في الاقتصاد
في الاقتصاد
لسنا شعوبا غنية كما يدعي الواهمون الطائشون الذين يظنون أن تصدير براميل النفط في قوارب صنعها الغير، ثم استبداله بالألعاب الالكترونية لوجوب الترفيه و هوائيات الفضائيات، لزوم إرسال الرسائل الصبيانية التفاهة أسفل شاشاتها تنفيسا عن الكبت المتوارث، وبعض مواد التجميل والملابس النسائية الشفافة لزوم االتعويض عن العباءات المكبوتة، وأحيانا بعض الكتب اللامعة الورق والأسلحة البراقة لزوم أرفف الاستعراض والموت بالشيخوخة.. يظنون كل ذلك إنجاز خارق يمنحهم حق التبجح عن جدارة.
.............
.... إننا بلدانا نامية مثل بلد أفريقي يتسلط عليه نصف عسكري استيقظ مبكرا قليلا قبل غيره، ثم التقط رُمحه البدائي ليقفز بدون إفطار على مصداح الإذاعة المحلية و يذيع البيان الأول السخيف ثم يعمل على نهب ذلك البلد تناسقا مع مافيات العالم القذرة، نحن نتسم بالفقر المادي والفكري معا. فالثروة لا تقاس بكمية النفط أيها الخارقون ، بل بمقدار الفائض بين الإنتاج و بين الاستهلاك ماديا وفكريا أيضا، وأمور أخرى يعرفها المختصون.
قل لي كيف وماذا تنتج، لكي أراك .
................
بعض أقطارنا تعتمد على مقايضة النفط مع الخارج بضروريات الحياة بدلا من تدبر تلك الضروريات من الداخل ، وبما أن النفط مصدر غير متجدد وقابل للنفاذ، مما ينغـِّـص تنعـُّـمنا بتلك الضروريات وبعض المرفهات و يجعله يتسم بالمرارة الدائمة ، ألا يحق لنا أن نتساءل ، ولو من باب العطف على الأجيال القادمة ، متي نستبدل سلعتنا المتناقصة بمصادر متجددة للإنتاج ؟؟ إن الطريق الوحيد لإزالة المرارة من سمائنا ، هو أن نتنعم بتلك النعم و نحن نئز عرقا، لنستثمر ثمن النفط في المصانع و الحقول الزراعية متجددة الإنتاج، و نقدح فكرا، لنحاذي البشرية بوضوح الرؤية و ثقافة شجاعة تستند على تراث متجدد نقي. غير ذلك، لا يعد عملا يحرز قيمة ولا يهب هيبة،ولا يجيز تبجحا، بل هو عملية مقايضة بالمدخرات تنم فقط عن فكر أهوج.
..............
حقا أن بعض تلك الأقطار تحاول جاهدة العمل على توفير مصادر إنتاج متجددة، بشراء المصانع الصغيرة و استيراد الفنيين والعمال، لتشغيلها و إدارتها، وهو أمر لا يعدو كونه عملا سطحيا، أعني مجرد محاولة لترميم الجدار وليس البناء من الأساس. فنحن رغم نوايانا الطيبة لم نتجه للأساس، الإنسان ليس شجرة إنه الحيوان الوحيد في العالم الذي يفرز العرق، و مادام الله لا يخلق شيئا عبثا، فلا بد أنه صنع العرق من الأساس لكي تروي به حقولنا. لن نستطيع ضمان السعادة المزيفة للأجيال بشرائها ببراميل الزيت، إن ذلك يعد عملية انتحارية تشبه الغرق في برميل أسود كريه الرائحة. لكن ألا تلاحظون معي أن البطالة تستحوذ على نسبة كبيرة من شبابنا و تدفع بهم إلى نواصي التسكع حيث مرتـَع قنـَّـاصي الأبرياء للــزَج ِ بهم في مستنقعات المخدرات و دعارة الإرهاب ؟؟ ألا تلاحظون معي أننا نهدر طاقات غالية وعزيزة على نفوسنا بالتخطيط العشوائي الذي يفتقر للكثير من بـُعد النظر؟؟
..............
بدون تردد أقول، أن لدينا مشكلة في الإعداد الجيد لبدائل مستقبلية لسلعة النفط المتناقصة، لدينا مشكلة في إهدار الطاقات الإيجابية للشباب والدفع بهم إلى هاوية الفراغ الرهيب المؤدي إلى السلبية الوطنية مباشرة، وعدم الانتماء.
.............
لكني أمنع نفسي من الاسترسال لكي أتمنى عليكم أن تحدثونا عن المحاولات الجادة لحل هذه المشكلة الخطيرة التي تهدد مستقبلنا، إن وجدت محاولات !! ما هي رؤيتكم الشخصية لهذه المشكلة؟ ماذا تقترحون لخير شبابنا و مستقبل أوطاننا ؟؟
..............
ليس من وظائف حكوماتنا أن تحول دون وقوع المواطنين في الخطاء فالمواطنين أيضا عليهم واجب أن يحولوا دون وقوع الحكومات في الخطأ
..............
أشكركم
|