أمّاه
عذراً منكِ أَيَتُها الأَهداب الصامتة
إن كنتُ أَنقر بصرير قلمي زجاج هدوئكِ الهش ,
فأزعجُ هذه الأوركسترا الصمّاء وسط ليلكِ العميق ,
فما هي إلا صرخات عابرة للمحيطات , يطلقها قلمي هذا ,
عساها تصل أُمّا ما في هذا السكون .
هل تعلمينَ يا أمّاه إنني أبكي الليالي , وأبكي في النهار في صلاتي !
أبكي يا أمّاه خوفاً من الله فأنا أخشى أَن أَتعدى حدودي الربانيّة في حبّي لكِ .
وأَخشى أَن أَتعدى حدودي في الشوق اليكِ , فالشوق لله اكبر .
كيفَ أَنتِ يا أمّاه ؟ كيفَ أَنتِ والوحدة والألم والمرض والصبر ؟
هل انتم جميعا صامدون ؟
ادعو الله الواحد الأحد الصمد الّا تكوني تتعذبين في هذا البُعد الكوني ,
فهو الرحيم ومن عنده الأمل .
أواه يا أمّاه .. أواه لو كانَ بمقدروي أن أتيكِ ..
فأمسح الأرض برموش العين تحت نَعْلَيكِ , أمام كل خطوة تخطينها .
أمّاه يا من إستنبعتُ منكِ الحب والاخلاص والرحمة والعلم والأدب .
رغم انني قد بلغتُ الثلاثين , وما رأيتكِ في هذا العمر أكثر من أشهر ,
فأنا هنا في يوم وهناك في اسبوع وفي مكان اخر في شهر ..
ومع ذلك فمنكِ إستنبعتُ الكثير , فالصبر منكِ والايمان والصدق .
ليتَ هذه الورقة تطير من أمامي لتحلق سكون هذا الكون ,
لتصلكِ كلماتي .
هل كنت تعلمينني كل هذه الفضائل ومكارم الأخلاق ايضا ؟
إِنك لو رَبيتني بين يديكِ لجعلتِ مني ملاكاً , لكن يبدو ان الله سبحانه ,
البصير العليم حفاظاً منه عليّ قد باعَدَ بيني وبينكِ لخير يريدهُ لنا .
والآ دمي بحاجة الى أن يخطئ حتى يتوب للرب .
بينما الملاك يا أمّاه لا يخطئ .
أسأل الله يا امّاه أَن أَراكِ ولو مرة واحدة رغم هذا البعد الحاصل بيننا ,
وقبلَ الفراق الأخير ,
أسألهُ أَن أَراكِ , عسى أَن يكتبَ الشفاء لكِ ,
أطلب من الله الرحمة بكِ ,
وهو المجيب اذا دُعي , وهو الحميد المجيد.
17.3.09 ضياء بنت المروج