كان عندليب المغاربة محمد الحياني، وما زال يمثل ظاهرة لا يعرف الناس عنها إلا القليل. رحل وترك الكثير مما يمكن استكشافه عن جوانب إنسانية في حياته
يسمونه عبد الحليم حافظ المغربي، صوت جميل وحزن عميق. في أغانيه حنين جارف إلى تلك الأحاسيس الرقيقة التي خلدتها أغاني وأشعار الرواد.
رحل مبكرا وهو في قمة عطاءه ولم يترك من إرث آخر لعائلته سوى أغنياته.
ولد سنة 1945 بالدار البيضاء وبدأ مشواره الفني بالرباط أواخر الستينات.
غنى وأطرب ومثل كذلك فيلما سينمائيا سنة 1982 -دموع الندم- و لاقى نجاحا باهرا.
تظل أغنية "راحلة" تجسيدا حيا لمعاناته الحقيقية ولمصيره التراجيدي الذي يشبه إلى حد كبير مصير عملاق الشرق عبدالحليم حافظ .
عند دخوله المعهد الموسيقي الذي تلقى فيه أصول العزف على آلة العود لقي استحسان أساتذته والفنانين الذين تعرفوا عليه وفي مقدمتهم عبد القادر الراشدي الذي توسم فيه كل الخير ، حتى أنه اقترح عليه أن يوزع برنامج يومه بين تعلم مادة العود في نصف النهار ، وتلقي دروس الأداء في النصف الثاني ، ولكن الأستاذة الفرنسية التي كانت متخصصة في أصول الغناء كان لها رأي آخر ، إذ أومأت إلى الأستاذ الراشدي بأن الفنان الشاب يتمتع بصوت جيد وهو ليس بحاجة إلى دروس في هذا التخصص .
ويعد الراحل من أهم الأصوات المغربية التي التصقت بتجربة الشعر المغربي وقدمت نماذج أساسية لا يمكن لعشاق الفن الجميل إلا أن ينوهوا بها.
هذا الفنان الأصيل استمد نجاحه واستمرار يته من خلال اعتماده على نقائه وحسه الرفيع وشفافيته الإبداعية النادرة... وبالرجوع إلى أهم المحطات في مشواره الفني يمكن التوقف عند عقد الستينيات ، حينما تعرف على ثالـوث " القمر الأحمر " عبد الرفيع الجواهري ، وعبد السلام عامر وعبد الهادي بلخياط ... مع هؤلاء كان يحرص على حضور كل البروفات والجلسات الفنية للأعمال التي كان يتم إنجازها،. وبمعية الجواهري وعامر سيصل في أسمى القمم الفنية عبر رائعة " راحلة " التي كان من المقرر أول الأمر إسنادها للفنان عبد الهادي بلخياط ، وتعد رائعته " راحلة " من أروع الأغاني التي تضمنتها الخزانة الصوتية الوطنية.
