا بالمناسبات السعيدة كالأعياد وأواخر شعبان ومناسبات الزواج. فهي رمز للأفراح والمسرات والأحداث السعيدة في حياة المغاربة. إذ لا يمكن أن يمر حفل زفاف أو مولد أو ختان أو أي من الحفلات التقليدية المغربية او شعبان من دون أن يكون للحناء موقع الريادة فيه.
وتتنوع استعمالات الحناء بين وضعه على شكل نقوش أو طلائه بشكل عادي وهذا ما يسمى بـ"التجصيصة" أو الخضاب او مغاطس على حسب تسمية المناطق ، واغلب القرى والجنوب الصحراوي للمغرب تستعمل هذه الاخيرة او شكل مخالف لباقي المناطق.
وتكاد الحناء تأخذ موقع النبتة المقدسة، إنها أيضا رمز الحظ والفأل الحسن، وتعتبرها العازبات جالبة لفرص الزواج حيث توزع عليهن في الأعراس، وأحيانا تعمد الفتاة إلى التزين من نفس صحن الحناء الذي تزينت به العروس، لعل الحظ يأتيها بعريس .
يمكن تشبيه هذا الطقس بتلك العادة الأوروبية التي تمارس في حفلات الزفاف حين تقوم العروس وهي ترتدي فستان الزفاف الأبيض برمي باقة الورد من ورائها فتمسك بها فتاة واحدة فقط
نجد اغلب النساء في المغرب في شعبان يقبلون على الحناء بشكل كبير نظرا لما تجسده لهن في هذه الليالي المباركة ، فهي حاضرة أيضا في المتخيل الشعبي كونها دافعا لشر العين والحسد.
ففي كل المدن المغربية تقريبا توجد العشرات من النساء مدججات بصحون صغيرة من الحناء وإبر للنقش، ويجلسن قرب المعالم السياحية أو الأسواق المزدحمة لنقش الحناء على أيدي العابرات من المغربيات والسائحات على حد سواء..
ومن أبرز هذه المعالم التي تعرف وجودا مكثفا «للنقاشات» أو «الحنّايات» ساحة «جامع الفنا» بمراكش، التي كانت دائما الرائدة في مثل هذا النوع من الابتكارات، أو في ساحة «الاوداية» بالرباط، وفي أسواق فاس التقليدية ، او في الحامات القريبة من فاس كمولاي يعقوب وسيدي حرازم ، أو في السوق «البراني» في طنجة أو غيرها من المدن المغربية.
حيث لا تستطيع الكثير من السائحات الأجنبيات مقاومة إغراء نقش الحناء على أياديهن أو أذرعهن، وربما يعتبرنها «علامة مسجلة» عن صدق زيارتهن للمغرب أكثر قيمة من الصور وأشرطة الفيديو.
وتبقى هذه الحرفة كنوع من الطقوس التقليدية المقدسة حيث لا تطالب النقاشة بثمن مقابل لانها تعتبرها هبة وكل ما جادت به الزبونة فهو فضل وخير وبركة كما تقول احداهن: «كل شيء يتوقف على أريحية الزبونات، فنحن فلا نشترط ثمنا محددا حتى لا نفسد جمالية حرفتنا، والسعادة التي ترتسم على الوجوه بعد أن نرسمها على جزء من الجسد.