منقول للافادة من وحي التاريخ والنضالي لدور النساء
حين افترضت فيرجينا وولف ان لشكسبير شقيقة اسمها جوديث تملك الموهبة الشعرية نفسها في عملها الشهير (غرفة تخص المرء) وطرحت تساؤلها عن كيفية استقبال المجتمع الانجليزي في تلك الفترة لها - العصر الاليزابيثي- وأجابت بنفسها على هذا السؤال أن المرأة لكي تبدع فلا بدّ من أن يكون دخلها 500 جنيه في السنة، وأن تملك غرفة تخصها وحدها، ولها الحرية في ألا تستجيب لمتطلبات أفراد العائلة، وهي أمور قلما تتوافر للمرأة حتى يومنا هذا. فرجينيا كانت تقصد أن المرأة يجب أن يتوفر لها نوع من الاستقلاليه لكي تبدع .
لكن
ماذا بعد أبداعها ؟
هل فعلاً كانت جوديث ستملأ الدنيا كما شكسبير ؟
أم
سيخذلها التاريخ والمجتمع ؟
فولتير صاحب أشهر مذهب أنساني في حرية الرأي وأكبر منادي للحرية ضد التعصب وقع في هذا المأزق حين قال ( كانت انسان عظيم عيبه الوحيد أنه امرأه) . فولتير قال هذه الكلمات في حق ايملي دو شاتليه السيدة الارستقراطية التي كانت شغوفه بالرياضيات والفيزياء فتحت ايملي منزلها لفولتير حين كان مطارد وقامت بترجمة كتب نيوتن من الانجليزية للفرنسية ولا تزال ترجمتها معتمده بالجامعات الفرنسية وهذه الكتب عكف فولتير على قرأتها وكانت مهمه له, كان منزل ايملي دار ثقافة أنشأت فيه مسرح صغير وكان يجتمع عندها المفكرين , كانت مع زوجها يقومون بتهريب مقالاته الى دور النشر ورغم ذلك كان عيبها بنظره أنها أمراة .
اليزابيث فيشر سيدة غيرت التاريخ بأشكال عديدة تعرضت للاضطهاد بأكثر من وسيلة رغم ذلك قلة من يعرف هذه السيدة , حين يرد ذكر الانشطار الذري وقنبلة هيروشيما الكل يتذكر العالم الالماني اوتوهان لكن هي لا أحد . اليزابيث عالمة نمساوية كانت أول أستاذه في جامعات المانيا - جامعه برلين - كانت مهوسه بالفيزياء والكيمياء والتحليل الكمي تعرضت لاضطهاد من مدير الجامعه حين باشرت مهمتها بأن أعطاها مستودع الجامعه ليكون معملها في حين زملائها الذكور يتمتعون بمعامل مستقلة ومجهزة وكان عذر مدير الجامعه خوفاً من أن يحترق المعمل اذا وصلت النار لشعرها , ضحكت هذه السيدة الخجولة وقالت ماذا عن لحيته , باشرت عملها بتدريس الكيمياء مع زميلها اوتوهان الى ان سيطرت النازية على مقاليد الحكم في المانيا ومنعت مثل اينشتاين من التدريس , هربها زميل لها هولندي الى هولندا بالقطار وعاشت هناك بعد ان فقدت جميع ابحاثها في المانيا . استمرت مراسلتها مع اوتو 30 سنةوكانت مراسلاتهم في ابحاثهم العلمية الى أن وصل لنقطة في بحثهم عن ذرة اليورانيوم لم يستطع تفسيرها وقامت هي بتفسيرها وحل المعضلة ومنها انبثقت فكرة الانشطار الذري , وقام بنسب النجاح لنفسه وحاز على جائزة نوبل وحين يرد ذكرها يقومون بتعريفها بأنها المساعد لاوتوهان ,من رسالتها الاخيرة له جملة تقطر مراره حين تقول له احلفك بسنوات صداقتنا الثلاثين ما شعورك حين يرد ذكرك بأنك مساعد لشخص بينما أنت صاحب الاختراع؟
هذا السؤال مؤلم و لاعزاء للنجاح حين تسطر أقلام التعصب صفحات التاريخ , قد تكون صفحات نجاحات المرأة في تاريخ البشرية قليلة مقارنة مع الانجازات الرجاليه - رغم تحفظي على التسميات في الانجازات البشرية- لكن تعليله بسيط جداً وايضاً سأرجع الى فيرجيننا وولف وفي عملها «ثلاثة جنيهات» تبدأ برسالة من رجل إلى امرأة يسألها: «برأيك، هل يمكن أن نمنع الحرب؟»، ثم تناقش من خلال تجاوب الاثنين مع الفكرة، الاختلاف في تعليم المرأة (بدأ منذ 60 عاماً) والرجل (بدأ منذ 600 عام)، وتنتهي بالدعوة إلى صرف ثلاثة جنيهات، الأول على تأسيس كلية للمرأة، والثاني لتدريس البنات، والثالث لا بد من أن يذهب إلى حماية الحرية الثقافية والفكرية.