توقف صوت عندليب المغرب محمد الحياني عن التغريد في فجر 23 أكتوبر 1996. كان يتشبث بالحياة حتى آخر دقيقة في حياته، وكله أمل في أن يستفيق من غيبوبة المرض الفتاك الذي تعايش معه 5 سنوات. و«هو على فراش المرض وعد ابنته الوحيدة حسناء أن يقيم لها حفلا بمناسبة عيد ميلادها يوم 16 أكتوبر، غير أن المرض لم يمهله وعجل بوفاته» كما قال صهره لـ«نيشان». عاش السنين الأخيرة لمرضه «لا يغادر البيت ويفضل مشاهدة التلفزيون أو الدندنة على آلته العود، ومن وقت لآخر يتمشى قليلا، رافضا حتى ركوب السـيارة. وظل على هذا الحال حتى بدأ مشواره المضني، يتنــقل بين مسـتشفيات المغرب وفرنسا طيلة خمس سـنوات تحت النفقة الملكية» يقول أخوه عزيز الغناء بليته والعفة أسلوبه
عاش محمد الحياني للغناء فقط منذ سن مبكرة، إذ كان أساتذته يشتكون من شغبه الفني في الفصل حين كان لا يتوقف عن الدندنة والضرب على الطاولة. انتبهت أخته فاطنة، التي احتضنت فترة مراهقته، لموهبته وساعدته على ولوج معهد موسيقي بالرباط، حيث تعلم أصول الغناء والموسيقى الكلاسيكية. ومنه مباشرة التحق بالجوق الوطني للإذاعة والتلفزة كمتمرن. قضى الحياني 33 سنة في أوج الأغنية المغربية، ومع ذلك لم يكن يلهث وراء أداء أكبر عدد من الأغـاني، بل كان حريصـا على حسن اختيار الكلمة الجادة واللحن الطروب، وقد يظل شهورا عديدة دون تسجيل أي أغنية حتى يعثر على ما يطرب أذنه وما يدفئ قلبه، علما أن الفن كان مورد عيشه الوحيد. لم ينسق الحياني وراء المغريات المادية في عالم الفن، ورفض الخضوع لسماسرة الغناء، متحديا «البيع والشراء والمحسوبية» في أرقى الفنون الإنسانية، وفضل الانعزال والانكماش على نفسه لفترة طويلة، مضحيا بشهرته من أجل الفن، ورفض أيضا الاشتغال في الكباريهات «مع أنه كان في أمس الحاجة إلى المال»، حسب ما أكده صهره. ولم يعدل عن قرار الاعتزال إلا بعد إلحاح عائلته وأصدقائه، محافظا دائما على قناعاته ومبادئه، وكانت هي الفترة التي سجل فيها أغانيه الأخيرة «انت لي وأنا ليك» و«إليزا» و«مستحيل» و«دنيا» في التسعينات. وحاول الحياني في وقت من الأوقات أن يبحث عن مورد آخر، فـ«فتح في البداية متجرا وآخر لبيع المأكولات الخفيفة، لكنه لم ينجح حتى في تدبير هذه التجارة الصغيرة».
زاهد في الحياة غير آبه بالمال، رغم شهرته الكبيرة، عاش الحياني حياة بوهيمية منطلقة، همه الوحيد هو إرضاء عائلته وفعل الخير. كان بعض زملائه يستغربون لعدم جريه وراء المال والشهرة. وكم كان يتبرع بأجره لمساعدة الناس والجمعيات، كما حصل سنة 1986، حيث أحيى سهرة فنية لفائدة جمعية تهتم بالمعاقين، وفي آخر السهرة وضع أجره الكامل، وهو 30 ألف درهم، في الصندوق قائلا «أنا أتبرع بهذا المبلغ للجمعية لأساعد بها المعاقين، فأنا لي أيضا أخت معاقة وأعرف ما تعنيه الإعاقة»، بحسب رواية أخيه عزيز. تصرفاته هذه، جعلت البعض يشك في طبيعة عمله، فمنهم من قال إنه يشتغل لفائدة الشرطة، خاصة حين رفض استلام أجره عن سهرة أحياها بمناسبة عيد العرش نظمت لفائدة رجال الشرطة. لم تقتصر إبداعاته الفنية على الأغنية المغربية، بل خلف أيضا أغان لم يسمعها الجمهور، منها ما غناه في أوبريت «لحن أمير»، وأغنية وطنية غناها مع عبدالحليم حافظ، بالإضافة إلى أغنية أخرى من ألحان الموسيقار بليغ حمدي وغناها في القصر الملكي بفاس. أكد صهره أنه «لولا اهتمام الراحل الحسن الثاني به لهمشه حساده، خاصة بعد نيله الأسطوانة الذهبية مرتين متتاليتين في السبعينات. وغالبا ما كان يأمر الملك بنفسه ليحيي له الحياني سهراته في القصر، غير أنهم كانوا يأتون بغيره فيغضب عليهم الملك ويضطرون للامتثال لأوامره». تصفه أخته فاطنة «بالزاهد في الحياة لا يأبه لكلام الآخرين ولا يتشاجر مع أحد كيفما كان نوعه. رافقه هدوءه وطيبوبته منذ صغره، عاش حياة بسيطة بين أبناء الحي البسطاء يساعدهم ويشاركهم أفراحهم وأقراحهم». أخوه عزيز يؤكد أن «محمد هو الوحيد الذي كان يحرص على جمع العائلة والارتباط الوثيق بين أفرادها، واحتفظنا بعد مماته بطقوسنا العائلية التي غرسها فينا»، أما صهره ورفيق دربه فيرى أن «محمد كان مرشد ومعيل العائلة، وكان الكل يطرق بابه ويتسع صدره للجميع، وكان يؤمن بأن عائلته هي الصديق الوحيد الأقرب إليه، وسعادته كبيرة حين كان يلتف مع أقربائه حول طاجين السمك أو «الجلبانة والقوق». يشهد له أصدقاؤه الفنانون بطيبوبته، إذ كان في جولاته الفنية يخصص غرفته الخاصة للنساء أعضاء الكورال في الفرقة الموسيقية احتراما لهن، ويؤازر الفنانين المحتاجين ماديا. ذلك هو عندليب المغرب، احب «راحلة».
