اهلا بالضيف الكريم
السلام عليكم كيف نؤدي شهر الصيام حقه؟ أي ضيف كريم حل بين ربوعنا يحمل إلينا البشرى والسكينة والعيش في رحاب كتاب الله والتزود من طاعته والحرص على النوافل والتلاوات وقيام الليل والفوز برضوان الله وجزاء المغفرة والرحمة والعتق من النار؟ هو شهر التقى والخير والتكافل والبذل ومضاعفة العمل الخالص لوجهه تعالى امتثالاً لأوامره سبحانه وتعالى في صوم مقبول لا يخدشه معصية من غضب أو رفث أو فسوق أو جدال أو نظرة محرمة أو ضغينة على مسلم أو غيبة أو نميمة أو بهتان. شهر لا ينصرف فيه أحدنا إلى الامتناع فقط عن الطعام والشراب وهو صوم العامة الذي ينصرفون إلى النوم نهاراً وإلى ملء البطون عند الإفطار بما لذ وطاب بإسراف مستنكر فيما الآلاف من العوائل المتعففة التي تفتقد اللقمة الحلال في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية الصعبة. هو شهر الترميم الأخلاقي والسلوكي وشحن النفوس بطاقات إيمانية وروحية تميط ما تراكم من أدران ورزايا ابتلي بها أحدنا طوال عام انقضى، ليعيد تحصينه بالتقوى والعزيمة والإيمان الحق. وهو ليس محطة للنفس والفرد وحسب، بل هو شهر المؤاخاة والمؤاساة ليستشعر المقتدر منا الدور المطلوب منه نحو إخوانه المعوزين، وليقي أحدنا نفسه الشح ويرغمها على الإنفاق والصدقة والزكاة حتى يستقيم أمر هذا المجتمع وهذه هي إحدى مقاصد هذه الفريضة لو كانوا يعلمون. قد لا يستطيع أحدنا أن ينهج في هذا الشهر صوم خواص الخواص وإن حاول جاهداً ما استطاع إلى دوام التعلق بحبل الله والتفكر بأنعمه وخلقه، وتنزيه الفكر عن كل ما يمنعه من ذكر الله في جنانه وجوارحه ولسانه، وهذا ما يدأب المخلصون حقاً إلى انتهاجه في صومهم وقيامهم وعباداتهم وصلاتهم ومعاملاتهم وتعزيز صلة المودة مع الأهل والجيران والإخوان. ولكن في مقدورنا جميعاً أن نؤدي تمام هذه الفريضة كما يرضى الباري عز وجل، إن أدينا الصوم حقه من ضبط الجوارح عن كل ما يغضب الله جل وعلا، ولا ندعي الضيق والتثاقل والتعب في إتمام الصوم الصحيح ودوام ارتياد المساجد وحلقات الذكر والقرآن ومجالس الوعظ والإرشاد، والتلطف بالأهل والأولاد ليؤدوا الفريضة حقها، ولنحرص نحن أولياء الأمر على أن نكون قدوة لهم في كلامنا وبيعنا وشرائنا وعلاقتنا ومعاملتنا، ولكي تكون ليالي هذا الشهر حافلة بالزاد الخير وبركات العبادات، بعيداً عن الاسترخاء المقيت أمام أجهزة التلفاز ومسلسلاتها اللاهية، وما يشاع من ارتياد مقاهي البلاهة والبلادة، البعيدة عن تقاليد هذا الشهر الكريم. هو شهر القرآن، أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، فهنيئاً لمن جزاه الله بالدخول إلى الجنة من باب الريان، وطوبى لمن شد الحزام واستعد لأداء هذه الفريضة كما تستحق من خشوع وتواضع وسكينة وإفشاء السلام والرحمة والعطاء بين الناس، عسى أن يرحمنا الله ويغفر لنا بما قدمناه في شهر الخير والتضحية والتقوى.
|