الإخوة الكرام والأخوات الكريمات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وحياكم الله وبياكم ورضى عنكم المولى وأرضاكم
أقدم لكم اليوم هذه القصة من مجموعتى القصصية "تأملات فى الحياة"وأتمنى أن تلقى منكم القبول والإستحسان وهى بعنوان
طريق الشيطان
كانت الساعة قد تجاوزت الثانية والنصف ظهرا عندما عدت للبيت بعدما مررت بدار الحضانة لإحضار إبنتى ياسمين منها وبعد أن بدلت ملابسى جلست لألاعب إبنتى ريثما تعود زوجتى الغالية من العمل حيث كانت عادة تعود فى الثالثة عصرا ووقفت بشرفة البيت كعادتى لكى أرى إبتسامتها المشرقة وهى تسلم على بعينيها الحنونتين ومرت الدقائق مملة وبطيئة ودقت الثالثة عصرا وأنا أرنو ببصرى للطريق ولكنى لم أراها كعادتى فقلت فى نفسى لعلها مرت بالسوق لتشترى ما يلزمنا ومرت الدقائق لتلتهم ترقبى وإنتظارى وتحرقى لرؤيتها وإقتربت الساعة من الثالثة والنصف فبدأ القلق يساورنى وكلما مر الوقت يزداد القلق بى فأخذت أحكى لإبنتى بعض القصص لقتل الوقت وخلال ذالك كان كلا من إبنى إبراهيم ومريم قد عادا من المدرسة فجلسنا معا نتحدث حتى يكف عقلى عن التفكير فى أى مكروه قد حدث لها حتى سمعت آذان العصر فقمت لأتوضأ وأدعو الله ألا يكون قد أصابها مكروها وبعد إنتهائى من الصلاة خرجت للشرفة مرة أخرى وبعد مرور ما يقرب من نصف ساعة إذا بى أرى زوجتى ولكنها على غير عادتها بدت حزينة متجهمة فإزداد قلقى رغم شعورى بالإطمئنان على سلامتها وما أن صعدت الدرج حتى كنت بإستقبالها وأسرعت بتوجيه السؤال لها عن سبب التأخير وهنا طلبت منى كوبا من الماء وجلست بغرفة الصالون لتلتقط أنفاسها وأنا أنظر إليها انتظر ردها على سؤالى فنظرت إلى قائلة "إن هدى سكرتيرة المدرسة والمسؤلة عن تسليم رواتبنا لم تحضر اليوم لتسلمنا رواتبنا" ولا ندرى عنها شيئا فقلت لها لعل أصابها أمرا أخرها فقالت لى الله وحده يعلم ماحدث لها ولقد إتصل مدير المدرسة ببيتها فلم يرد أحدا عليه وبينما ننتظر حضورها أتى زوجها ليستفسر عن عدم عودتها للمنزل وهنا أصابنا جميعا القلق وبدأنا نتحدث عن سبب غيابها
فقلت لها إن شاء الله لا يكون قد أصابها مكروها هيا أعدى لنا الطعام فإنى جائع
وبعد تناول الغذاء إتصلت زوجتى بزميلة لها والتى أخبرتها أن هدى تسلمت مبلغ 87 ألف جنيه هى قيمة رواتب العاملين أمس وعادت لمنزلها على أن تعود اليوم لتسليم الرواتب وشاهدها بعض الجيران وهى خارجة من المنزل ولكنها لم تصل للمدرسة وقد بدأت الشرطة فى البحث عنها وعمل التحريات الازمة
عدت قرب منتصف الليل من عملى بالعيادة الخاصة وفور رؤية زوجتى سألتها هل من جديد فأخبرتنى أنه تم القبض على زوج هدى وجارى التحقيق معه وتم القبض على معاون المدرسة وأحد المدرسين للإشتباه بهم وهناك إشاعات خبيثة تقول أنها هربت مع شخص كانت على علاقة به "أستغفر الله العظيم" هكذا قالت زوجتى سامح الله هؤلاء الناس فهدى إنسانة محترمة ومتدينة ولم نرى عليها أى أمر يشينها
فى اليوم التالى وبعد عودة زوجتى من العمل بدأت حديثها لتروى آخر الأخبار حيث تم القبض على مدير المدرسة وتعرض كل من تم القبض عليهم للضرب والتعذيب للإعتراف بأى أمر له صلة بإختفاء هدى وذكر أحد أقارب هدى أن هناك من شاهدها وهى تستقل سيارة ملاكى فى الصباح برفقة شخص لا يعرفه وقد أدلى صاحب المركبة التى إستقلتها بعد إستلامها لمبلغ رواتب العاملين بشهادته وأنه قام بتوصيلها إلى منزلها أول أمس وجارى عمل التحريات والبحث عن صاحب السيارة التى إستقلتها فى طريقها للحضور للمدرسة
عدت من عيادتى الخاصة مساءا لتخبرنى زوجتى بأن خبر إختفاء هدى قد تم نشره بأحد الجرائد المحلية وأن مساعد وزير الداخلية إتصل بمدير أمن المحافظة وطلب سرعة ضبط الجناة وأعطاه مهلة لمدة 24 ساعة وإلا سيتعرض للتحقيق والمحاسبة هو وكل ضباطه وظللنا نتحدث عن هذا الأمر حتى وقت متأخر من الليل حيث غلبنا النوم
وفى اليوم الثالث أخبرتنى زوجتى بأنه تم إستخراج جثة هدة من إحدى الترع النائية فى حالة تعفن وبالكشف وجد أثر ضربات بموخرة الرأس بآلة حادة وكانت ترتدى ملابسها التى ذكر وصفها بمحضر الشرطة وبعد إتصال هاتفى بإحدى زميلات زوجتى أخبرتها بأنه تم إستدعاء ما يسمى بالفرقة الإنتحارية من ضباط شرطة العاصمة للمساعدة وتم إعادة التحريات وتوسيع دائرة البحث وتم القبض على عشرات الأفراد من جيران هدى
وفى مساء اليوم الثالث إتصلت زميلة زوجتى لتأتى بالخبر اليقين حيث تم القبض على الجانى وهو يعمل وكيلا لإحدى المدارس ومن جيران منزل أسرة هدى ويعرفها معرفة تامة وقد أعد خطته للإستيلاء على رواتب العاملين بالمدرسة وكان يراقب تحركاتها وإنتظرها بالطريق الذى إعتادت السير منه وعرض عليها توصيلها للمدرسة فرفضت فى البداية ولكن تحت إلحاحه وافقت وتعلل أ ثناء سيره بأن إحدى عجلات السيارة فى حاجة للتغيير وطلب مساعدتها وغافلها وضربها بالكوريك على مؤخرة رأسها ثم حملها ووضعها بشنطة السيارة وإتجه لتلك الترعة النائية وألقى بجثتها وهذا الشخص متزوج وله بنتان وولد وإبنته الكبرى بالصف الثالث الثانوى وزوجته قعيدة أثر حادث سيارة أصابها منذ عدة سنوات وهو مدمن للمخدرات وله سمعة سيئة
تلقينا الخبر بشيئ من السرورللقبض على الجانىو المختلط بحزن على هذه السيدة التى راحت ضحية لمجرم أعمى الله بصيرته وقاد الشيطان خطواته لطريق الجحيم
رحمك الله يا هدى وغفر لك ذنوبك وألهم أهلك الصبر والسلوان
****تمت*****