أجب بصدق ما هو هدفك وغايتك
الناس أصناف شتى، من حيث الهدف والغاية
العلم والمعرفة، وأول ما يجب تعلمه هنا أن يعرف المسلم الهدف ويعرف الطريق، يعرف غايته ويعرف طريقه، فالناس أصناف شتى هناك من يعيش في هذه الحياة لا يعرف له هدفاً، ليس له غاية، يعيش ويموت هو حي كميت وموجود كمفقود، لا يعرف لماذا يعيش ولا يعرف لماذا يموت ولا ماذا بعد الموت هو الذي يقول فيه الشاعر
فهذا الذي إن عاش لم ينتفع به
وإن مات لم تبك عليه أقارب
هذا صنف من الناس.
وصنف من الناس يعيش لغاية، غايته هي شهواته، ولذائذه يعيش لبطنه ولفرجه، كما قال الله تعالى (والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم)سورة محمد 12، يعيش لبطنه ولفرجه وقد قال أحد الحكماء: من كان همه بطنه وفرجه فقيمته ما يخرج منهما، ويروى عن أبي نواس أنه قال:
إنما الدنيا طعام وشراب وندام
فإذا فاتك هذا فعلى الدنيا السلام
أنك تأكل وتشرب وتنادم رفقاءك على الكأس فإذا فاتك هذا فعلى الدنيا السلام، هذا صنف من الناس، صنف يعيش لشهواته ولبطنه ولفرجه.
وهناك صنف آخر همه شيء آخر، همه الجاه، همه أن يكون له شأن في الناس، أن يأمر وينهى كما سئل بعضهم ما سعادتك قال سعادتي في إعزاز الأصدقاء وإذلال الأعداء، وقال الشاعر:
إن أنت لم تنفع فضر فإنما يعيش الفتى كي ما يضر وينفع
هذا صنف مهمته الجاه في الدنيا، أن يذكر اسمه، أن يشار إليه بالبنان أن يقف الناس له قياماً إذا استأذن أذن له وإذ شفّع شفع وإذا قال استمع، هذا صنف، وصنف آخر غايته أن يجمع القناطير المقنطرة من الذهب والفضة، أن يكون له غنى قارون، أو ما شاء من أولئك الأثرياء ومهما أوتي فلن يشبع، إن لعابه يسيل دائماً إلى الزيادة لا يقنع بقليل ولا يشبع من كثير شأنه شأن جهنم يقال لها هل امتلأت وتقول هل من مزيد، هذا يعيش في الدنيا يجمع ولا يشبع، هو يعيش عيشة المحروم لأنه لا يحس بالرضا ولا يحس بالقناعة ولا يحس بالسكينة، ولو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالثا، ولا يملأ عين ابن آدم إلا التراب.
وهناك صنف من الناس يعيش لغاية أسمى لغاية عظمى، لهدف أكبر وأعلى من هذا كله، إنه يعيش للآخرة، يعيش للحياة الباقية، يعيش لربه لا لنفسه، لقد تحرر من ذاتيته وعبّد نفسه لله، تحرر من عبوديته للبشر ومن العبودية للحجر وما الذهب والفضة إلا حجران، تحرر من العبودية للذات، من العبودية للأشياء، من العبودية للأشخاص، وجعل نفسه عبداً لله وحده قال تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالم لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) (الأنعام:162-163)هذا هو الإنسان الحقيقي، الإنسان العظيم الذي أصبح يعيش لرسالة ويعيش لهدف في الحياة، إنه هو الذي أجاب عن الأسئلة الخالدة إجابة تشفي الصدور وتملأ النفوس، الأسئلة الخالدة هي (من أين؟ وإلى أين؟ ولم؟ وما أنا؟)، من أين جئت؟ هل جئت بغير شيء؟ أم خلقني خالق ودبرني مدبر، إن المؤمن استراح وأراح حينما قال إنما جاء بي إلى هذا العالم خالق عظيم ورب حكيم خلقني لغاية وخلقني لرسالة، الذي خلقني فهو يهدين والذي يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين، والذي يميتني ثم يحيين والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين، هكذا عرف الإنسان المؤمن من أين جاء ومن الذي جاء به وإلى أين يذهب، أيعيش هذه المدة من الزمن سنين تقصر أو تطول ثم ينتهي ولا شيء بعد ذلك؟ يمشي على التراب ويأكل من التراب ثم يدفن في التراب ويأكله التراب وقد انتهى كل شيء؟ لا، بل كما قال الله تعالى (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) طه ـ 55..هذه التارة الأخرى هي المهمة لأنها الدار الباقية،قال تعالى: (يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار من عمل سيئة فلا يجزى إلى مثلها ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب)سورة غافر : 39.
هذا الإنسان عرف غايته أنها الدار الآخرة، الحياة الباقية، والحياة الباقية فيها جنة ونار، فيها ثواب وعقاب، هو حريص على أن يكون من أهل الجنة، الجنة تهون أمامها كل مغريات الدنيا، كل ما يلهث الناس من أجله، من هذه الشهوات كما قال الله تعالى، (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب، قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد) سورة آل عمران.
، لابد للإنسان أن يعرف غايته، ما هي هذه الغاية؟ ولابد أن يجيب عن هذه الأسئلة: من أين؟ وإلى أين؟ ولم؟ لماذا خلقت؟ أخلقت عبثاً وأعيش في هذه الدنيا عبثاً ثم تنتهي بالموت؟ كما قال بعد الناس: الدنيا أشغال شاقة وآخرها الإعدام، هل هو إعدام وانتهى الأمر؟ لا والله
من أين ؟؟؟
وإلي أين؟؟؟
ولم ؟؟؟
أخي الكريم ها عندك الإجابة الصادقة التي ترضي الله ورسوله
مع خالص تحياتي
فارس
|