مساره في سطور
1943: ولد الحياني بالبيضاء
1957: دخل المعهد الموسيقي بالمدينة نفسها
1963: سجل أول أغنية له رفقة الجوق الجهوي للدار البيضاء بعنوان «ياوليدي«
1967: عمل في مصر حيث لحن له بليغ حمدي ومحمد سلطان.
1971: غنى »راحلة».
:1972 غنى «بارد وسخون».
أقدم باقة من أغاني المرحوم المبدع محمد الحياني
من بعد الغربة
شكون فكرني
أنت لي
مع الأيام
ما كاين باس
ياك الجرح برى
لا سماحة يا هوى
أنا شفت عيون
غابو لحباب
راحلة
وقتاش تغني ياقلبي
يا الي بيك لقلب ارتاح
بارد وسخون
يا سيدي أنا حر
مالي ومال التنهيدة
والله ما أنت معانا
و بتواجدكم الطيب الذي ينير صفحاتي و تشجيعكم الدائم
والذي يزيدني حسا بالمسؤولية و البحث عن
كل ما هو مفيد و جديد وأشكركم على هذه الكلمات
الرقيقة. فلا عدمت طلتكم
شكرآ لكي أختي الكريمة نسمة المروج علي تعريفنا بفنان أصيل مثل عندليب المغرب محمد الحياني
ورغم أننا لم نعلم عنه الكثير
إلا أنك أختي الكريمة تفضلتي وقدمتي لنا تعريف كامل بهذا الفنان الذي قل الزمان أن يجود بمثله
شكرآ أختي الكريمة
مع خالص تحياتي
فارس
الله الله الله يا غالية نسمة والله اتقنت التفكير والاختيار
لهذا الصوت الملائكي ذا الحنجرة الذهبية الذي اطرب الملايين وصفقت له الالاف لعذوبة صوته ورزانة ادائه وهمة قيمته . عشنا اروع حالات الطرب الاصيل والكلمة الرنانة والشعر الموزون . تابعنا مسيرته الفنية بكل تدقيق. فقد كان نعم الفنان ونعم الانسان شهدت لاعماله المتميزة ارقى الاقلام . لكن الموت لم يمهله ليكمل المسير ففجاءته في عز شبابه الا ان صوته مازال في الآذان وحظوره في القلوب وما زال يذكر وتتابعه الاجيال في اعادة اغانيه باصواتها . رحم الله الفنان محمد الحياني واسكنه فسيح جنانه
بارك الله فيك يا غاليتي على هذا الاختيار الراقي لصوت ارقى وفي انتظار القادم
و بتواجدكم الطيب الذي ينير صفحاتي و تشجيعكم الدائم
والذي يزيدني حسا بالمسؤولية و البحث عن
كل ما هو مفيد و جديد وأشكركم على هذه الكلمات
الرقيقة. فلا عدمت طلتكم