على النقيض من ذلك , كان بيير كوري العالم الفرنسي الذي أخذ بيد الشابة البولندية المهاجرة الفقيرة وتزوجها رغم الاعتراضات لانها كان متزوج سابقاً , لدرجة أن الكثير وصف مدام كوري بانها انتهازية استغلته للحصول على الجنسية الفرنسية والاقامة , تزوجها ودعمها بأبحاثها الى ان اكتشفت الردايوم العنصر المشع وحازوا سوياً على جائزة نوبل , حتى يعد وفاته واصلت مدام كوري أبحاثها وأكملت من على كرسي زوجها في الجامعه مسيرة البحث العلمي .
اما فرويد الذي كان يرى أن اختلافها عن الرجل فسيولوجياً يجعلها رجلاً ناقصاً لانها لا تملك أداة الذكورة وتحاول التعويض عن ذلك بأنجابها للذكور , فرويد الذي دون في ملاحظاته أن المرأة قلما تظهر نبوغ في الأدب والفكر وشتى نواحي العلوم الأنسانية والطبيعية وذلك بسبب تكوينها الجسدي مفغلاً أن الحضارة هي التي تقمع المرأة كما تقول فيرجينا وولف حين وصفت هذه الحضارة بأنها لا تستحق هذا اللقب , وأن هذا التراجع بسبب أن التاريخ يكتبه ويتحكم به رجل وكما قالت مي زيادة - لو أبدلنا المرأة بالرجل وعاملناه بمثل ما عاملها فحرمناها النور والحرية دهوراً فاي صورة هزلية يا ترى تبقى لنا من ذاك الصنديد المفوار - , وأن هذه الظروف هي التي تتدفع ب جورج اليوت وجورج صاند التسلل الى عالم اللغة والكتابة بأسماء ذكورية .
وحين نبغت بنت فرويد فكرياً أنا (anna) وكانت هي الوحيدة من بين ابناءه الذكور وساهمت في بحوث ودراسات علمية نفسية . فرضت هذه الحقيقة نفسها على فرويد فغيرت بعضاً من اراءه ضد المرأة في أواخر حياته , لذا بدأ بنصح تلاميذه بألا يحددوا الصفات النفسية أو الشخصية للانسان حسب الذكورة أو الانوثة بما في ذلك صفة السلبية او الايجابية التي اعتاد فرويد على اعتبار ان السلبية صفة المرأة الطبيعية والثانية صفة الرجل الطبيعية , وحاوا ان يتراجع عن بعض افكارة عن المرأة وقال - ان الوظيفة الجنسية لها أثر كبير في حياة الشخص ولكن علينا الا نتجاهل ان المرأة قد تكون انسانا في النواحي الأخرى من الحياة . واعترف ان معلوماته عن المرأة قليلة جداً وقال - اذا اردت ان تعرف المزيد عن الأنوثة فعليك أن تعرف ذلك من تجاربك في الحياة
وبخصوص قوله على أن المرأة قد تكون انساناً في النواحي الأخرى من الحياة يستند فيها على نظرية داروين التي جعلت المرأة أقل من الرجل في نظرية للنشوء والارتقاء لذا ايضاً نجد ان داروين مارس معها الاضطهاد